أسامة الرحباني: الموسيقى التصويرية اختصاص وقلة يتقنونها في لبنان

انتهى أسامة الرحباني مؤخرا من وضع الموسيقى التصويرية لمسلسل «هوس»
انتهى أسامة الرحباني مؤخرا من وضع الموسيقى التصويرية لمسلسل «هوس»
TT

أسامة الرحباني: الموسيقى التصويرية اختصاص وقلة يتقنونها في لبنان

انتهى أسامة الرحباني مؤخرا من وضع الموسيقى التصويرية لمسلسل «هوس»
انتهى أسامة الرحباني مؤخرا من وضع الموسيقى التصويرية لمسلسل «هوس»

قال الموسيقي أسامة الرحباني، إنه عادة ما يتبع الجو العام للفيلم أو المسلسل الذي ينوي وضع موسيقى تصويرية له. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أطر عدة متبعة في هذا الإطار من قِبل الموسيقيين في العالم. فهناك من يكتفي بقراءة نص وسيناريو العمل لينجز مهمته. في حين الأوروبيون يشتغلونها بشكل عام ويضعونها بتصرف المخرج، كما أن البعض يتبع تفاصيل الحركة المشهدية. أما أنا فأستلهم موسيقاي التصويرية من الجو العام للعمل ومن شخصياته مما يدفع بالمخرج إلى تركيب الصورة على هذا الأساس».
وأسامة الرحباني الذي سبق وقام بتأليف الموسيقى التصويرية لأفلام سينمائية وأعمال دراما كـ«العوسج» و«الموت القادم إلى الشرق» و«الينابيع»، ومؤخراً «طريق» تخصص في هذا العلم الفني في أميركا؛ مما يجعله من المحترفين فيه. «هو اختصاص بحد ذاته وموروثه له علاقة بالموسيقى الكلاسيكية، كما أنه يدخل في خانة الفن الانطباعي؛ لأنه يترجم صورة مشهدية. وأحياناً كثيرة يأخذ الطابع التجريدي إلا أنه وفي غالبية الأحيان هو بمثابة شرح للصورة. كما أنه يترجم أجواء العمل وطبيعته إذا ما كانت تتصف بالتوتر أو الشجن أو الرومانسية، وما إلى هنالك من أنواع أخرى. فالموسيقى لا لغة لها فتخترق حواس الإنسان من دون استئذان، وتحدث لديه هذا الشعور بالخوف والهوس والتوتر وغيرها».
ويتحدث الرحباني شارحاً: «في هذا الإطار نكون في حاجة ضرورية إلى معرفة الموضوع الذي يدور حوله الفيلم أو المسلسل، وبالتالي الشخصيات والكاركتيرات القائمة فيه. وإذا كنت على معرفة بالممثلين الذين يجسدون هذه الأدوار فهو أمر يغني خلفية المؤلف ويساهم في بلورة أفكاره الموسيقية؛ إذ يكون على علم مسبق بردود فعلهم الحقيقية مما يسمح للطرفين بالتفاعل معها ضمن إطار الأداء. وهذه الشخصيات تزودك بخطوط معينة لترسمي من خلالها القالب الموسيقي الملائم. وفي الوقت نفسه تتيح للمخرج أن يستخدمها في الفراغات (مشاهد صامتة) ليستحدث خطاً درامياً يتجلى بالصورة. وهذه الموسيقى بالذات تتحكم بالعمل ككل لتجعله متجانساً إلى أبعد حد».
ويشير أسامة الرحباني في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه في مسلسل «هوس» كان سعيداً بالتقيد بأداء ممثلين على طراز عابد فهد وهبة طوجي. «الاثنان يتقنان الفن التمثيلي في العمق ولا يمارسانه بسطحية. فالأول يعد قامة فنية لها باعها الطويل في عالم الدراما العربية، والأخرى هي ممثلة مسرح ومخرجة ومنتجة لديها قوة لا تضاهى في كيفية التعاطي مع الشخصية التي تلعبها وبسرعة».
