قد يكون الدوري الإنجليزي الممتاز أضخم مسلسل يومي لكرة القدم في العالم، لكن التغيير المدهش الذي أجراه توتنهام هوتسبير يوم الأربعاء سيحظى بإعجاب حتى أفضل كتاب السيناريو. فقد عاد «العبقري الشرير» بسترته السوداء للظهور مجددا وهذه المرة داخل أروقة ناد دأب على الاعتزاز بصورته كفريق يحافظ على جمال وروعة كرة القدم.
ولا تتناسب طريقة جوزيه مورينيو مع أسلوب توتنهام كما أن المدرب البرتغالي لا يريد أن يخسر «التوليفة الصحيحة» لتحقيق الانتصارات. فقد توج مورينيو بألقاب في البرتغال وإسبانيا وإيطاليا وإنجلترا لأنه كان يلعب من أجل الفوز وتركزت خططه على تحقيق نتائج وليس على تقديم المتعة والجمال للجمهور.
وفي خضم هذه الدراما متعددة الأوجه يبرز جانب مهم يتعلق برغبة مورينيو في تدريب النادي اللندني ليثبت ذاته بعد فترة امتدت لموسمين ونصف في مانشستر يونايتد غلب عليها الإخفاق وطالت كثيرا من سمعته. ومن المؤكد أن مورينيو (56 عاما) يدرك أن ما طالب به من «احترام ثم احترام ثم احترام» ملوحا بثلاث أصابع ليشير إلى عدد مرات تتويج تشيلسي بلقب الدوري معه لن يغير من الأمر شيئا.
ومورينيو قادر على لفت الانتباه ومستعد دائما لإثارة الجدل ويدرك تماما مدى تأثير ذلك لزيادة جذب الأنظار في إنجلترا تماما كما هو الحال في إيطاليا التي قاد فيها إنتر ميلان للتألق وإسبانيا التي سطر فيها قصة نجاح مع ريال مدريد. وتبدو المفارقة واضحة في حصول مورينيو على المهمة بعد الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو. فقد كان اسم بوكيتينو مطروحا بقوة لخلافة مورينيو في الأيام الأخيرة التي أمضاها في أولد ترافورد. وأشار كثير من المعلقين إلى أن أسلوب بوكيتينو الجذاب في اللعب هو العلاج المثالي لمداواة مانشستر يونايتد من طريقة مورينيو العملية بشكل زائد عن اللزوم. وظهر أيضا معلقون صوروا مورينيو على أنه مدرب قديم عفا الزمن على أسلوبه الذي تراجع أمام الطريقة الأحدث والأكثر تطورا التي يتبعها بوكيتينو.
لكن سرعان ما تتبدل الأحوال في عالم كرة القدم، أو هكذا يفكر مورينيو بينه وبين نفسه، لكنه سيدرك أيضا أنه مدرب محظوظ للغاية ليتولى تدريب توتنهام بعد بوكيتينو. ففي أولد ترافورد تولى مورينيو تدريب فريق من دون شخصية ويحتاج لإصلاحات كبيرة لكن مهمته الآن مع توتنهام تتمثل في تحسين نتائج فريق تأهل قبل أشهر قليلة إلى نهائي دوري أبطال أوروبا.
ففريق مورينيو الجديد قائده هو المهاجم البارز هاري كين قائد منتخب إنجلترا ويضم بين صفوفه أيضا الكوري الجنوبي سون هيونغ - مين وهو واحد من أبرز المهاجمين في الدوري الإنجليزي. ويمكن لصانع اللعب الدنماركي كريستيان إريكسن أن يصنع فرصا لهذا الثنائي الهجومي. وإذا كان بإمكان مورينيو مساعدة ديلي آلي على إعادة اكتشاف نفسه مجددا فلن يقف شيء أمام توتنهام ليستعيد وهج قدراته الهجومية مجددا كما حدث في أفضل سنوات المدرب السابق بوكيتينو.
هذا هو الجانب الآخر من الصورة رغم أن توتنهام سيكون بحاجة إلى مزيد من تحسين مستواه. وإذا كان هناك احتمال بعدم استمرار قلبي الدفاع يان فرتونن وتوبي ألدرفيرليد مع النادي لكن هذا الثنائي البلجيكي صاحب الخبرة يمكنه على الأقل ضمان استقرار الأمور على المدى القصير. وتميز توتنهام بروح الفريق في فترة مبكرة عقب تولي بوكيتينو مهمة التدريب. لكن هذه الروح تضررت بشدة خلال الأشهر الأخيرة خاصة مع قرب انتهاء فترة عقد إريكسن وغيره من اللاعبين البارزين مع النادي.
وكان غياب الروح الإيجابية بين اللاعبين هو بالتحديد ما عانى منه مورينيو حين كان يدرب مانشستر يونايتد وتسببت عصبيته في تراجع الروح المعنوية والحماس بين اللاعبين، وهو ما تحسن كثيرا بمجرد تولى النرويجي أولي جونار سولسكاير المهمة في أولد ترافورد.
وهناك منطق يقف خلف قرار دانييل ليفي رئيس توتنهام بتكليف مورينيو بهذه المهمة مع توتنهام الذي يحتاج إلى كثير من الصفات التي أظهرها المدرب البرتغالي خلال مسيرته المهنية. أما السؤال الحقيقي فيتعلق بالشخصية التي ستظهر مع توتنهام هل ستكون شخصية مورينيو المتحمس والمغامر التي ظهرت مع إنتر ميلان وبورتو وخلال الفترة الأولى التي أمضاها مع تشيلسي أم الشخصية الباهتة التي ظهرت في مانشستر يونايتد؟ شيء واحد مؤكد هو أن الأمور باتت الآن أكثر إثارة وتشويقا.
هل يراهن توتنهام على استعادة مورينيو بريقه؟
بعد أن مر بفترة غلب عليها الإخفاق ونالت من سمعته
هل يراهن توتنهام على استعادة مورينيو بريقه؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة