تجنب المخاطر يتصدر المشهد في الأسواق مجدداً

لا يزال الاقتصادان الألماني والبريطاني يحومان حول مناطق الركود (رويترز)
لا يزال الاقتصادان الألماني والبريطاني يحومان حول مناطق الركود (رويترز)
TT

تجنب المخاطر يتصدر المشهد في الأسواق مجدداً

لا يزال الاقتصادان الألماني والبريطاني يحومان حول مناطق الركود (رويترز)
لا يزال الاقتصادان الألماني والبريطاني يحومان حول مناطق الركود (رويترز)

على الرغم من هدوء المناخ الجيوسياسي في الآونة الأخيرة إلى حد كبير، وذلك بفضل تحسن آفاق أزمة الحرب التجارية وتقلص تحقق انفصال صعب للمملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. فإن الطلب على أصول الملاذ الآمن قد شهد نمواً ملحوظاً خلال الأسبوع الماضي على خلفية المخاوف المتعلقة بالنمو العالمي.
وبالكاد تمكنت الاقتصادات البريطانية والألمانية من تجنب الدخول في حالة ركود، وفقاً لتقرير رصد صادر عن بنك الكويت الوطني. كما سجل الاقتصاد الياباني نمواً بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، منخفضاً من 1.8 في المائة في الربع السابق. كذلك جاءت البيانات الصينية مخيبة للآمال هي الأخرى بعد الإعلان عن ضعف مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي وبيانات الاستثمار أكثر مما كان متوقعاً.
وأضاف التقرير، أنه بالنظر إلى أصول الملاذ الآمن نلحظ ارتفاع الفرنك السويسري بنسبة 0.79 في المائة مقابل الدولار على أساس أسبوعي. كما شهد الين الياباني أداءً مماثلاً، حيث ارتفع بنسبة 0.43 في المائة. أما على صعيد السلع، فقد ارتفع المعدن الأصفر (الذهب) بنسبة 0.58 في المائة على مدار الأيام الخمسة الماضية. وفي الوقت الذي شهدت أصول الملاذ الآمن ارتفاعات جيدة تراجعت العملات المرتبطة بتجارة السلع. وتراجع الدولار الأسترالي على مدار الأسبوع وفقد نسبة 0.55 في المائة من قيمته أمام الدولار.
تراجع عائد السندات الأميركية
وكان من الواضح، وفقاً لمتابعي الأسواق، أن الإقبال على المخاطر قد انحسر الأسبوع الماضي بما تسبب في تراجع عوائد السندات الحكومية الأميركية. حيث شهد عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات انخفاضاً هائلاً يوم الخميس بلغ نحو 6 نقاط أساس وصولاً إلى مستوى 1.82 في المائة، أي أقل بواقع 15 نقطة أساس من أعلى مستوياته التي سجلها مؤخراً. ومن جهة أخرى، تجاهلت «وول ستريت» تلك المخاوف إلى حد كبير، وهو ما ظهر في استقرار مؤشرات «داو جونز» و«ستاندرد أند بورز 500» بالقرب من أعلى مستوياتها القياسية.
وتعرض الدولار الأميركي مجدداً لضغوط بيعية معتدلة إلى حد ما. وكان لتراجع عائدات سندات الخزانة الأميركية وارتفاع كل من الجنيه الإسترليني والفرنك السويسري والين الياباني دور في دفع الدولار نحو الانخفاض. وكان الدولار الأميركي قد فقد اتجاهه التصاعدي في النصف الثاني من الأسبوع استجابة لظهور المخاوف التجارية في ظل الغياب التام لأي تطورات جديدة. ويتم حالياً تداول مؤشر الدولار الأميركي عند مستوى 98.001، منخفضاً بنسبة 0.33 في المائة لهذا الأسبوع.
الضغوط التضخمية الأميركية
جاءت بيانات التضخم الشهرية في الولايات المتحدة مفاجئة لاتخاذها اتجاهاً صعودياً، وإن كان معدل النمو السنوي شهد ثباتاً نسبياً. حيث تسارعت وتيرة نمو مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي بشكل طفيف في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من 1.7 في المائة على أساس سنوي إلى 1.8 في المائة على أساس سنوي، في حين انخفض معدل التضخم الأساسي من 2.4 في المائة إلى 2.3 في المائة. وتعد بيانات مؤشر أسعار المستهلكين أقل بكثير بالمقارنة بمستويات الذروة المسجلة خلال العام الماضي التي بلغت نحو 3 في المائة. حيث ارتفع مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي (مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاك الشخصي الأساسي) بنسبة 1.7 في المائة على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول)، والذي جاء أقل من مستواه المستهدف البالغ 2 في المائة للعام الحالي.
من جهته، صرح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في شهادته أمام الكونغرس، بأنه من غير المرجح أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتغيير أسعار الفائدة قريباً طالما بقي الاقتصاد على مساره الحالي. وحذر باول من استمرار التحديات، مثل ضعف بيئة الأعمال الخارجية والتوترات التجارية وانخفاض التضخم. علماً بأن الأسواق لا تقوم حالياً بتسعير أي فرص كبرى لخفض أسعار الفائدة خلال الأشهر الستة المقبلة، وبخاصة في ظل تراجع التوترات التجارية والوضع الإيجابي الذي تتميز به البيانات الاقتصادية الأميركية إلى حد ما.
الأداء الاقتصادي الألماني