والمعروف أن مسلسل «هوس» ويتألف من 10 حلقات والذي أطلق البوستر الترويجي له مؤخراً، هو من إنتاج شركتي «غولدن لاين» و«أي سي ميديا» ومن كتابة ناديا الأحمر وإخراج محمد لطفي. أما قصته، فترتكز على البطلين المذكورين وتدور في أجواء الانفعال والتوتر اللذين يولدان الهوس. وتأتي الموسيقى التصويرية التي وضعها أسامة الرحباني لتبرزها في نوتات موسيقية تميل إلى الغربية بشكل أكبر. «لقد ترجمت هوس عابد فهد بزوجته في المسلسل ألا وهي هبة. وفي الوقت نفسه تلعب هبة ثلاث شخصيات مختلفة ومركبة في العمل؛ مما يساهم في وضع موسيقى منوعة تلائم تنوعها. فهناك خطوط درامية كثيرة في العمل تأخذ المشاهد مرات إلى صورة متوترة وتجريدية ومرات إلى الرومانسية والحماسية فتحلق ضمن سماء فنية واسعة». وهل ساندت هبة كمدير لأعمالها في قرارها لدخول أول تجربة درامية لها؟ يرد: «لطالما تلقت هبة عروضاً تمثيلية كثيرة لبطولة أفلام أو أعمال دراما.
وكان الوقت يعاكسها لانشغالها وارتباطها في أخرى ضمن لبنان وخارجه. كما رفضنا أخرى لا تتلاءم مع تطلعات هبة الفنية هي التي أحيت حتى اليوم أكثر من 500 عرض للمسرحية الاستعراضية «أحدب نوتردام» خلال أربعة أعوام. فتنقلت بين لندن، وكندا، وتركيا، ولبنان، وفرنسا، وبلجيكا، وسويسرا، وموسكو، ومدن الصين، وغيرها مما جعلها تتقن التمثيل بجدارة. ولا يمكننا أن ننسى حفلاتها الغنائية لهذه السنة التي فاقت الـ170 حفلة. لكن ما ساهم في موافقتنا على مشاركتها هذه هو تركيبة المسلسل التي لا تتجاوز الـ10 حلقات من ناحية، وكذلك حبكته ككل؛ إذ كانت تبحث عن دراما تحاكي طموحاتها، ولا سيما أنها ابنة مسرح ومتمرسة فيه. وحالياً توفق هبة ما بين ارتباطاتها في الخارج وأوقات تصوير العمل الذي شارف على نهاية 70 في المائة من مجمل عملية تصويره».
استغرق الرحباني لتأليف هذه الموسيقى نحو ثلاثة أسابيع ويعلق: «تطلّبت مني تركيزاً وجهداً كبيرين فليس من السهل وضع موسيقى تصويرية مدتها نحو 60 دقيقة ليتفاعل معها المشاهد من ناحية وتترجم حبكة النص وسياقه من ناحية ثانية. وكلما تمتع الموسيقي بالإلمام والثقافة والمعرفة استطاع أن يفيد العمل المصور ويغنيه. وأحياناً كثيرة يلعب الصمت دوره في فراغات تتقاطع مع الموسيقى، وتساهم ارتدادات الفراغ هذا لزيادة منسوب الرعب أو الجنون والتوتر السائد على مشهدية معينة».
لكن، هل برأيك أن الموسيقى التصويرية من شأنها أن تنجِح عملاً ما وتفشِل آخر؟ يرد الرحباني في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أنا شخصياً أتأثر بموسيقى عمل ما، فإما يشدني لمشاهدته أو العكس، ولا بد من الإشارة إلى أن عملية المونتاج للعمل مهمة في هذا الإطار. فكلما كانت جيدة ومتقنة ساهمت في تقريب الحس الموسيقي من الصورة المشهدية. وفي لبنان قلة من الموسيقيين يتقنون هذا الفن أو متخصصون فيه».
وتجدر الإشارة إلى أن الموسيقي إلياس الرحباني، شقيق الراحل منصور الرحباني والد أسامة، حقق نجاحات كثيرة في عالم الموسيقى التصويرية لنحو 25 فيلماً سينمائيا. وعن رأيه بكمية الفنون التشكيلية والغنائية التي تواكب حالياً الحراك المدني «لبنان ينتفض»، يقول: «من المعيب أن ننتظر حصول الحراك كي نكتشف كل هذه المواهب. فهؤلاء هم لبنانيون ويعيشون بيننا وكانوا من دون أدنى شك ينتظرون الفرصة المناسبة لإبراز مواهبهم هذه. فغياب التوعية الثقافية في بلادنا وعدم اهتمام الجهات اللبنانية الرسمية بتشجيعها ودعمها ترجم في هذه المشهدية. وكان علينا أن نلحظ عناصرها وندعمها ولا نقصر تجاهها».



