اعتقال متظاهرين {عرقلوا} حملة الانتخابات الرئاسية في الجزائر

قال صحافيون في مناطق داخلية بالجزائر إن عدداً من المتظاهرين المشاركين في الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد، تعرّضوا للاعتقال، أمس، بسبب محاولاتهم منع مرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، من عقد تجمعات في إطار الحملة الانتخابية التي دخلت يومها الثالث. في غضون ذلك، أكّد قائد الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، أن «الشعب خرج إلى الشارع تعبيراً عن إرادته اختيار رئيس جديد»، وكان يشير إلى مظاهرات مؤيدة لمسعى الانتخاب.
واعتقلت قوات الأمن عدة أشخاص في بشّار (800 كلم جنوب غربي العاصمة)، بسبب تنظيم مظاهرة بوسط المدينة، تنديداً بزيارة المرشح للرئاسة رئيس الوزراء الأسبق عبد المجيد تبون، بهدف عقد تجمع بقاعة مغلقة. ورفع المتظاهرون شعارات معادية للانتخابات وقائد الجيش، وحاولوا اعتراض طريق السيارة التي كان بداخلها المرشح، للحؤول دون لقاء أنصاره. غير أن قوات الأمن تصدت لهم وتمكن تبون في النهاية من عقد التجمّع الدعائي.
وتكررت المشاهد نفسها في مدينة الوادي الصحراوية (850 كلم جنوب شرقي الجزائر)، حيث واجه رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس متظاهرين رفضوا قدومه إلى منطقتهم، ووصفوه بـ«مرشح العصابات»، في إشارة إلى أنه كان مديراً لحملة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (في انتخابات عام 1999) ورئيساً لحكومته. وأفسحت قوات الأمن الطريق لعلي بن فليس للتوجه إلى «دار الثقافة» للقاء أنصاره، ومع ذلك وجد من بين الحاضرين أحد الناشطين بالحراك الشعبي، أحدث ضجة كبيرة بصراخه في وجه المرشح الذي قال له: «أنت لست مرشح الشعب، ولو كنت تحترمه لكنت بينه في الشارع اليوم تندد بانتخابات العصابات». وهاجم الناشط بشدة الجنرال قايد صالح. وحاول بن فليس تهدئته بدعوته إلى سماع خطابه، علّه يقتنع بجدوى التصويت، لكن الرجل رفض وبقي يحتج فتدخل الحرس المرافق للمرشح، وأخرجوه بالقوة.
وفي غليزان (300 كلم غرب الجزائر) اعتقلت قوات الأمن 10 متظاهرين تجمّعوا بساحة المدينة تنديداً بوصول المرشح بلعيد عبد العزيز، الذي تمكّن بصعوبة من لقاء أنصاره داخل قاعة مغلقة. وبات شبه مستحيل على المتنافسين الخمسة على خلافة بوتفليقة، السير في الشارع من دون تعزيزات أمنية كبيرة، وذلك بسبب حالة الرفض الشعبي للاستحقاق.
وكانت محكمة في مدينة تلمسان حكمت أول من أمس الاثنين بسجن 4 محتجين 18 شهراً لكل منهم لإدانتهم بتعطيل حملة كان يقوم بها يوم الأحد المرشح بن فليس في غرب البلاد.
وفي سياق متصل، خرج المئات من طلاب الجامعات للأسبوع الـ40، للمطالبة بـ«تغيير جذري» للنظام. وأكد متظاهرون في العاصمة وكبرى مدن البلاد بالشرق والغرب، ومنطقة القبائل أيضاً، رفضهم الانتخابات بحجة أنها «امتداد لحكم بوتفليقة». وتوجد حالة انقسام في الشارع الجزائري بين رافض للاقتراع وداعم له.
من جهته، صرّح رئيس أركان الجيش لدى وجوده أمس بمنشأة عسكرية، في جنوب البلاد، بأن «الجيش والشعب تمكنا معاً من إسقاط رؤوس العصابة والفاسدين، لا سيما بعد استرجاع العدالة صلاحياتها وحريتها. ونتعهد اليوم بأن هذا الجهد وهذا المشوار سيتواصل إلى غاية الخروج بالبلاد إلى بر الأمان، وإننا جميعاً، شعباً وجيشاً، قادرون على شق طريق الجزائر الواعد، الذي يستجيب لآمال وطموحات أبنائها (أو) يرتقي بها إلى مكانتها المستحقة بين الأمم. فالتاريخ لا يرحم، ومن خادع الوطن فهو يخادع الله، ومن يخادع الله فقد ظلم نفسه». وكان قايد صالح يقصد تنحية بوتفليقة وسجن أهم رموز حكمه.
وتناول صالح، في كلمته التي نشرتها وزارة الدفاع، مظاهرات مؤيدة للانتخابات جارية منذ أيام في كثير من المناطق، فقال: «نسجّل بإعجاب شديد؛ بل وباعتزاز أشد، هذه الهبّة الشعبية التي تعم كافة ربوع الوطن، حيث خرجت مختلف فئات شعبنا الأبي، عن بكرة أبيها، رجالاً ونساءً، شباباً وطلبةً وكهولاً وشيوخاً، في أروع صور التلاحم والتضامن والتفاف الشعب بقوة حول جيشه، يهتفون كلهم بصوت واحد، بشعارات وطنية معبّرة تدعو في مجملها إلى التوجه المكثف إلى صناديق الاقتراع يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لإنجاح الانتخابات الرئاسية والمساهمة بالتالي في صناعة المستقبل الواعد، فذلكم هو الشعب الجزائري، وتلكم هي الجزائر».
وهاجم قائد الجيش «أطرافاً حاقدة أزعجتها هذه اللحمة بين الشعب وجيشه، وتيقن هؤلاء الأعداء أن الخط الأصيل الوفي لثورة نوفمبر (تشرين الثاني) المجيد (حرب التحرير من الاستعمار)، هو الخط الذي يحصد الانتصار تلو الانتصار، فالحق يعلو ولا يعلى عليه، وكلمة الفصل تكون دوماً للمخلصين الذين يقفون سداً منيعاً ضد مفتعلي الأزمة من العصابة ومن والاهم، الذين فقدوا كل صلة مع الشعب الجزائري».