تشديد عربي ودولي على عدم قانونية الاستيطان

الأمم المتحدة تعتبر القرار الأميركي «منعدم التأثير»... وتحذيرات من تبعاته

TT

تشديد عربي ودولي على عدم قانونية الاستيطان

أثار إعلان الولايات المتحدة تغيير سياستها إزاء الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، استنكاراً عربياً ودولياً وتحذيرات من أن يؤدي القرار إلى اندلاع أعمال عنف في المنطقة وتأثيره على فرص السلام.
وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من أن «هذا التغيير المؤسف في الموقف الأميركي من شأنه أن يدفع المستوطنين إلى ممارسة المزيد من العنف والوحشية ضد الفلسطينيين، ويقوض أي احتمال لتحقيق السلام العادل القائم على إنهاء الاحتلال في المستقبل القريب عبر جهد أميركي». وأوضح أن مواقف الإدارة الأميركية على مدى العامين الماضيين «باتت انعكاساً للمرآة الآيديولوجية لليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يتبنى فكرة إسرائيل الكبرى»، مشدداً على أن «مناصرة الولايات المتحدة لمثل هذا النهج لن تجلب لإسرائيل أمناً أو سلاماً أو علاقات طبيعية مع الدول العربية مهما طال الزمن».
وقال أبو الغيط إن «المجتمع الدولي متمثلاً بالدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الأربع، تقع عليه مسؤولية كبيرة في الفترة المقبلة من أجل الحفاظ على احترام جميع الدول لتعهداتها ورفض أي مواقف تناقض المبادئ القانونية المستقرة، والعمل على احتواء آثارها السلبية الخطيرة على الاستقرار في الشرق الأوسط».
وقال رئيس البرلمان العربي مشعل السلمي إن هذا الإعلان «يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً القرار رقم 2334 بشأن رفض الاستيطان، والذي نص على عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967 وطالب بوقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس باعتبارها أراضي محتلة».
وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد حافظ للصحافيين «الموقف المصري من الالتزام بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي فيما يتعلق بوضعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، باعتبارها غير قانونية وتتنافى مع القانون الدولي».
وطالب وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي بـ«إطلاق تحرك دولي عاجل وفاعل لحماية ما تبقى من فرص السلام على أساس حل الدولتين قبل أن تجعله الانتهاكات الإسرائيلية مستحيلاً»، مؤكداً موقف بلاده «الراسخ في إدانة المستوطنات الإسرائيلية ورفضها بصفتها خرقاً للقانون الدولي».
وحذر الصفدي الذي يرافق العاهل الأردني في زيارته إلى كندا ونيويورك، من «خطورة تغيير الولايات المتحدة موقفها إزاء المستوطنات وأثره على جهود تحقيق السلام في وقت تواجه فيه العملية السلمية تحديات غير مسبوقة نتيجة السياسات والممارسات الإسرائيلية التي تقتل كل فرص حل الصراع». وشدد على أنه «لا شيء يغير حقيقة لا شرعية المستوطنات التي يجمع المجتمع الدولي على إدانتها».
وقال رئيس مجلس النواب الأردني بالإنابة نصار القيسي لـ«الشرق الأوسط» إن «مصداقية القوى الدولية والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والمنظمات الدولية والإنسانية في العالم باتت اليوم رهن مدى وقوفها أمام هذا التحدي الأميركي للشرعية الدولية». واعتبر أن «القرار الأميركي تأجيج للصراع العربي - الإسرائيلي ونسف لكل مساعي السلام».
وشدد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله على «عدم قانونية وشرعية المستوطنات الإسرائيلية، وضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بهذا الشأن... حتى لا يكون هناك إخلال». واعتبر أن «التحلل من تلك الالتزامات سيقوّض فرص السلام ويجهض الجهود الهادفة إلى تحقيقه».
واعتبرت الأمم المتحدة أن التغير في السياسة الأميركية ليس له أي تأثير على الوضع القانوني للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، مؤكدة أن المستوطنات تنتهك القانون الدولي.
وقال الناطق باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة روبرت كولفيل إن «تغير السياسة في دولة لا يعني تعديلاً لقانون دولي موجود أو لتفسيره من قبل محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن». وأضاف أن «مكتب حقوق الإنسان سيواصل تبني الموقف الذي تعتمده الأمم المتحدة منذ فترة طويلة وهو أن المستوطنات الإسرائيلية انتهاك للقانون الدولي».
ورفض الاتحاد الأوروبي الموقف الأميركي. وأكد أن موقفه «لم يتغير من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية». وقالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني في بيان إن «مشروع الاستيطان غير قانوني، ويقوّض جدوى حل الدولتين وحظوظ السلام». ودعا إسرائيل إلى «إنهاء كل نشاط الاستيطان، وفقاً لالتزاماتها كقوة محتلة». وأشارت موغيريني إلى أن «الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه لاستئناف عملية هادفة نحو حل الدولتين عن طريق التفاوض، وهو السبيل الواقعي الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق الطموحات المشروعة لكلا الطرفين».
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن إعلان الإدارة الأميركية بشأن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، «يعتبر خطوة أخرى تهدف إلى إلغاء القاعدة القانونية الدولية لتسوية الصراع في الشرق الأوسط، والتي ستؤدي إلى تفاقم الوضع المتوتر بالفعل في العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية».
وجددت تأكيدها على «الموقف المبدئي لروسيا الذي انعكس في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 لعام 2016، والذي ينص على أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، غير شرعية، وتعد انتهاكاً للقانون الدولي وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين وسلام عادل ودائم وشامل». وأضاف البيان: «إننا نحث جميع الأطراف المعنية على الامتناع عن اتخاذ خطوات يمكن أن تؤدي إلى تصعيد خطير جديد في المنطقة وتعيق تهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المباشرة».
وشددت وزارة الخارجية الألمانية على أن برلين تعتبر بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة «مخالفاً للقانون الدولي». وقالت ناطقة باسم الوزارة إن «المستوطنات تعيق فرصة القيام بعملية سلام وتعرقل حل الدولتين المتفاوض عليه... وننوه في هذا السياق إلى قرار 2334 الصادر من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، والذي يؤكد التقييم الخاص بمخالفة (الاستيطان) القانون الدولي».
واعتبرت منظمة «العفو الدولية»، أمس، أن الاستيطان في الضفة «يرقى لمستوى جرائم الحرب». واستنكرت الموقف الأميركي، معتبرة أن «الحكومة الأميركية أعلنت لبقية العالم أنها تعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل فوق القانون، وأن إسرائيل يمكنها أن تستمر في انتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان الخاصة بالفلسطينيين، وأن الولايات المتحدة ستدعمها بقوة في ذلك». وأضافت أن «إعلان الليلة الماضية لا ولن يغير القانون شديد الوضوح: بناء وتجهيز المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، ينتهك القانون الدولي ويرقى إلى مستوى جرائم الحرب».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.