ساد هدوء حذر في مدينة كوباني (عين العرب) قرب الحدود السورية - التركية، بعدما تمكّن المقاتلون الأكراد من صدّ بعض هجمات تنظيم «داعش» الذي حشد قواته، أمس، واستقدم مقاتلين من مدن أخرى، واضعا كل ثقله في أرض المعركة. وجاء هذا بينما واصل التحالف الدولي ضدّ الإرهاب غاراته على مواقع التنظيم في محيط المدينة، وقصف مواقع حيوية للتنظيم ضمن حملته التي دخلت أسبوعها الثالث.
وبينما أكد نائب وزير الخارجية في كوباني، إدريس نعسان، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ ضربات التحالف ساهمت ليل السبت / الأحد بشكل كبير في منع تقدّم «داعش» مع تصدي وحدات حماية الشعب عسكريا على الأرض، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنّ تسع غارات شنّت قبيل منتصف ليل السبت - الأحد تركّزت بشكل أساسي على الأحياء الشرقية، لافتا إلى «سقوط قتلى بين الجهاديين وتدمير آليات» في هذه الضربات الجوية.
وأوضح المرصد في بيان له أن الضربات تركزت على مناطق في المدينة وأطرافها وريفها قبيل منتصف ليل السبت / الأحد وبعد منتصف الليل استهدفت فيها تجمعات ومراكز للتنظيم في مناطق يسيطر عليها في الأحياء الشرقية من كوباني وعلى الأطراف الجنوبية، واستهدفت ثلاث ضربات منها مراكز في الريف الجنوبي للمدينة.
ولفت المرصد إلى استمرار الاشتباكات المتقطعة بين التنظيم ووحدات حماية الشعب الكردي منذ الليل في الأحياء الشرقية والجنوبية بالمدينة، وذلك بعدما حاول التنظيم التسلل والتقدم نحو المعبر الحدودي الواصل بين المدينة والأراضي التركية، حيث دارت اشتباكات مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي. ويعتقد أن مقاتلي التنظيم المتطرف لا يبعدون سوى 500 متر أو كيلومتر واحد عن المعبر. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن الناشط الكردي فرهاد شامي، من داخل كوباني، قوله إن المدينة «هادئة» نوعا ما يوم أمس باستثناء أصوات نيران القناصة. من جهته، قال نعسان لـ«الشرق الأوسط» إنّ الوحدات الكردية نفّذت عمليات نوعية السبت والأحد الماضيين في الجنوب الغربي للمدينة على طريق حلب، وأوقعت خسائر في صفوف التنظيم الذي حاول الوصول إلى ساحة الحرية في عمق المدينة من الجهة الجنوبية الشرقية، دون جدوى. وأكد أن الخطر لا يزال قائما على كوباني ما دام التحالف الدولي لم يدعم الأكراد بالسلاح، لا سيما أن التنظيم يسيطر على جزء كبير من المدينة ويعمد إلى استقدام المزيد من التعزيزات العسكرية والبشرية. وأضاف: «الضربات تضعف (داعش) لكنها غير قادرة على إزالته من دون مقاومة متكافئة على الأرض، والتي هي الضمانة الوحيدة لدحره من كوباني».
وكشف مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن عن أن «داعش» يستقدم مقاتلين من الرقة وحلب، معقلي التنظيم الرئيسيين في شمال سوريا، مشيرا إلى أن قيادته لجأت كذلك «إلى إرسال أشخاص غير ملمين كثيرا بالأمور القتالية»، لأنه يعاني نقصا في عدد مقاتليه بكوباني لدرجة أنه اضطر أخيرا إلى الاستعانة بعناصر الشرطة الدينية «الحسبة» لسد النقص في جبهة القتال.
ولفت إلى أن التنظيم «وضع كل ثقله في المعركة» التي يخوضها منذ نحو شهر ويحاول خلالها السيطرة على هذه المدينة، معتبرا أنها «معركة حاسمة بالنسبة له»، قائلا: «خسارته لها ستزعزع صورته أمام الجهاديين»، بينما يعني سقوط المدينة بيده السيطرة على مساحات شاسعة من العراق وسوريا تمتد من الحدود التركية وحتى بوابة بغداد.
وذكر عبد الرحمن أن التنظيم «لم يتقدم كثيرا منذ أن سيطر الجمعة على المربع الأمني للمقاتلين الأكراد» الذين تقودهم جماعة وحدات حماية الشعب».