زياد غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: والدي فنان عالمي

إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)
إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)
TT

زياد غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: والدي فنان عالمي

إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)
إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)

يعدّ زياد الابن الأصغر للفنان غسان صليبا. وهو مثل شقيقه وسام جذبه عالم الفن بكل أبعاده، فمشى على خطى والده المغني وأخيه الممثل وسام صليبا. يجمع زياد بين مواهب كثيرة، يغني ويعزف ويلحّن ويمثّل ويؤلف كلمات الأغاني. أمضى عدة سنوات دراسية في لوس أنجليس مع شقيقه فتأثر بفنون الغرب وقواعد التمثيل والغناء.

سبق لزياد وأن أصدر 5 أغنيات بالأجنبية. ولكنه اليوم قرر أن يقلب الصفحة وينطلق نحو الأغنية العربية. استهلّ مشواره الجديد هذا، مع أغنية «كان يا ما كان» من تأليفه وتلحينه، يقدّمها زياد بأسلوب بسيط قريب إلى الأغاني الغربية. ورغم كلامها ولحنها المطبوعين بالعربية، فإنها تأخذ منحى العمل الغربي.

أغنية {كان يا ما كان} من تأليفه وتلحينه يقدّمها بأسلوب قريب إلى الأغاني الغربية (زياد صليبا)

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تمسكت بأسلوبي الغربي كي أقدمها على طريقتي. وأتوقع أن أبقى محافظاً على هذا الإيقاع في أعمالي المقبلة. فهذا المزيج بين العربية والغربية إن في الموسيقى أو في طريقة الغناء، يزود العمل بنكهة فنية خاصة».

يتناول زياد في أغنيته «كان يا ما كان» كل ما يتعلق بالحنين إلى الوطن. فصوّر لبنان جنّة كانت تعيش بسلام وأمان، ويطلّ على طبيعة لبنان وبحره وجبله. كما يتذكّر الأماكن والمطارح التي تعني له الكثير. ومن خلال مكانة لبنان في أحلام الناس وأهله يترجم اشتياقه له.

يوضح زياد في سياق حديثه: «إنها بمثابة جردة حنين لوطن السلام، ومدى تأثرنا جميعاً برسالته هذه عبر الزمن. بلدي يعني لي الكثير، وارتأيت تكريمه في أغنية تترجم حبّي لصورة حفظتها عنه».

يطور نفسه بالغناء على الصعيدين الأجنبي والمحلي (زياد صليبا)

وكون زياد يتحدّر من عائلة فنية، تراوده دائماً فكرة الغناء بالعربية. «تأثرنا كثيراً أخي وسام وأنا، بفن والدي غسّان. صحيح أننا درسنا في الخارج، ولكننا تربينا على مسرح الرحابنة. والدي كان أحد أبطاله بشكل متكرر. وكذلك تربينا على الأغاني الوطنية المعروف بها، التي لا تزال تتردد من جيل إلى آخر. فهو برأيي يختلف عن غيره من الفنانين بأسلوب تفكيره وغنائه. ويتّسم بالتطور الدائم، إذ لا يتعب من البحث عن الأفضل. وبنظري هو فنان عالمي أفتخر بمسيرته وأعتزّ بها».

هناك جزء لا يتجزأ مني يسكنه الفن الغربي

زياد غسان صليبا

لطالما لاقى زياد التشجيع من قبل أفراد عائلته لغناء العربية. «الفكرة كانت تخطر على بالي دائماً. فأنا أنتمي لعائلة فنية لبنانية بامتياز. قررت أن أقوم بهذه التجربة فحزمت أمري وانطلقت».

لا فرق كبيراً بين تجربتيه في الغناء الغربي والعربي. يتابع: «بالنسبة للتلحين والتوزيع، لا يوجد فرق شاسع. (كان يا ما كان) يحضر فيها النفس الغربي، وهو ما اعتدت عليه في أعمالي السابقة. ولكن من ناحية الصوت اختلفت النبرة ولكنه لم يشكّل لي تحدّياً كبيراً». يتمتع زياد بخامة صوتية لافتة لم يستخدمها في الأغنية. ونسأله عن سبب عدم استعمال قدرات أكبر في صوته. يردّ: «عندما انتهيت من تسجيل الأغنية لاحظت هذا الأمر وأدركت أنه كان بوسعي القيام بذلك. أتوقع في أغاني العربية المقبلة أن أستخدم صوتي بدرجات أعلى. ولكنني أعتبر هذه التجربة بمثابة جس نبض سأكتشف من خلالها أموراً كثيرة».

