الحكومة الليبية المؤقتة تطلق برنامج العودة الطوعية للمهجرين

الحويج: الهدف رأب الصدع ووضع حد للانقسام الذي تعانيه الأسر

الحويج (الشرق الأوسط)
الحويج (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة الليبية المؤقتة تطلق برنامج العودة الطوعية للمهجرين

الحويج (الشرق الأوسط)
الحويج (الشرق الأوسط)

بدأت الحكومة الليبية المؤقتة، التي يرأسها عبد الله الثني، بإطلاق برنامج العودة الطوعية للمهجرين الليبيين في عدد من دول العالم، أبرزها مصر وتونس ومالطا والجزائر وألمانيا. ويتضمن البرنامج، وفق ما أعلنه عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة، التابعة لمجلس النواب (شرق)، عناصر مهمة تتعلق بتوفير مقومات عيش المواطنين، بما يكفل لهم حياة كريمة، في حين توجد شروط أساسية، أهمها عدم حمل السلاح لقلب نظام الحكم واستخدام المساجد في السياسة، والاحتكام لصندوق الانتخابات بعد استعادة الدولة الليبية من «الميليشيات الإرهابية»، على حد وصفه.
واعتبر الحويج في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، هذا الملف «أولوية للحكومة الليبية، باعتبارها مسؤولة عن رعاية مواطنيها في الداخل والخارج»، لافتا إلى أن زيارته الأخيرة لمصر هدفها إعادة الليبيين، باعتبارها تضم أكبر عدد منهم. مشيرا إلى أن البرنامج «لرأب الصدع، ووضع حد للانقسام الذي تعانيه الأسر الليبية، والمصالحة الوطنية الشاملة، وقيام الدولة بعيدا عن أفق المغالبة والإقصاء والتهميش»، ومؤكدا أن «الهدف وطني إنساني وليس سياسيا، والبرنامج حق لكل الليبيين بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والحزبية. فمن يريد العودة الطوعية للمناطق التي تم تحريرها وتبسط الحكومة سيطرتها عليها مثل بنغازي أو غيرها، فإن الحكومة تقوم بتسهيل عودته».
كما كشف الحويج أن البرنامج «رصدت له الأموال اللازمة بهدف طي هذا الملف، لكن من يريد البقاء في الخارج من أجل العمل أو التنقل فهذه حرية مكفولة له».
وحددت الحكومة تعريفا للمهجرين الذين تشملهم الرعاية، وهم «من تركوا منازلهم وأهلهم بسبب توجههم الفكري أو العسكري، واضطروا لمغادرة البلاد، أو من فروا من ويلات الحرب والإرهاب»، وحددت الفترة الزمنية من عام 2011 حتى 5 من يوليو (تموز) 2017 وهو اليوم الذي أعلنت فيه القوات الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر «تحرير بنغازي من الإرهاب».
وتحدث الوزير عن الامتيازات، التي تمنح للعائدين بشكل طوعي إلى المدن التي يرغبون في العودة إليها، مؤكدا أنها «لن تكون جماعية وكأننا نذهب بهم إلى معسكر، بل عبر إجراء يحفظ لكل مواطن كرامته وحقه الاجتماعي».
وبخصوص الإجراءات التي ستتبعها الحكومة، أوضح المسؤول الليبي أنه تم تشكيل فريق من المختصين من وزارة الخارجية والشؤون الاجتماعية والهجرة والجوازات والضمان الاجتماعي «مهمته لقاء المهجرين، والتواصل لتسجيل استمارات، واختيار المدينة التي يرغبون في العودة إليها، والحكومة ستقوم بتأمين نقلهم، وتوفر لهم بدل سكن لمدة عام، وتتكفل بمنحهم مبلغا شهريا يكفيهم للعيش بكرامة وآدمية، كما يتاح لمن كان يعمل في الدولة العودة لسابق عمله، مع حصوله على مرتباته الموقوفة من عام 2011، ومن لا يريد العودة للعمل يتم إحالته للضمان الاجتماعي ليحصل على راتب تقاعدي، سواء كان عسكريا أو مدنيا. أما من يريد ممارسة العمل السياسي والأهلي فإن أي شخص له كامل الحرية في ممارسة كل الأنشطة».
وحدد الوزير الليبي شرطين للعائدين، بقوله إنه «لا يمكن التنازل عنهما، الأول: ألا يحمل السلاح من أجل تغيير النظام أو قلبه، والدولة فقط والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية هي من تحتكر السلاح، والثاني عدم السماح بتسييس المسجد في الحياة السياسية».
في سياق ذلك، أكد الحويج أنه «لن يسمح للإرهاب بالعودة من النافذة، وبغير ذلك يحق لكل مواطن ليبي المشاركة في الحياة السياسية بعد التخلص من فوضى السلاح والإرهاب، واستعادة الدولة، ثم التوجه إلى صندوق الديمقراطية واحترام إرادة الشعب الليبي».
كما تناول الوزير التحضيرات لـ«مسار برلين»، مشيرا إلى أن «بلاده جزء من المجتمع الدولي ولا ترفضه»، لكن رسالته له وهي أن أي حل «لن يفرض على الليبيين من الخارج، بدليل فشل الصخيرات وباريس وباليرمو، وكل الاتفاقيات السابقة، وبالتالي من الصعب تكرار مراحل الفشل من جديد». مشيرا إلى أن الممثل الأممي غسان سلامة «يدير الأزمة ولا يحلها... ونحن نحتاج للمصالحة والحوار، وصولا إلى دولة خالية من العنف والإرهاب والتدخلات الخارجية».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.