تمكن أقوى الاقتصادات الأوروبية (ألمانيا) بالكاد من تجنب الانزلاق في حالة من الركود في الربع الثالث بفضل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المائة على أساس ربع سنوي. وقد أدى هذا النمو إلى ارتفاع المعدل السنوي إلى 0.5 في المائة مقابل 0.3 في المائة في الربع الثاني. وتتمثل الأخبار الإيجابية في تمكن ألمانيا من تجنب الركود فنياً مجدداً. وبخلاف ذلك، يبدو أن الاقتصاد في وضع ضعيف، حيث استمر ركود القطاع الصناعي في الربع الثالث. ولحسن الحظ، تمكن قطاع الخدمات من تعزيز الأداء الاقتصادي.
وقد أظهرت أحدث المؤشرات دلالات مبدئية تدعو للتفاؤل بأن الاقتصاد الألماني يقترب من أسوأ نقطة والتي يمكن أن يبدأ منها في الارتفاع تدريجياً في عام 2020، حيث جاءت أحدثت تقارير مسح ZEW والبيانات المتعلقة بالتجارة وطلبيات المصانع أفضل من المتوقع. وكان مؤشر مديري المشتريات الصناعي العالمي قد بلغ أدنى مستوياته في يوليو (تموز) بما يعزز أن تراجع القطاع الصناعي العالمي بدأت تهدأ وتيرته. إلا أن تحسن تدفق البيانات في منطقة اليورو لم يكن كافياً لتشجيع اليورو على الارتفاع في الوقت الحالي. ولا يزال التزام البنك المركزي الأوروبي بالحفاظ على السياسة النقدية التيسيرية لفترة أطول يضعف من احتمالية ارتفاع اليورو.
ضعف البيانات البريطانية
تجنب الاقتصاد البريطاني ركوداً فنياً في الربع الثالث، حيث بلغ معدل النمو 0.3 في المائة مقابل - 0.2 في المائة في الربع الثاني. حيث يتم تعريف الركود الفني على أنه عبارة عن فصلين متتاليين من الانكماش وتحقيق نمو بالسالب. وعلى الرغم من تجنب الركود، فقد أصبح النمو الاقتصادي بطيئاً بشكل غير مريح. أما على صعيد النمو الاقتصادي على أساس سنوي، تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث إلى 1 في المائة مقابل 1.3 في المائة فيما يعد أدنى مستويات الزخم التي يشهدها منذ عام 2010. وأشارت البيانات الشهرية للناتج المحلي الإجمالي إلى تقلص معدلات النمو للشهر الثاني على التوالي في سبتمبر في ظل تباطؤ الزخم بشكل واضح مع اقترابنا من نهاية العام.
ومن الواضح أن هناك ضعفاً في العوامل الأساسية للنمو، في حين يتوقع البنك المركزي ضعف الأداء في الربع الرابع. حيث لاحظ البنك تزايد المؤشرات الدالة على تراجع الطلب على التوظيف بالتزامن مع انخفاض فرص العمل في الأشهر الثلاثة الأخيرة مع توقعات تشير إلى تراجع نمو الرواتب قريباً.
أما على صعيد سوق العمل، فقد كان قطاع التوظيف هو أبرز ما في الاقتصاد البريطاني منذ استفتاء انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. إلا أن بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية خلال الأسبوع الماضي قد أكدت على أن سوق العمل فقد زخمه في الربع الثالث على خلفية حالة عدم اليقين المتعلقة بانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. حيث تراجعت أعداد التوظيف الجديدة بواقع 58 ألف موظف مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة بما يمثل أكبر معدل تراجع منذ أربعة أعوام. كما انخفضت عدد الوظائف الشاغرة بمقدار 11 ألف وظيفة بما يعد أكبر انخفاض فصلي منذ عام 2009. ومن هذا المنطلق، فإن تراجع عدد الوظائف الشاغرة يقلل من الضغوط على نمو الأجور، والذي انخفض بالفعل من 3.9 في المائة إلى 3.6 في المائة في الربع الثالث.
وعلى صعيد الأسعار، نلحظ انكماش أسعار المستهلكين خلال الشهر الماضي إلى أدنى مستوياتها المسجلة في ثلاثة أعوام فيما يعزى بصفة رئيسية إلى انخفاض أسعار الطاقة. وكشفت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين عن ارتفاع الأسعار خلال الشهر الماضي بنسبة 1.5 في المائة مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي وتراجعها بنسبة 1.7 في المائة مقابل مستويات شهر سبتمبر. هذا، ولم يتغير معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار السلع المتقلبة مثل المواد الغذائية والطاقة، حيث استقر عند مستوى 1.7 في المائة.
وبصفة عامة، تشير بيانات الناتج المحلي الإجمالي إلى أن الاقتصاد فشل في استعادة الكثير من الزخم بعد انكماش الربع الثاني، حيث ينمو الاقتصاد في الوقت الحاضر بمعدلات دون تقديرات النمو المحتمل. ويساهم فقدان زخم النمو في تعزيز فرضية بناء ضغوط انكماشية بما قد يمهد الطريق أمام بنك إنجلترا لخفض أسعار الفائدة العام المقبل. أما بالنسبة لاجتماع السياسة النقدية السابق، فقد صوت عضوان بالفعل لصالح خفض سعر الفائدة؛ لذلك قد ينضم المزيد من المسؤولين إلى المجموعة المؤيدة للسياسات التيسيرية في ظل استمرار الأجواء السلبية.
وكانت تداولات الجنيه الإسترليني إيجابية على مدار الأسبوع الماضي على الرغم من البيانات الاقتصادية الضعيفة على كافة المستويات. ومنذ استفتاء انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي احتلت بيانات الاقتصاد الكلي مكانة ثانوية.



أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.