ابتكار مادة كيميائية «قابضة» للمياه

تشير دراسة علمية أجراها باحثون من جامعة «إيست أنغليا» الأميركية، نشرت في يناير (كانون الثاني) 2018 على موقع «اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي»، إلى أن «ربع أراضي العالم مهدد بالجفاف، حيث إن موارد المياه تتجه إلى الانحسار بسبب تداعيات التغيرات المناخية»، وهو ما فرض ضرورة البحث عن حلول للاستفادة من كل قطرة مياه.
أحد الحلول خرجت من جامعة كاليفورنيا حديثا عبر ابتكار مادة كيميائية، يمكن وصف وظيفتها بأنها تقوم بمساعدة النبات في القبض على المياه والاحتفاظ بها، بما يمكن أن يساعد في وقف موجة الخسائر السنوية الهائلة للمحاصيل، بسبب تداعيات الجفاف.
يقول شون كاتلر أستاذ بيولوجيا الخلية النباتية بجامعة كاليفورنيا، الذي قاد البحث، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة: «الجفاف هو السبب الأول لفشل المحاصيل في جميع أنحاء العالم، وهذه المادة الكيميائية هي أداة جديدة مثيرة يمكن أن تساعد المزارعين على إدارة أداء المحاصيل بشكل أفضل عندما تكون مستويات المياه منخفضة». ووصف الفريق البحثي تفاصيل هذه المادة الكيميائية الأحدث والأكثر فعالية لمكافحة فقد الماء بورقة نشرت في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بدورية Science، حيث سموها باسم «أوبابكتين» (Opabactin)، وتعرف اختصارا بـOP.
وتحاكي هذه المادة حمض الأبسيسيك، أو ABA، وهو الهرمون الطبيعي الذي تنتجه النباتات استجابة لضغط الجفاف، حيث يبطئ هذا الهرمون من نمو النبات، لذلك لا يستهلك ماء أكثر مما هو متاح وبالتالي لا يذبل.
وعرف العلماء منذ فترة طويلة أن استخدام مادة تحاكي الحمض لرش النباتات يمكن أن يحسن من تحمل الجفاف، ولكنه خيار مكلف وقد لا يكون متاحا لمعظم المزارعين، وهو ما دعا الباحثين لابتكار خيار أقل تكلفة وهو (Opabactin).
ترتبط المادة التي تحاكي الحمض بجزيء مستقبلات هرمون الأبسيسيك في خلية نباتية، بما يشكل رابطين محكمين، مثل الأيدي التي تمسك بالمقابض، وبالبحث في ملايين الجزيئات المختلفة التي تحاكي الهرمونات أسفرت جهود الباحثين عن المادة (Opabactin).
ويقول كاتلر في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»: المادة الجديدة أقوى بعشر مرات من المادة المحاكية لحمض الأبسيسيك، ما يجعلها (هرموناً فائقاً). وتعمل هذه المادة أيضا بسرعة، حيث تؤتي ثمارها في غضون ساعات، ما يؤدي إلى تحسن ملموس في تعامل المزارعين مع ظروف الجفاف».
وعن كيفية استخدام هذه المادة، يضيف «النباتات لا تستطيع التنبؤ بالجفاف، لكننا إذا اعتقدنا أن هناك فرصة لحدوث الجفاف قبل أسبوعين من حدوثه، فلدينا ما يكفي من الوقت لاستخدام تلك المادة مع المحاصيل».