إطلاق المرحلة الثانية من حزمة الإصلاح الاقتصادي في الأردن

الحكومة الأردنية تستبق مناقشات موازنة 2020

الملك عبد الله الثاني التقى رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو في زيارة رسمية هي الخامسة خلال 20 سنة (أ.ب)
الملك عبد الله الثاني التقى رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو في زيارة رسمية هي الخامسة خلال 20 سنة (أ.ب)
TT

إطلاق المرحلة الثانية من حزمة الإصلاح الاقتصادي في الأردن

الملك عبد الله الثاني التقى رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو في زيارة رسمية هي الخامسة خلال 20 سنة (أ.ب)
الملك عبد الله الثاني التقى رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو في زيارة رسمية هي الخامسة خلال 20 سنة (أ.ب)

استبقت الحكومة الأردنية تقديمها مشروع قانون الموازنة العامة لمجلس النواب قبل نهاية العام، بإعلانها لحزمة جديدة من خطة التحفيز الاقتصادي التي أعلنت عنها مطلع الشهر الحالي.
وأعلن رئيس الحكومة عمر الرزاز عن الحزمة الجديدة أمس الاثنين، في مؤتمر دعيت إليه جميع وسائل الإعلام، وسط توقعات نيابية تحدثت عن تفاقم أرقام عجز الموازنة للعام الجديد، لتتجاوز ملياراً ونصف مليار دينار أردني، ما يهدد بالعودة إلى فرض سياسات تحرير السلع والخدمات من الدعم الحكومي، وفرض ضرائب جديدة.
وتزامن الإعلان الحكومي مع تداول أرقام إحصائية رسمية صادمة، تحدثت عن تجاوز نسبة الفقر في البلاد 15.5 في المائة، وتسجيل 8 آلاف حالة من حالات الفقر المدقع الأقرب إلى حالات الجوع، الأمر الذي تسبب في موجة انتقادات واسعة شارك فيها نشطاء فاعلون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي انتقاداتهم لأرقام الفقر في المملكة، اضطر مدير دائرة الإحصاءات العامة، قاسم الزعبي، في تصريحات صحافية، الذي أطلق تلك الأرقام، إلى التوضيح بأن أرقام الفقر المدقع تشير لحالات محددة لا تملك دخلاً محدداً يمكنها من الإنفاق على متطلبات المسكن وشراء الغذاء لأفرادها.
وبدأت أوساط نيابية بإصدار تصريحات تحذر فيها من عجز الموازنة للعام القادم، والتقليل من حقيقة جدوى خطة التحفيز الاقتصادية التي تشمل 4 مراحل ومحاور أساسية، وسط تسريبات تشير إلى مخاوف حكومية غير معلنة من أرقام العجز المتوقعة، واستناد خطة التحفيز إلى توقعات مجردة غير موثقة بأرقام فعلية.
في الأثناء، يذهب رئيس مجلس النواب الأردني، عاطف الطراونة، إلى مساحة محدودة من التعاون مع الحكومة في خطتها المالية للعام الجديد، محذراً من أي خطط وبرامج لا تنعكس آثارها على المواطنين بشكل مباشر. وتمسك الطراونة في لقائه مع رئيس الحكومة الرزاز الأسبوع الماضي (اطلعت «الشرق الأوسط» على حيثياته) ببرنامجه الاقتصادي رباعي المحاور في مشروع قانون الموازنة، الذي يستهدف رفع رواتب القطاع العام والعسكريين، وتخفيض ضريبة المبيعات، ودعم قطاعي الصحة والتعليم بشكل محدد، وفرض حزمة إجراءات تحفيزية للقطاع الخاص لتأمين فرص عمل للشباب، في خطة موازية للخطة الحكومية التي تعلن الحكومة عنها عبر دفعات.
وبينما حذّر رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، خالد البكار، من أي قرار ضريبي يضاعف الأعباء على الطبقتين الوسطى والفقيرة في قانون الموازنة الجديدة، اعتبر رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية خير أبو صعيليك خلال لقاء مغلق مع الفريق الوزاري الاقتصادي، أن الحكومة تعيد تصريحاتها من دون أن تذكر أرقاماً واضحة ومحددة في خطتها المالية للسنة الجديدة.
إلى ذلك، أعلن رئيس الحكومة الرزاز تفاصيل حزمة الإصلاح الاقتصادي في مرحلتها الثانية، تحت عنوان الإصلاح الإداري، متضمنة ضم 8 هيئات ومؤسسات مستقلة في البلاد، وإعادة هيكلة بعض الوحدات الحكومية، وإدراج مزيد من الهيئات على خطة دمج لاحقة في قطاعات النقل والطاقة وتخفيض كوادر الإداريين في عدد منها. ومن ضمن الخطة أيضاً، وفقاً لما أعلن الرزاز، تعديل 175 تشريعاً أردنياً، من بينها 51 قانوناً تتعلق بنقل اختصاصات روتينية لمجلس الوزراء الأردني إلى الوزراء المختصين، ومن الوزراء إلى الأمناء العامين للوزارات، والتوجه نحو مأسسة عمل مجلس الوزراء، في إطار رسم السياسات والاستراتيجيات واتخاذ القرارات ذات الأهمية فقط.
كما تضمنت الخطة أيضاً، إقرار أنظمة جديدة تتعلق بالمشتريات الحكومية، وإلزام المؤسسات الحكومية بالمواءمة بين خططها الشرائية والموازنات المالية، إلى جانب حزمة من التحفيز في القطاع التجاري، وتحديداً تجارة السيارات والمركبات.
وعلى مستوى الاستثمار في المملكة وتحفيز السياحة، تضمنت الحزمة منح زائري المملكة من الجنسيات المقيدة ممن يحملون إقامات وتأشيرات دخول أميركية أو لدول الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا، أو لكل من كندا وأستراليا ونيوزيلندا وسنغافورة، بالإضافة إلى المقيمين في دول التعاون الخليجي، تأشيرات دخول لدى وصولهم إلى المملكة، مع إمكانية الحصول على التأشيرات الإلكترونية بشكل مسبق، وتحفيز الاستثمار بتسهيل إجراءات الدخول للمستثمرين وتشجيع السياحة بشكل عام؛ خصوصاً السياحة العلاجية والسياحة الدينية وسياحة المؤتمرات.
وفي سياق استكمال الحزمة الأولى من التحفيز، خصصت الحكومة ما قيمته 100 مليون دينار أردني كقروض عبر الشركة الأردنية لضمان القروض، لتسهيل التملك لغايات السكن، ضمن شروط أعلنت عنها في المرحلة الأولى، لدعم عائلات الدخل المحدود في الحصول على سكن.
وفي أول تعليق من الفاعليات الاقتصادية على المرحلة الثانية من خطة التحفيز الاقتصادي، نشر رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق، على صفحته في موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، معتبراً أن تحفيز الاقتصاد وإنعاش السوق يتطلب تخفيضاً كبيراً على ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية، كخطوة يتبعها، ضرورة، تخفيض الفوائد البنكية والضغط على البنوك لجدولة الأقساط والقروض والتسهيلات من دون فوائد، ووقف التنفيذ لمدة ستة أشهر على الأقل، إضافة إلى وقف المعوقات التي تضعها وزارات وجهات حكومية ويدفع ثمنها المستهلك، مطالباً الفريق الاقتصادي «بالنزول إلى الأسواق للاطلاع على كل ما يجري، وإرسال مشروع قانون معدل لقانون المالكين والمستأجرين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».