تأجيل المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة إلى الشهر المقبل

TT

تأجيل المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة إلى الشهر المقبل

أعلنت وساطة جنوب السودان، بمحادثات السلام السودانية، تأجيل جولة المفاوضات المباشرة الثانية بين الحكومة والحركات المسلحة إلى العاشر من الشهر المقبل، التي كان مقرراً لها غداً الخميس، في وقت يبدأ رئيس الوزراء، غداً الخميس زيارة إلى ولايتين بشرق البلاد.
وعزا رئيس لجنة الوساطة، توت قلواك، في تصريحات صحافية بجوبا أمس «الثلاثاء»، أسباب التأجيل إلى ارتباط بعض الحركات المسلحة المشاركة في المفاوضات بورشات عمل ذي صلة بعملية السلام. وقال قلواك، المستشار الأمني لرئيس حكومة الجنوب، إن لجنة الوساطة سترسل الدعوات إلى كل الأطراف المشاركة في المفاوضات، إضافة إلى ممثلي الاتحاد الأفريقي ومنظمة «الإيقاد» الراعية للسلام في القرن الأفريقي.
من جهته، قال رئيس تحالف الجبهة الثورية الدكتور الهادي إدريس في تصريحات إن الجبهة تلقت إخطاراً من فريق الوساطة من جنوب السودان بتأجيل الجولة الثانية التي كان من المفترض أن تنعقد غداً الخميس، وأضاف أن التأجيل بسبب ترتيبات فنية وإدارية، موضحاً أن وفد الجبهة الثورية مستعد للجولة الثانية في الموعد الذي ستحدده الوساطة.
ووقعت الحكومة السودانية والجبهة الثورية والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، الشهر الماضي، على إعلان مبادئ يحدد أجندة المفاوضات.
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة، وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، إن رئيس الوزراء، يستأنف زياراته المعلنة للولايات، يبدأها غداً الخميس بزيارة مدينتي بورتسودان وكسلا شرق البلاد. وقال صالح في تصريحات صحافية، إن زيارة رئيس الوزراء إلى بورتسودان تكتسب أهميتها بعد الأحداث التي شهدتها مؤخراً.
وشهدت مدينة بورتسودان اشتباكات قبلية على خلفية استقبال رئيس الجبهة الشعبية المتحدة أدت إلى مقتل 2 وإصابة 20 آخرين، أعلنت على إثرها السلطات حالة حظر التجوال في المدينة.
في أثناء ذلك وصل المدينة وفد رفيع المستوى برئاسة عضو مجلس السيادة، حسن شيخ إدريس ووزراء الداخلية والثقافة والإعلام والبني التحتية، لقيادة وساطة بين القبيلتين.
ومن جهة ثانية، اتهم والي ولاية البحر الأحمر، اللواء حافظ التاج المكي، جهات لم يسمها بالاستفادة من تكرار أحداث العنف بالولاية. وشهدت مدينة بورتسودان، أحداثا مماثلة بين قبيلة البني عامر والنوبة، في أغسطس (آب)، الماضي، خلفت 50 قتيلا و200 من الجرحى.
ومن جانبه، طالب حزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، الحكومة بتحمل مسؤولياتها في حفظ الأمن والفصل بين أطراف النزاع فورا في بورتسودان؛ لأن تكرار المواجهات القبلية تنسف الاستقرار وتعيق عملية السلام. ودعا الأمة في بيان إلى إجراء تحقيق في الأحداث التي شهدتها المدينة بواسطة لجنة قضائية فنية مستقلة لتحديد الجناة ومحاسبتهم وتعويض المتضررين. وناشد حزب الأمة المكونات القبلية في ولاية البحر الأحمر بضبط النفس والاستجابة لصوت الحكمة، وتفويت الفرصة على المتربصين ووقف العنف والتشرذم القبلي.
في سياق آخر، استمع مجلس الوزراء، إلى تنوير من وزير الري بشأن اجتماعات اللجان الفنية لسد النهضة التي عقدت بأديس أبابا الأسبوع الماضي. وقال صالح، إن الاجتماعات هدفت لمعالجة القضايا الخلافية بين الدول الثلاث، وأحرزت تقدماً ملحوظاً في حصر نقاط التفاوض الست.
وأوضح صالح أن نقاط الخلاف في عدد سنوات ملء سد النهضة، والتي قد تصل إلى سبع سنوات أو تقل، اعتمادا على هيدروجية النهر وحجم المياه المتدفقة، بجانب الخلاف بشأن قضية حجم التصريف السنوي خلف السد.
وأشار المتحدث باسم الحكومة إلى أن النقاش سيستمر خلال الثلاثة اجتماعات المتبقية للجان الفنية بشأن سد النهضة، للتوصل إلى حلول لهذه الخلافات. وقال إن الدول الثلاث توافقت على جزء كبير من معامل وإجراءات الأمان حول سد النهضة ولا تزال هناك بعض النقاط المتبقية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.