نتنياهو يواجه رسمياً اتهامات «الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة»

في أخطر قضية لرئيس حكومة... والحكم قد يصل إلى السجن 9 سنوات

المدعي العام الإسرائيلي أفيحاي مندلبليت خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه توجيه التهم لنتنياهو (في الإطار) أمس (أ.ف.ب)
المدعي العام الإسرائيلي أفيحاي مندلبليت خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه توجيه التهم لنتنياهو (في الإطار) أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يواجه رسمياً اتهامات «الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة»

المدعي العام الإسرائيلي أفيحاي مندلبليت خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه توجيه التهم لنتنياهو (في الإطار) أمس (أ.ف.ب)
المدعي العام الإسرائيلي أفيحاي مندلبليت خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه توجيه التهم لنتنياهو (في الإطار) أمس (أ.ف.ب)

أعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيليّة، أبيحاي مندلبليت، مساء أمس الخميس، قراره النهائي بشكل رسمي تقديم لوائح اتهام ضد رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، في قضايا الفساد، ووجه المدعي العام أخطر هذه التهم، بتلقي الرشا، إضافة إلى الاحتيال والغش وخيانة الأمانة، وهي اتهامات خطيرة توصل صاحبها إلى حكم بالسجن حتى 9 سنوات في حال أدين فيها، وتعد التهمة الأولى من نوعها ضد رئيس حكومة في منصبه والتي قد تقضي على مستقبله السياسي، فيما اعتبر نتنياهو تلك التهم انقلابا ضد اليمين الذي يتزعمه.
وجاء في بيان لوزارة العدل الإسرائيلية وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية أن «المدعي العام قرر تقديم لائحة اتهام (ضد نتنياهو) في ثلاث قضايا عن جرائم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة وذلك أثناء توليه منصب رئيس الوزراء»، وهي تهمة تلقي الرشا وخيانة الأمانة والخداع في الملف «4000» المعروف بقضية شركة الاتصالات بيزك. كما وجهت له تهمة الخداع وخيانة الأمانة في الملف «1000» المعروف بتقديم هدايا من أنواع فاخرة من السيجار وزجاجات الشمبانيا والمجوهرات، والثالثة تهمة الخداع وخيانة الأمانة في الملف «2000» المعروف بقضية «يديعوت أحرونوت» أكثر الصحف انتشارا، لمحاولة التوصل إلى اتفاق مع الناشر مالك الصحيفة للحصول على تغطية إيجابية له وذلك خلال فترة ولايته بصفته رئيسا للوزراء ووزيرا للاتصالات.
وقال المدعى العام إنه وصل إلى هذه النتيجة بعد دراسة معمقة لملفات التحقيق مع نتنياهو وعشرات الشهود، فيما رفض نتنياهو من جهته تلك الاتهامات والتأكيد أنه وعائلته يتعرضون لمؤامرة خطيرة لكنه سيواجهها بالحقائق الثابتة في المحكمة بشكل يجعلها تنهار الواحدة تلو الأخرى. وأكدت مصادر مقربة من نتنياهو أن قرار المستشار لا يعني إدانة نتنياهو وأن المسيرة القضائية ستكون طويلة، ولن تؤثر على أدائه بصفته رئيس حكومة. بل سينجح في الحصول مرة أخرى على ثقة الجمهور في الانتخابات القادمة.
ويستند هؤلاء في هذا التحليل إلى وجود إمكانيات واسعة أمام نتنياهو للتنكيل بالجهاز القضائي. فلائحة الاتهام لا تعني أن المحاكمة ستبدأ في القريب. ولكون نتنياهو عضو كنيست منتخبا، فسيكون على الكنيست أن ينزع حصانته. وهذا يحتاج إلى قرار في لجنة النظام في الكنيست. وفي الوقت الحالي لا توجد لجنة كهذه بسبب عدم تشكيل حكومة أو ائتلاف حكومي. وإذا جرت الانتخابات فعلا، فسيحتاج لتشكيل لجنة لستة أشهر. وسيتوقف الأمر على شكل الائتلاف الحكومي القادم. فإذا فاز نتنياهو فعلا، فإن ائتلافه لن يقرر نزع حصانته بسهولة، ولذلك فإن المحكمة ستتأخر.
وقد أكدت مصادر سياسية أن طاقم محامي نتنياهو كانوا قد نصحوه بأن يذهب إلى انتخابات ثالثة؛ لأن هذه الخطوة قد تمنحه مزيداً من الوقت للتعامل مع ملفات الفساد التي تلاحقه، وتوفر له الفرصة لإدارة ملفاته أمام سلطات إنفاذ القانون بشكل أفضل.
وكان مندلبليت قد أبلغ نتنياهو قبل عدة أشهر بأنه سيواجه شبهات فساد في 3 ملفات أساسية، كانت وحدة التحقيقات في الشرطة قد حققت معه بشأنها في العامين الماضيين، وخلصت فيها إلى أن ثمّة ما يكفي من القرائن لإدانته، فيما كان يتوقع أنه في حال ثبتت التهمة على نتنياهو يكون الحكم فيها السجن 3 سنوات، وليس تلقي الرشوة التي يكون الحكم فيها 9 سنوات. ومع ذلك فإن رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، الذي أدين بهذه البنود السهلة كان قد أمضى في السجن سنتين. ولذلك فإن الاتهامات تبقى خطيرة عليه في كل الأحوال. ويقول مراقبون إن نتنياهو لن يدخل السجن في نهاية المطاف، بل سيرى كيف تتطور المحاكمة وفي لحظة ما يمكنه أن يبرم صفقة مع النيابة تقضي بإغلاق الملفات مقابل اعتزاله الحياة السياسية. لكن تقديرات في النيابة تقول إنه في حال دخل المحاكمة، فلن يخرج منها بأي صفقة. فإن كان يريد صفقة فعليه أن يبرمها الآن ويعتزل حالا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».