«بتسيلم»: سياسة احتجاز الجثامين الفلسطينية ابتزاز دنيء

إسرائيل تحتجز 50 منذ الانتفاضة الثانية ونحو 300 قبل ذلك

TT

«بتسيلم»: سياسة احتجاز الجثامين الفلسطينية ابتزاز دنيء

قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسيلم»، إن «سياسة احتجاز جثامين الفلسطينيين كأنّها سلع للمقايضة، سياسة حقيرة ودنيئة، ومصادق عليها من المحكمة العليا الإسرائيلية، وهي سياسة تشهد على حقيقة المحكمة أكثر مما تشهد على قانونيّة السياسة».
وأعادت «بتسيلم» التذكير، في تقرير حديث، باحتجاز إسرائيل 50 جثماناً على الأقل لفلسطينيين نفّذوا عمليّات أو زعمت سلطات الجيش أنّهم همّوا بتنفيذ عمليّات وترفض إعادتها لذويهم.
وقالت «بتسيلم» إنّ «احتجاز جثامين فلسطينيين لأجل استخدامهم كورقة مساومة في مفاوضات مستقبلية جزءٌ من سياسة تتّبعها إسرائيل منذ سنوات طويلة ولكنّها رسختها رسمياً في يناير (كانون الثاني) 2007 عبر قرار اتّخذه «الكابينت» (المجلس الوزاري المصغّر) تحت عنوان «سياسة موحّدة في شأن التعامل مع جثامين المخرّبين». ثم أصدرت هيئة قضاة موسّعة حكماً يقول إنّ أنظمة الدّفاع في أوقات الطوارئ تخوّل الدّولة احتجاز جثامين وأسندت حكمها إلى تأويل غير معقول لأنظمة الطوارئ وتطرّق جزئي إلى أحكام القانون الدوليّ.
ووصفت «بتسيلم» هذه السياسة بأنها «تسبب معاناة لا توصف لأسر المتوفّين المحتجزة جثامينهم». وأضافت: «امتناع إمكانيّة دفن أحبّائهم المتوفّين تصعّب على هذه الأسر تقبّل وفاتهم والتعامُل مع فقدانهم كما أنّها تحرمهم من إقامة المراسم اللّازمة بما يقتضيه الدّين والعادات».
وقال البروفسور مردخاي كريمنيتسر، إنّه «يجب منع الاستخدام الإرهابي للأشخاص أو الجثامين بهدف الإرغام أو الابتزاز وفرض عقوبات على المتورّطين في ذلك». ونشر المركز مقابلة أجراها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع تهاني صالح (34 عاماً) أرملة وأمّ لأربعة أطفال من سكّان مخيّم جباليا للّاجئين في قطاع غزة، قالت فيها: «قُتل زوجي عطّاف صالح في التاسع من سبتمبر (أيلول) عام 2018، شرق مخيّم جباليا، ومنذ ذلك الحين يحتجز الجيش الإسرائيلي جثمانه ويرفض إعادته إلينا».
وأضافت صالح: «منذ أن استُشهد عطّاف حالتي النفسيّة صعبة جداً خصوصاً بعد أن أبلغونا بأنّ الجيش الإسرائيلي يحتجز جثمانه وأنّه لا يعتزم إعادته حالياً. أريد أن أحتضن جثمان زوجي وأن أودّعه أنا والأولاد، نريد أن ندفنه في غزة مثل كلّ الشهداء. إنّني أحترق من الدّاخل ما دام الحال مستمراً هكذا».
وتابعت: «أتمنّى أن يعيدوا جثمان زوجي لكي أتمكّن من وداعه ودفنه ليهدأ قلبي قليلاً». ونقلت «بتسيلم» عن آخرين كذلك يريدون أن يقفوا على حقيقة الموت وليست لهم أمنية أكثر من أن يزوروا قبر من فقدوه. وسياسة الاحتفاظ بالجثامين هي سياسة قديمة قبل اندلاع انتفاضة الأقصى.
وتحتفظ إسرائيل بأكثر من 300 جثمان لفدائيين قُتلوا في معارك مع الجيش الإسرائيلي، أو نفّذوا عمليات تفجيرية، موزعة على أربع مقابر، تقع داخل أراضي عام 1948، وهي: مقبرة جسر «بنات يعقوب» التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين ولبنان وسوريا، وتضم رفات مئات الفلسطينيين واللبنانيين الذين قُتلوا في حرب 1982 وما بعد ذلك. ومقبرة «بير المكسور» أو «جسر دامية»، التي تقع في منطقة عسكرية مغلقة بين أريحا وغور الأردن، ويحيط بها جدار فيه بوابة حديدية معلقة عليها لافتة كبرى كُتب عليها بالعبرية «مقبرة لضحايا العدو». ومقبرة «ريفيديم» بغور الأردن. ومقبرة «شحيطة» في قرية وادي الحمام شمال طبرية. وكانت إسرائيل قد سلّمت السلطة عام 2012، 91 من الجثامين، ولم تسلم أي رفات بعد ذلك.
وتقول مؤسسة «الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان»، إن اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، الذي يعد جزءاً من القانون الدولي العرفي الملزِم لجميع الدول، يرفض بشكل صريح دفن من يسقطون في أعمال القتال إلا باحترام، وعلى الدول اتّباع إجراءات دفن تتناسب وثقافة القتلى الدينية. وبمجرد أن تسمح الظروف، عليها واجب تقديم بيانات ومعلومات وافية عنهم، وحماية مدافنهم، وصيانتها، وتسهيل وصول أسر الموتى إلى مدافن الموتى، واتخاذ الترتيبات العملية بشأن ذلك، وتسهيل عودة رفات الموتى وأمتعتهم الشخصية إلى وطنهم.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.