الصين تضع قواعد «الحرب والسلام» مع الولايات المتحدة

شي: نرغب في اتفاق تجاري مع واشنطن... لكن «لا نهاب» المواجهة

الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش استقباله عدداً من الشخصيات الأميركية المرموقة أمس في بكين (إ.ب.أ)
الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش استقباله عدداً من الشخصيات الأميركية المرموقة أمس في بكين (إ.ب.أ)
TT

الصين تضع قواعد «الحرب والسلام» مع الولايات المتحدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش استقباله عدداً من الشخصيات الأميركية المرموقة أمس في بكين (إ.ب.أ)
الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش استقباله عدداً من الشخصيات الأميركية المرموقة أمس في بكين (إ.ب.أ)

بينما يرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن اتفاقاً تجارياً مع الصين قد يكون «قريباً جداً»، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ، الجمعة، أن بلاده ترغب في التوصل إلى اتفاق تجاري مبدئي مع الولايات المتحدة؛ لكنها «لا تخشى» المواجهة، إذا استدعى الأمر، مشدداً على أن بكين ستطبق إصلاحات اقتصادية بالوتيرة التي تناسبها.
ونادراً ما يتطرق شي، بأسلوب مباشر لهذه الدرجة، إلى الحرب التجارية في تصريحاته التي تأتي بعد يومين من إشارة الرئيس الأميركي ترمب، إلى أن بكين «لم تقدم تنازلات كافية حتى الآن» تسمح بالتوصل إلى اتفاق.
وتتواجه القوتان الاقتصاديتان، الأكبر في العالم، في نزاع تجاري منذ أكثر من عام، وتبادلتا فرض رسوم جمركية على منتجات بقيمة مئات مليارات الدولارات. وقال شي لمسؤولين أميركيين سابقين وغيرهم من الشخصيات الأجنبية المهمة في بكين: «كما قلنا مراراً، لا نريد بدء الحرب التجارية؛ لكننا لا نخشى» اندلاعها.
وأضاف أمام المجموعة التي ضمّت وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، ووزير الخزانة السابق هنري بولسون، ورئيس الوزراء الأسترالي الأسبق كيفن راد: «سنخوض المواجهة عند الضرورة، لكننا نعمل بشكل نشط لتجنب اندلاع حرب تجارية».
وأعلن ترمب في 11 أكتوبر (تشرين الأول) التوصل إلى اتفاق «في المرحلة الأولى» يتطرق إلى مسائل تعد مهمة بالنسبة للولايات المتحدة تتعلق بالتجارة مع الصين والممارسات المرتبطة بالعملة.
لكنه بعد أكثر من شهر، لم يضع الطرفان بعد اللمسات الأخيرة على نص أي اتفاق. ويطالب المسؤولون الأميركيون بأن تبرم الصين صفقات كبيرة لشراء منتجات زراعية من الولايات المتحدة. وأجرى كبار المفاوضين التجاريين محادثات هاتفية، السبت، وصفتها وزارة التجارة الصينية بـ«البنّاءة» بشأن اتفاق مبدئي.
وتصرّ الصين على وجوب إلغاء الولايات المتحدة الرسوم التي فرضتها، وهو أمر أشار ترمب إلى أنه لم يوافق عليه. وقال ترمب الأربعاء: «يمكنني أن أقول لكم ذلك. تسعى الصين أكثر منّي لاتفاق تجاري». وأضاف: «لا أعتقد أنهم يصلون إلى المستوى الذي أريده» فيما يتعلق بالتنازلات.
وبالأمس، قال ترمب إن اتفاقاً للتجارة مع الصين «من المحتمل أن يكون قريباً جداً»، ومتحدثاً إلى قناة «فوكس نيوز» التلفزيونية، قال ترمب إنه أوضح للرئيس الصيني أن «هذا لا يمكن أن يكون اتفاقاً متكافئاً»، بسبب الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة. وأضاف قائلاً: «علينا أن نقف مع هونغ كونغ؛ لكنني أيضاً أقف مع الرئيس شي».
ويحذر خبراء اقتصاديون من أن النزاع التجاري الممتد منذ فترة طويلة بين أكبر اقتصادين في العالم يزيد المخاطر على الاقتصاد العالمي عبر تعطيل سلاسل التوريد، وتقليص الاستثمار، وكبح ثقة الشركات.
وقال خبراء تجاريون وأشخاص مقربون من البيت الأبيض لـ«رويترز»، إن إتمام اتفاق المرحلة واحد قد يُؤجل إلى العام المقبل، مع طلب بكين إلغاء أكثر شمولاً للرسوم الجمركية، ورد واشنطن بالمزيد من الطلبات من جانبها.
وأمام المشاركين في «منتدى بلومبرغ للاقتصاد الجديد»، قال شي: «نريد العمل باتجاه اتفاق مرحلة أولى قائم على الاحترام المتبادل والمساواة». وحذّر الرئيس الصيني من أن المحادثات التجارية «قد تؤثر على التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي»، لكن بكين تتخذ «موقفاً إيجابياً».
بدورها، أشارت خبيرة الاقتصاد لدى شركة «إينودو إيكونوميكس» ديانا شويليفا، إلى أن تصريحات شي لا تعني أن بكين على وشك بدء نزاع تجاري، لكنها تظهر أنها «لن تتراجع».
وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية، خلال المنتدى، إن «أسلوب التفاوض وغياب الثقة الذي تسبب به ترمب جعلته (شي) مقتنعاً بأن لا فائدة من تقديم الكثير من التنازلات».
وكرر شي تعهد الصين بإصلاح اقتصادها، عبر إدخال مزيد من الانفتاح فيه، لكنه أشار إلى أن بلاده كانت «حذرة للغاية ومتشددة» حيال الأمر. وقال: «لا يمكننا تحمّل أي خطأ كبير أو أساسي. إذا انقلبت سفينة عملاقة كالصين فلا يمكن إنقاذها».
وأطلق ترمب الحرب التجارية في مارس (آذار) 2018، مطالباً الصين بإنهاء الممارسات التي اعتبرت غير منصفة، على غرار النقل الإجباري للتكنولوجيا من الشركات الأميركية والدعم الحكومي الضخم المقدّم للشركات الصينية.
وقال شي إن بكين تحتاج لتحقيق تقدم في إصلاحاتها في الشركات الحكومية وحماية حقوق الملكية الفكرية. وأكد أن «هذا ليس أمراً مفروضاً علينا. نقوم بذلك بمبادرة منا».
وأشار الرئيس الصيني إلى أنه أبلغ مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، التي التقت به في وقت سابق، أن الصين ستستمر على مسار الإصلاح المالي والانفتاح، لكن بـ«شرط ضمان أمن سيادة بلدنا المالية».
وتشكّل التكنولوجيا جبهة رئيسية أخرى في الحرب التجارية، إذ أثارت واشنطن حفيظة بكين عبر فرض عقوبات على مجموعة «هواوي» العملاقة للاتصالات، وسط مخاوف أميركية من احتمال استخدام معداتها للتجسس من قبل بكين. وحذّر شي من أن «الستار الحديدي التكنولوجي» من شأنه أن يؤثر على «الاحتمالات المستقبلية للإنسانية».
بدوره، قال وزير الخزانة الأميركي السابق بولسون، للرئيس الصيني، إن تكنولوجيا الجيل الخامس من الإنترنت فائقة السرعة قد تتحول «إما إلى مصدر نزاع أو تعاون بين الولايات المتحدة والصين». وصرّح: «أعتقد أن مفتاح التقليل من احتمال النزاع هو قيامنا بتطوير معايير مشتركة للتكنولوجيا الناشئة».
من جهته، قال كيسنجر للرئيس الصيني، إن «على بلدينا التعاون من أجل نظام دولي مزدهر». وحذر وزير الخارجية الأميركي الأسبق، خلال المنتدى، الخميس، من احتمال تحوّل الحرب التجارية بين البلدين إلى نزاع مسلح.
وأشار شي كذلك إلى «حلمه الصيني» بإعادة وضع البلد الآسيوي العملاق في مكانه الصحيح على الخريطة العالمية. وقال: «إنه ليس حلماً بالهيمنة أو الحلول مكان آخرين... نحاول فقط استعادة مكانتنا ودورنا في العالم».
وفي سياق ذي صلة، نقل تلفزيون الصين الرسمي عن رئيس الوزراء لي كه تشيانغ قوله الجمعة، إن الصين ستُبقي على عملتها اليوان مستقرة بشكل أساسي داخل نطاق معقول، ولن تلجأ إلى خفض تنافسي في القيمة.
ونقل التلفزيون المركزي الصيني عن لي قوله في اجتماع مع غورغيفا، إن بكين ستمضي قدماً في إصلاح للعملة يستند إلى السوق. وقال إن الصين ستجعل قطاعات البنوك والأوراق المالية والتأمين لديها أكثر انفتاحاً، مضيفاً أنها تعمل في اتجاه تحقيق هدف الإلغاء الكامل للقيود على ملكية الأجانب في تلك القطاعات.
في غضون ذلك، كشف تقرير إخباري، الجمعة، أن إجمالي الناتج المحلي للصين قد زاد بقيمة 270 مليار دولار في عام 2018، مقارنة بتقديرات أولية صدرت العام الماضي.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن هذه المراجعة أضافت لإجمالي الناتج المحلي لثاني أكبر اقتصاد في العالم نحو قيمة الناتج المحلي لدولة فنلندا العام الماضي.
ووصل إجمالي الناتج المحلي للصين في عام 2018 إلى 91.9 تريليون يوان (13.8 تريليون دولار)، بزيادة 2.1 في المائة عن القراءة الأولية. وأضافت هذه المراجعة 1.9 تريليون يوان إلى إجمالي إنتاج الصين للعام الماضي، وهو ما يزيد عن إجمالي الناتج المحلي لفيتنام في العام نفسه.
وقال المكتب الوطني للإحصاء، إن هذه التعديلات جرت بناءً على نتائج الإحصاء الرابع الشامل لجميع أنحاء البلاد، الذي كشف عن أنشطة اقتصادية لم تتضمنها بيانات الإحصاء من قبل. وأوضح المكتب أن هذه المراجعة لن يكون لها تأثير كبير على إجمالي الناتج المحلي للبلاد للعام الحالي.
يُشار إلى أن الحكومة الصينية عادة ما تراجع إجمالي الناتج المحلي بعد إجراء المسح السنوي الخامس. ومن شأن هذه المراجعة بالزيادة أن تساعد الصين في تحقيق أهدافها بأن تصبح «مجتمعاً يشهد ازدهاراً معتدلاً» من خلال مضاعفة إجمالي الناتج المحلي ودخل الأسر بحلول في عام 2020، مقارنة بمستويات عام 2010.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».