غضب الشارع العراقي يمهد لملاحقة كبار الفاسدين

TT

غضب الشارع العراقي يمهد لملاحقة كبار الفاسدين

كشف رئيس سابق لهيئة النزاهة ونائبة في البرلمان العراقي، عن البدء في اتخاذ إجراءات قضائية حادة خلال الفترة المقبلة، تطال فاسدين كباراً لم يكن ممكناً قبل انطلاق المظاهرات الأخيرة في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الاقتراب منهم.
وفي تصريحات صحافية، قال رحيم العكيلي الرئيس الأسبق لهيئة النزاهة العراقية، إن «هناك تطوراً إيجابياً في التعاطي مع قضية الفساد، قد يكون ظرف الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية في العراق دفع بالجهات التحقيقية والقضائية إلى القيام بواجباتها بأكثر جدية، وهي بشائر خير، وأشد على يد السلطة القضائية وهيئة النزاهة في تلك الإجراءات».
وحول مؤشرات الفساد وحجم الأموال الضائعة، أكد العكيلي: «بحسب تقديرات وتقارير إعلامية أشارت إلى ما يقارب 350 - 400 مليار دولار أهدرت بين عامي 2006 و2014. وهناك مؤشرات إلى أكثر من 6 آلاف مشروع بقيمة 227 مليار دينار عراقي، نسبة الإنجاز فيها رغم انتهاء مدد تنفيذها بين 1 - 5 في المائة فقط، و12 ألف مشروع لغاية 2012 لم ينفذ منها سوى 500 مشروع رغم صرف جميع أموال تلك المشروعات».
أما هدى سجاد، عضو البرلمان عن «ائتلاف النصر» الذي يقوده رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، فقد أكدت أن «الكتل السياسية وصلت إلى مستوى أن الجمهور لن يتحملها بعد اليوم، والجمهور أصبح يشخص المشكلات»، مبينة أنه «عند استضافة وزير المالية فؤاد حسين، ووزير النفط ثامر الغضبان، ورئيس ديوان الرقابة المالية في جلسة للبرلمان، حول صرف تعويضات الموظفين في إقليم كردستان، تضمن أن هذه الأموال التي صرفت مقدارها 453 مليار دينار شهرياً كتعويضات لموظفي الإقليم، وأكد وزير المالية أنه تم صرف هذه الأموال وفق قرارات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، رغم كتب شركة (سومو) بعدم تسديد برميل نفط واحد من قبل الإقليم وفق الموازنة».
وحول أوامر القبض والاستقدام لمسؤولين، قالت النائبة: «في حال شرع قانون النزاهة بجريدة (الوقائع الرسمية)، فسنسمع عن استقدامات كثيرة يفزع منها الجميع، والاستقدام نتيجة أخبار، وعلى ضوئه يتم الاستقدام».
وكان القضاء العراقي قد أصدر خلال الأيام الماضية عدة مذكرات قبض واستقدام بحق عدد كبير من المسؤولين من المستويات الوسطى، مع عدد محدود من الوزراء السابقين والنواب، بمن فيهم نواب حاليون. كما أصدرت هيئة النزاهة قرارات كثيرة بحق عدد آخر من المسؤولين، وهو ما يحصل للمرة الأولى، الأمر الذي يعده المراقبون بمثابة تمهيد للتحرش بمن يطلق عليهم في العراق «حيتان الفساد» من كبار المسؤولين.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».