يحضر لأغنية عربية جديدة حماسية أكثر بإيقاع مغاير عن أغنيته الأولى (زياد صليبا)

كان والده يطالبه دائماً بتقديم أغنية بالعربية. «إنه يكرر ذلك على مسمعي منذ نحو 10 سنوات. كنت متردداً، وأقاوم الفكرة لأنني مرتاح في الغناء بالأجنبية. وعندما أنجزتها فرحت بردّ فعل والدي كما أفراد عائلتي. كانت بمثابة مفاجأة لهم أثنوا على إنجازها. ولم يتوقعوا أن أقوم بهذه الخطوة رغم تشجيعهم لي».

لا يرغب زياد في التخلّي تماماً عن الأسلوب الغنائي الغربي. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك جزء لا يتجزأ مني يسكنه الفن الغربي وبما في ذلك الإنجليزية التي أتقنها لغة. أشعر أنني من خلالها أستطيع التعبير بصورة أفضل. ولكننا في النهاية لا نعرف الحياة إلى أين تؤدي بنا. وسأحاول العمل في المجالين، فأطور نفسي بالغناء على الصعيدين الأجنبي والمحلي».

يقول إن والده غسان صليبا عندما سمع الأغنية أعجب بها بسرعة. ويعلّق زياد: «أصررت على معرفة رأيه بالأغنية، فهو أمر يهمني كثيراً. ولأنه صاحب صوت عريض ويملك قدرات كبيرة في الأداء، كان يفضّل أن يتعرّف إلى مكامن صوتي بشكل أفضل. ولكنني أوضحت له أن نوع الأغنية يدور في فلك الحنان والشوق. وكان لا بد أن أغنيها بهذه الطريقة».

بلدي يعني لي الكثير وارتأيت تكريمه في أغنية تترجم حبّي لصورة حفظتها عنه

زياد غسان صليبا

يتمرّن زياد يومياً على الغناء، فيعزف البيانو أو الغيتار ليدرّب صوته ويصقله بالخبرة. «لقد اجتهدت كثيراً في هذا المجال، وحاولت اكتشاف قدرات صوتي بنفسي من خلال هذه التمارين. اليوم بتّ أدرك تماماً كيف أحسّنه وأطوره».

يشكّل الأخوان «زياد ووسام» ثنائياً ملتحماً فنياً وعملياً. يقول في هذا الموضوع: «لم نفترق يوماً. معاً درسنا في الخارج ورسمنا مشاريعنا وخططنا لها. وأستشيره باستمرار لأقف على رأيه، فهو أساسي بالنسبة لي».

إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد صليبا بموهبة التمثيل. سبق وشارك في أكثر من عمل درامي مثل «حبيبي اللدود» و«حادث قلب». «أحب التمثيل ومشواري فيه لا يزال في بداياته. الفن بشكل عام مهنة مضنية تتطلّب الكثير من التجارب كي نحرز النجاح فيها». وعما تعلّمه من والده بصفته فناناً، يردّ: «تعلمت منه الكثير. كنت أصغي إلى أغانيه باهتمام، وأتمعّن بقدراته الصوتية والتقنية التي يستخدمها. زوّدني والدي بصفاته الحسنة الكثيرة وبينها دفء مشاعره وطيبة قلبه وابتعاده عن القيل والقال. وأكثر ما تأثرت به هو شغفه بالفن. لم يحاول يوماً منعي وأخي من دخول هذا المجال. فهو على يقين بأن الشخص الشغوف بالفن لا يمكن لأحد أن يثنيه عنه».

يحضّر زياد لأغنية عربية جديدة تختلف عن «كان ياما كان». «ستكون حماسية أكثر بإيقاع مغاير عن أغنيتي الأولى. كما ألحن أغنية أجنبية لموهبة غنائية شابة تدعى أزميرالدا يونس، وأخرى لي».