ركزت حملة القصف، التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد المقاتلين المتشددين في سوريا، انتباهها على المقاتلين الغربيين بين صفوف «داعش».
وفي المقابلات التلفزيونية التي بثت هذا الأسبوع، أعرب المواطنون الأميركيون والأستراليون والهولنديون ممن سافروا إلى سوريا للمشاركة في القتال ضد حكومة الأسد، عن شعورهم بالأسى والمرارة جراء الغارات الجوية التي شنتها دولهم ضد المقاتلين المتطرفين.
ومن داخل سوريا، أجرت شبكة «سي بي إس نيوز» الأميركية مقابلة مع مواطن يحمل الجنسيتين الصومالية والأميركية انضم إلى صفوف «جبهة النصرة» قبل عامين، وأصبح يطلق على نفسه اسم «ابن الزبير». وقال الشاب إنه التحق بالتنظيم لتأثره بمعاناة الشعب السوري الذي يتعرض للهجوم من النظام الحاكم. وفي الموجة الأولى من الغارات الجوية الأميركية في أواخر الشهر الماضي قُتل عناصر من «جبهة النصرة» كان اعتبرهم «ابن الزبير» أصدقاء مقربين له.
وعلى الرغم من ذلك، قال الشاب لمراسلة شبكة «سي بي إس نيوز» كلاريسا ورد: «إنني لا أكره الولايات المتحدة، إنها وطني الذي ترعرعت فيه». وسألته المراسلة ورد عن العناصر الذين قتلوا وما احتمالية أنهم كانوا قد فكروا بشن هجوم ضد الغرب، فرد ابن الزبير: «ضربات التحالف هي التي قد تحرك الناس وتخلق رغبة في التوعد لضرب الولايات المتحدة».
وحاولت المراسلة أن تضغط عليه ليجيب عن سؤال ما إن كان سيؤيد شن هجوم «إرهابي» ضد الولايات المتحدة أم لا، وعندها قال ابن الزبير: «أنا لا أعتبره هجوما (إرهابي). إذا حدث أي شيء هنا فهو برأيي رد فعل حيال هذه الإجراءات المتخذة». وأضاف: «ما أعتبره هجوما إرهابيا هو القصف بصواريخ توماهوك التي يجري إطلاقها من أي مكان أينما كان وتؤدي إلى مقتل أشخاص أبرياء».
وقد ترددت تلك المشاعر التي عبر عنها ابن الزبير من طرف أبو أسامة، المتطوع الأسترالي لدى لواء جند الأقصى، وهو لواء متطرف آخر، وذلك أثناء مقابلة أجرتها معه خدمة «سيفن نيوز» الأسترالية يوم الجمعة الماضي.
وبدوره قال المتطرف الأسترالي – الذي يعمل طبيبا مقاتلا لدى اللواء – للصحافي البريطاني المستقل تام حسين إن قطع رؤوس الصحافيين الأميركيين على يد «داعش» يبدو أمرا بسيطا بالمقارنة بمقتل المدنيين جراء الغارات الجوية الغربية. وعندها تساءل أبو أسامة قائلا: «ما الفرق بين صاروخ يضرب بيتا ويتسبب في مقتل 15 طفلا ومقتل شخص واحد مذبوحا؟».
وفي المقابلة التي بثت عقب يوم واحد من تأكيد وزارة الدفاع الأسترالية أن البلاد قد نفذت أولى هجماتها ضد مقاتلي «داعش»، قال الطبيب المتطرف: «أشعر بالأسف لإقدام أستراليا على هذه، لأن ما قامت به سيكون له رد فعل. سوف يكون ذلك سببا يبعث على كراهية الناس للبلاد».
وحاور الصحافي البريطاني المستقل تام حسين الكثير من المتطوعين الهولنديين الذين وضحوا له دوافعهم الشخصية للانتماء إلى تلك الجماعات المتطرفة. ويذكر أنهم تحدثوا الإنجليزية بطلاقة، في تقرير مصور بثه برنامج «نيوويوير» على التلفزيون الهولندي مساء يوم الثلاثاء الماضي.
ويعمل لواء جند الأقصى بشكل مستقل عن تنظيم «داعش»، ولكنه يتقاسمه في هدفه ببناء أمة تسير وفقا لعقيدة متشددة، بما يتماشى مع ما يراه المتشددون.
وفي جزء آخر من تقرير شبكة «سي بي إس نيوز» الذي جرى تصويره داخل سوريا عقب بداية الحملة التي تشنها الولايات المتحدة مع حلفائها ضد المتشددين، قال مقاتل هولندي من أصل تركي معروف باسم يلماز للمراسلة كلاريسا ورد إن التركيز على جرائم الحرب التي يرتكبها «داعش» أمر مضلل، خصوصا عند مقارنتها مع عمليات الذبح التي يرتكبها نظام الأسد. وفي سياق متصل، تساءل يلماز قائلا: «جرائم حرب؟ ما هي جريمة الحرب؟». وأضاف: «ألا يعد مقتل أكثر من 200 ألف شخص جريمة حرب؟ ألا تعد قنابل البراميل والهجمات الكيماوية جريمة حرب؟».
ولفت المتطرف – الذي يدافع أيضا عن «داعش»، وأغضبته الهجمات التي شنت ضد «جبهة النصرة» - إلى أن هذه الهجمات دليل على أن الولايات المتحدة تخوض حربا ضد المسلمين، بحسب قوله، مضيفا: «الحكومة الأميركية كانت عدوا لنا دائما».
وأوضح يلماز - الذي كان جنديا سابقا في الجيش الملكي الهولندي– في مقابلة مطولة مع «نيوويوير» في وقت سابق من هذا عام 2014 أنه ليس لديه أية نية للعودة إلى بلاده وتنفيذ هجوم «إرهابي» هناك، مؤكدا: «إن رجعت إلى بلادي كل ما أريده هو التهام الطعام.. ربما تناول بعض السوشي، والبعض من مشروب دكتور بيبر الغازي، ومعانقة والدتي بشدة».
ومع ذلك، شجب يلماز – قبل وقف حسابه الشخصي على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي الشهر الماضي – التدخل الأميركي وغرد بأنه يشعر بالأسى لانضمام الحكومة الهولندية إلى معسكر القصف.
* خدمة «نيويورك تايمز»