وبعد أن أحكم التنظيم قبضته على عشرات القرى القريبة من عين العرب منذ أن بدأ هجومه عليها في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي، تمكن مقاتلوه من الدخول الاثنين الماضي للمرة الأولى إلى المدينة.
وبات «داعش» يسيطر على نحو 40 في المائة من المدينة التي تبلغ مساحتها ستة إلى سبعة كيلومترات مربعة وتحيط بها 356 قرية وتبعد نحو كيلومتر عن الحدود، وذلك بعدما سيطر على شرقها وتقدم من جهتي الجنوب والغرب نحو وسطها، كما استولى على المربع الأمني في الشمال، الذي يبعد نحو كيلومتر واحد عن الحدود التركية.
وقال عبد الرحمن إن معارك كر وفر تدور بين الطرفين، موضحا أن «مسلحي (داعش) يقاتلون على أكثر من جبهة، لكن القوات الكردية تقوم بصدهم قبل أن يعاودوا الهجوم ويجري صدهم من جديد». ويستميت المقاتلون الأكراد في دفاعهم عن مدينتهم، وقد شنوا عدة هجمات وعلى أكثر من جبهة استهدفت إحداها آليات للتنظيم كانت تحاول الدخول إلى المدينة، وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل 36 مقاتلا من «داعش» على الأقل.
كما حاول مقاتلو التنظيم من جهتهم الوصول للمرة الأولى يوم السبت إلى الحدود التركية في شمال البلدة قبل أن ينجح الأكراد في دحرهم.
ومنذ بدء الهجوم على عين العرب، قُتل أكثر من 570 شخصا في الاشتباكات وعمليات القصف والغارات الجوية، بينما فر 300 ألف شخص من المدينة ووصل أكثر من 200 ألف منهم إلى تركيا التي تمنع الأكراد من عبور الحدود نحو عين العرب وتتعرض لضغوط دولية متزايدة للانخراط في الحملة على تنظيم «داعش».
ودعت الأمم المتحدة تركيا مؤخرا إلى السماح بعبور المتطوعين نحو عين العرب، محذرة من أنه إذا سقطت المدينة نهائيا فإن المدنيين الذين لا يزالون يوجدون فيها سيجري «قتلهم على الأرجح».
وكان وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل قال ليل أول من أمس إن الوضع في بلدة كوباني في ريف حلب شمال سوريا ما زال «خطيرا»، مضيفا أن «الضربات الجوية بقيادة أميركا ضد مواقع (داعش) أحرزت بعض التقدم».
وفي مؤتمر صحافي له في تشيلي قال هيغل إنه على الرغم من التقدم، ما زال مقاتلو (داعش) يسيطرون على مواقع استراتيجية في ضواحي البلدة. وأضاف: «نبذل كل ما بوسعنا من خلال ضرباتنا الجوية للمساعدة في إبعاد التنظيم». وقال هيغل أيضا إن بلاده حققت تقدما كبيرا في المحادثات مع المسؤولين الأتراك بشأن خطط أنقرة لتدريب معارضين سوريين معتدلين وتقديم معدات في القتال ضد «داعش».
ومن المقرر أن يصل تركيا هذا الأسبوع مسؤولون من القيادة الأميركية الوسطى وآخرون من القيادة الأوروبية للقاء مسؤولين أتراك لبحث أوجه المساهمة التركية بهذا الشأن.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول حكومي تركي تأكيده موافقة أنقرة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، على تدريب 4000 مقاتل سوري من المعارضة. وأوضح المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، أن المخابرات التركية ستتولى فحص ملفاتهم.
{هدوء نسبي} في كوباني.. و«داعش» يحشد ويستقدم مقاتلين من معاقله في الرقة وحلب
https://aawsat.com/home/article/200046
{هدوء نسبي} في كوباني.. و«داعش» يحشد ويستقدم مقاتلين من معاقله في الرقة وحلب
الأكراد أحبطوا محاولة تسلل لمعبر حدودي مع تركيا.. وقيادي كردي لـ «الشرق الأوسط»: ضربات التحالف لن تكفي دون دعمنا
- بيروت: كارولين عاكوم
- بيروت: كارولين عاكوم
{هدوء نسبي} في كوباني.. و«داعش» يحشد ويستقدم مقاتلين من معاقله في الرقة وحلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة