أمير الكويت يتعهد ملاحقة «الفاسدين» ويعزل وزيري الدفاع والداخلية

أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمس على ملاحقة المتورطين بالاعتداء على المال العام، وتقديمهم للعدالة، مهما كانت شخصياتهم ومكانتهم، متعهداً بمتابعته الشخصية لملف الفساد الذي تم الكشف عنه مؤخراً والمتعلق بصندوق الجيش الكويتي.
إلى ذلك، قدّم الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس حكومة تصريف الأعمال أمس اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، معللاً السبب بالاشتغال أولاً على إثبات براءته من تهم الفساد التي كشفها وزير الدفاع (السابق). كما أصدر أمير الكويت قراراً بعزل نجله وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح الصباح من منصبيها في حكومة تصريف الأعمال الحالية، ومنعهما من القيام بمهام تصريف الأعمال.
ويستكمل أمير الكويت اليوم مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة. وراجت توقعّات بتكليف الشيخ صباح خالد الحمد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بتشكيل الحكومة المقبلة.
الأمير: حماية المال العام
وفي كلمة متلفزة وجهها إلى شعبه مساء أمس، قال أمير الكويت: «لن يفلت من العقاب أي أحد تثبت إدانته بجرم الاعتداء على المال العام».
وأضاف: «نؤكد حرصنا الدائم على الحفاظ على الأموال العامة والتزامنا بواجب حماية حرمتها، ونؤكد كذلك أنه لن يفلت من العقاب أي شخص مهما كانت مكانته أو صفته».
مضيفاً: «سوف يكون هذا الملف محل متابعتي شخصياً».
وأكد الشيخ صباح الأحمد: «نحن في دولة قانون ومؤسسات تكفل للجميع حق اللجوء للقضاء في مواجهة شبهات الفساد أو التجاوز على المال العام وهو قضاء مشهود».
وقال أمير الكويت: «لقد ساءني وآلمني في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث وتطورات أن نرى هذا التراشق في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وتبادل الإساءات والاتهامات التي يرفضها ديننا الحنيف وما توارثناه من قيم وتقاليد أهل الكويت».
ودعا إلى الكفّ عن تناول ملف الفساد، ما دام منظوراً أمام القضاء، وقال: «لما كان هذا الموضوع الآن برمته منظورا لدى القضاء فيجب الكف عن تناوله في وسائل الإعلام، انتظاراً لحكم قضائنا الشامخ المشهود له بالاستقلال».
داعياً المواطنين «إلى الانتباه إلى مصلحة وطننا وصيانة أمنه واستقراره والوقوف صفاً واحداً في وجه من يحاول العبث بأمنه وشق وحدته، والابتعاد عن افتعال التجمعات التي قد تستغل في غير أهدافها وتقود إلى الفوضى وتتيح الفرصة لمن يريد بالكويت سوءاً، وعلينا أن نأخذ العبرة من تجارب الغير».
وقال: «إذ نؤكد إيماننا الصادق بحرية الرأي والتعبير، فإن ذلك لا يعني أبداً أن نسمح بما قد يهدد أمن البلاد واستقرارها والدخول في متاهة الفوضى والعبث المدمر، وهي تجربة مؤلمة عاشها الشعب الكويتي وعانى مرارتها وقساوتها».
المبارك يعتذر
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، قدّم أمس اعتذاره لأمير البلاد عن عدم قبول إعادة تعيينه رئيساً للحكومة بعد أن كلفه الشيخ صباح الأحمد الصباح بذلك بعد أسبوع من استقالة حكومته، على وقع تبادل الاتهامات بالفساد وتبديد المال العام. وإثر نشوب خلافات بين أعضاء كبار في الأسرة الحاكمة، بما في ذلك وزيرا الداخلية والدفاع، حول مزاعم سوء استخدام أموال الجيش.
واتهم وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الشيخ ناصر صباح الأحمد، وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح الصباح بتجاوزات مالية، كاشفاً عن وثائق تظهر الاستيلاء على نحو 800 مليون دولار من صندوق لمساعدة العسكريين، عندما كان الجراح وزيراً للدفاع، كما ذكر الشيخ ناصر أنه أبلغ رئيس الوزراء جابر المبارك بهذه التجاوزات وطلب منه تشكيل لجنة للتحقيق منذ سبعة أشهر إلا أنه لم يقم بالرد عليه، الأمر الذي جعل الشيخ ناصر يحول القضية للنائب العام.
ليصدر أمير الكويت أمس قراراً بعزل وزيري الدفاع والداخلية من منصبيها في حكومة تصريف الأعمال الحالية، ومنعهما من القيام بمهام تصريف الأعمال. كما كلّف الشيخ صباح خالد الحمد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، بتصريف العاجل من شؤون وزارة الدفاع، بالإضافة إلى عمله، وكلّف أنس الصالح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بتصريف العاجل من شؤون وزارة الداخلية، - بالإضافة إلى عمله، وذلك إلى حين تشكيل الوزارة الجديدة.
وفي خطاب الاعتذار الموجه لأمير البلاد، قال الشيخ جابر المبارك، إنه يتنحى جانباً حتى تنجلي الاتهامات الموجهة لشخصه، خاصة بعد أن تم تحويل قضية الفساد المنسوبة إليه إلى القضاء، كما حمل على وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد، معتبراً أن تصرفه ينطوي على «تداعيات بالغة الخطورة».
وقال المبارك مخاطباً الأمير: «يحول بيني وبين تنفيذ أمركم السامي هذا ما عجت به وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من افتراءات وادعاءات بها شبهة مساس بذمتي وإخلالي بالقسم العظيم الذي أقسمته مراراً أمام الله، ثم أمام سموكم، وأمام مجلس الأمة الموقر، وأهل الكويت جميعاً».
ووصف تلك الاتهامات بأنها «أكاذيب لا صلة لها بالحقيقة، صادرة بكل أسف من زميل وأخ تربطني به زمالة ورابطة أخوة وصداقة امتدت لأكثر من أربعين عاماً، ناهيك عما ينطوي عليه تصرفه من تداعيات بالغة الخطورة على مختلف الأصعدة، ولا سيما أننا في دولة القانون والمؤسسات».
وأضاف: «أما وقد أصبح الأمر بين يدي قضائنا العادل النزيه الذي يحظى باحترامنا وتقديرنا جميعاً، فإنه احتراماً لثقة سموكم الغالية وتقديراً لأهل الكويت الكرام، أجد من الواجب علي أولاً أن أثبت براءتي وبراءة ذمتي وإخلاصي في خدمة وطني، وما يستلزمه ذلك من أن أرفع لمقام سموكم الاعتذار عن عدم قبول هذا التعيين، راجياً تفضلكم بقبوله».
وعلى إثر خطاب الاعتذار، استقبل أمير الكويت رئيس الوزراء المستقيل جابر المبارك، حيث أشار به، معرباً عن أسفه لقرار الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة، وقال الأمير: «يؤسفنا أن تعتذر بهذا الموضوع (تشكيل الحكومة) وفي الوقت نفسه يجب أن تعرف أنك أكبر من الكرسي... كلنا نجلك ونحترمك... وخل (دع) الأمور تطلع على حقيقتها، و(يراها) الناس».
إلى ذلك، أعرب رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن تفهمه لاعتذار الشيخ جابر المبارك، عن عدم تشكيل الحكومة الجديدة، معتبراً أنها «خطوة جديرة بالثناء وسابقة محمودة بأن يعتذر مسؤول وخصوصا في منصب مهم وحساس كرئاسة الوزراء عن عدم التكليف بهدف إبراء ساحته أمام القضاء».
إلى ذلك، أعلن النائب عبد الوهاب البابطين، عن تقديم استجواب لرئيس الوزراء جابر المبارك بشأن الاتهامات بارتكاب أعمال فساد. وقال البابطين عبر حسابه في «تويتر»: «بعد سوء ما رأيناه من مشاهد سياسية وتدهور في الأوضاع العامة وما يتداول من شبهات في قضية صندوق الجيش وغيره من القضايا والتزاماً بما تعهد به أُعلن تقديم استجواب لسمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك».