السيستاني يطالب بسرعة إصدار القانون الجديد للانتخابات

التيار الصدري: المشروع الذي يناقشه البرلمان التفاف على موقف المرجعية

TT

السيستاني يطالب بسرعة إصدار القانون الجديد للانتخابات

في الوقت الذي ألزمت الكتل السياسية الرئيسية في العراق نفسها، بمهلة أمدها 45 يوماً، لتنفيذ الإصلاحات، بدأ البرلمان العراقي، الذي يمثل الكتل نفسها، بمناقشة قانون انتخابات جديد مختلف عليه بين القوى نفسها، ومرفوض من قبل المتظاهرين.
الكتل السياسية الـ12 التي وقعت الوثيقة السياسية، الأسبوع الماضي، كانت تنتظر رأي المرجعية الدينية العليا في النجف فيما ورد بتلك الوثيقة من مضامين، بما فيها المهلة الممنوحة لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة بعد إقالة عبد المهدي.
المرجعية الدينية، وفي محاولة منها لعدم الدخول في تفاصيل ما ورد في الوثيقة، حملت كل القوى والكتل السياسية مسؤولية ما يجري، ولخصت عبر خطبة الجمعة، أمس، في كربلاء، الموقف، وذلك بالدعوة إلى تشريع قانون انتخابات جديد ومفوضية مستقلة لإجراء الانتخابات. وخلال خطبة الجمعة، قال عبد المهدي الكربلائي، ممثل المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، إن «المرجعية الدينية قد أوضحت موقفها من الاحتجاجات السلمية المطالبة بالإصلاح في خطبة الجمعة الماضية من خلال عدّة نقاط، تضمّنت التأكيد على سلميّتها وخلوها من العنف والتخريب، والتشديد على حُرمة الدم العراقي، وضرورة استجابة القوى السياسية للمطالب المُحقّة للمحتجّين». وأضاف أن «المرجعية، إذ توكّد على ما سبق منها، تُشدّد على ضرورة الإسراع في إنجاز قانون الانتخابات وقانون مفوضيّتها بالوصف الذي تقدّم في تلك الخطبة، لأنّهما يُمهدّان لتجاوز الأزمة الكبيرة التي يمر بها البلد».
وأضاف الكربلائي، نقلاً عن السيستاني، قوله إنه «لا يجوز للحاكم والمسؤول أن يعتبر الرعية فريسة، والاستحواذ من خلال السلطة على مقدراتهم وأموالهم». وأكد أن «المظاهرات السلمية هي من الأساليب العصرية في إسماع مظلومية الشعوب وشكاواهم، ولا بد أن يفسح لهم الحاكم والمسؤول المجال لذلك، ويسعى إلى الاستجابة لهم وفق مبادئ الحق والعدل». ونوه السيستاني بأنه «لو تأملنا صفحات التاريخ لوجدنا أن الكثير من ثورات الشعوب وتمردها إنما هو بسبب الظلم الذي استشرى فيهم، ولم يجد هؤلاء غير لك سبيلاً للخلاص». وفيما لفت إلى أن «المستشارين قد يضللون الحكام والمسؤولين»، فإنه حذر من أن «سفك الدماء قد يؤدي إلى زوال الحكم وانتقاله إلى آخرين».
إلى ذلك، أعلن التيار الصدري رفضه القاطع لقانون الانتخابات، الذي أرسله مجلس الوزراء إلى البرلمان، كونه يمنح الأحزاب السياسية التي ينتفض العراقيون ضدها فرصة للعودة ثانية بأسلوب آخر. وقال عضو مجلس النواب عن تحالف «سائرون» سلام الشمري، في بيان له، إن «المرجعية الدينية تشدد باستمرار على تلبية مطالب المتظاهرين السلميين المشروعة، وليس كتابة قوانين ترسخ المحاصصة، وتلتف على صيحات وتضحيات المطالبين بالإصلاح الشامل». وأضاف أن «الحكومة تحاول جاهدة المراهنة على الوقت لإنهاء المظاهرات السلمية، إضافة لأساليبها الأخرى التي أدت إلى العديد من الضحايا والمصابين، وعدم إطلاع الرأي العام على الجهات التي تخطف الناشطين بشكل خاص». وأوضح أن «إرادة الأحزاب السياسية، وبقاء وجودها في السلطة، تحققت من خلال مشروع الانتخابات المعد والمرسل من قبل مجلس الوزراء، وهذا مخالف لتوجيهات ونصائح المرجعية الدينية».
واعتبر الشمري أن «مشروع قانون الانتخابات المرسل من قبل مجلس الوزراء التفافٌ على رأي وتوجيهات المرجعية الدينية واستخفافٌ بدماء الشهداء الثوار المتظاهرين المطالبين بالإصلاح». وشدد على أهمية أن «تعي الحكومة أن ما يحدث في البلاد انتفاضة شعب غاضب، يجب تلبية مطالبه المشروعة دون تأخير».
بدوره، أكد عضو البرلمان العراقي عن «تيار الحكمة»، فرات التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوثيقة التي تم التوقيع عليها من القوى السياسية هي خريطة طريق للحكومة والبرلمان والقضاء، وهو ما كانت قد طالبت به المرجعية في خطبتها الأسبوع الماضي عبر توقيتات زمنية واضحة». وأضاف أن «تطبيق هذه الخريطة لا يمكن أن يتم دون الالتزام بالتوقيتات الزمنية، وبخلافه، فإننا سوف نذهب باتجاه سحب الثقة من الحكومة في حالة تجاوزت المهلة الزمنية الخاصة بالإصلاح الذي يطالب به المتظاهرون، وأكدت عليه المرجعية في خطبها كلها». وأوضح التميمي أن «خريطة الطريق هذه هي الفرصة الأخيرة للحكومة في إثبات جديتها، والأمر نفسه بالنسبة إلى البرلمان، فإنه في حالة إخفاقه في حال عدم تشريعه للقوانين المهمة، فإنه لا بد من حله والذهاب باتجاه انتخابات مبكرة».
من جهته، يرى الدكتور ليث شبّر، المستشار السابق لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تأكيد المرجعية على سرعة إنجاز القوانين تعني أنها وضعت القوى السياسية في زاوية ضيقة تماماً». وأضاف شبّر أن «المرجعية تريد أن تقول لهم إنه في حال أنجزتم القوانين المطلوبة، فإن هذا هو المطلوب لإصلاح النظام السياسي، وإلا فإنه لا بد من الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهو ما يعني خسارة الأحزاب الحالية». أما الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي، فيقول، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «المرجعية تحاول أن تثبت ما كانت قد حددته في الخطبة السابقة، حيث يبدو أن رسالة المرجعية لم تصل إلى القوى السياسية، كما أن القوى السياسية تغاضت عن خطبة المرجعية آنذاك، ولذلك عادت للتوضيح والتأكيد على أن الخروج من الأزمة يرتبط بقانون جديد للانتخابات ومفوضية جديدة». وأشار إلى أن «الأزمة الكبيرة التي نعيشها اليوم لا يمكن أن تحل إلا بهذه الطريقة عبر التأكيد على مفصلي الانتخابات والمفوضية، وبالتالي هي رسالة للقوى السياسية التي لا تريد على ما يبدو أن تفهم خطب المرجعية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.