راديو «بيسان إف إم»... أثير من الرقة وتفاعل على «السوشيال ميديا»

راديو «بيسان إف إم»... أثير من الرقة وتفاعل على «السوشيال ميديا»
TT

راديو «بيسان إف إم»... أثير من الرقة وتفاعل على «السوشيال ميديا»

راديو «بيسان إف إم»... أثير من الرقة وتفاعل على «السوشيال ميديا»

ظهرت كثير من الإذاعات الخاصة في سوريا بعد عام 2011. هذا، وتعمل 4 إذاعات محلية في المنطقة الشرقية، تبث برامجها عبر مواقع الإنترنت وصفحات السوشيال ميديا، أو موجات «FM» مخصصة لجمهور مدينتي الرقة ودير الزور ومناطق شرق الفرات. ويرى مراقبون أن إطلاق هذه الإذاعات في بلد تشهد حروباً مستمرة يعكس تطوراً نوعياً في قدرة السوريين على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا وثورة المعلومات، والعمل على نشر ثقافة التسامح والسلام وقبول الآخر، إلى جانب بناء ثقة بين المذيع والمستمع، وتعزيز صلة الوصل بين المستقبل والمتلقي.
وتحت شعار «هواها حرية وأثيرها للأرض والإنسان»، أطلقت إذاعة «بيسان إف إم» بثها المباشر أواخر أبريل (نيسان) العام الماضي، وهي تقدم نفسها كإذاعة محلية اجتماعية خدمية إخبارية، يقول كادرها إنها مستقلة، ويصل إليها الجمهور عبر موجاتها القصيرة في مدن الرقة والطبقة وريف دير الزور الشمالي والشرقي، ويعمل القائمون عليها على توسيع أبراج التغطية، لتشمل جميع مدن وبلدات شرق الفرات، إلى جانب صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وخدمة توين إين.
وعن بدايات عمل الإذاعة، لدى حديثه إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، يقول حازم الفرج، مدير «بيسان»، إن الفكرة بدأت بعد تحرير مدينة الرقة من قبضة إرهابيي «داعش» نهاية 2017 «بعد سنوات من حكم التنظيم المتطرف، والتعتيم الإعلامي على الرقة والمناطق التي كانت خاضعة لسيطرته آنذاك». ومن بين أبرز التحديات التي واجهت عملهم بداية انطلاقة الراديو «تأمين معدات فنية وتقنية بدءًا من استديو وأبراج بث ومعدات إذاعية، وانتهاءً بخدمتي الكهرباء والإنترنت اللتين كانتا شبه غائبتين وقتها».
واختار كادر «بيسان» العمل في مجال الإعلام الرقمي، بالاعتماد على منصات السوشيال ميديا، للإطلالة على الجمهور ومتابعي صفحاتها، والسبب مرده بحسب مديرها «امتلاك شريحة الشباب الهواتف المحمولة واللوحات الرقمية، وسرعة الوصول إلى خدمة الإنترنت التي باتت منتشرة وتخدم المنطقة». ولدى الإذاعة 5 أبراج ومحطات بث، إحداها في الطبقة، وتبث أثيرها لتصل حتى مدينة منبج المجاورة، ومحطة ثانية في بلدة البصيرة، وثالثة بمنطقة الكسرات بريف دير الزور (شرق سوريا)، حيث تبث موجات راديو بيسان حتى تصل إلى داخل مدينة دير الزور، ومحطتان في الرقة، وتغطيان مركز المدينة حتى ناحية عين عيسى وتل أبيض، بريفها الغربي والشمالي.
وبعد عامين من العمل والخطط والبرامج المنوعة، أشار حازم الفرج إلى أنهم «تمكنا من الوصول إلى جمهور واسع، وتعزيز التواصل بين الإذاعة والمستمعين، وكسبنا ثقة الناس عبر التواصل المستمر، وإتاحة الفرصة للحديث مع المسؤولين وصناع القرار، وتقديم محتوى إذاعي مهني موضوعي»، مؤكداً أنهم يعملون على مناهضة خطاب الكراهية، وتمكين الشباب والمرأة، وإزالة الآثار السلبية الناتجة عن الحرب المستعرة منذ 8 سنواتٍ عجاف.
وانطلقت إذاعة بيسان بداية عام 2018، ويتألف كادرها من 35 إعلامية وإعلامياً، بين مقدم ومذيع وموظف إداري وتقنيين، بالإضافة إلى مراسلين وعاملين في المحطات الموزعة في شمال وشمال شرقي سوريا، وهي تقدم نشرات إخبارية متخصصة، وسلسلة من المواجز الإخبارية على رأس الساعة، إضافة إلى الأخبار العاجلة طوال اليوم.
غير أن الفترة الصباحية المباشرة «صباح الفرات»، التي تمتد بين الساعة 8 صباحاً و1 ظهراً بشكل خاص، من أكثر البرامج التي يتابعها جمهور الإذاعة، كونها تركز على هموم الناس اليومية، وتستقبل الاتصالات الحية. ومن بين برامج الإذاعة الأسبوعية التي تبث بعد فترة الظهيرة برنامج «الرقة اليوم»، وهو برنامج خدمي يستضيف مسؤولاً وإدارياً في مؤسسات وهيئات مجلس الرقة المدني؛ والأخير مجلس حكم محلي يدير الرقة منذ نهاية عام 2017.
وذلك، إلى جانب «أعلام الفرات»، وهي فقرة تتحدث عن شخصيات ومشاهير الرقة والجزيرة السورية، بالإضافة إلى المسلسل الإذاعي «شكارنا»، وهي مفردة محلية تعني «ما دخلنا»، ويسرد حلقاته على شكل كوميديا إذاعية هادفة لإبراز المشكلات والتحديات التي يشكو منها سكان المنطقة.
ويعتمد كادر الإذاعة على دورات إذاعية كل 6 أشهر، كما يعاد تقييمها كل 3 شهور لتقديم محتوى إذاعي احترافي ترفيهي للمستمعين، ومن بين برامج الدورة الحالية فقرة «حدث اليوم»، وتبث على مدار أيام الأسبوع، وتسلط الضوء على أبرز المحطات المحلية والسورية؛ وفقرة «أطلس الفرات»، وتتحدث عن معالم الرقة التاريخية والأثرية والسياحية؛ وبرامج بالعمق وتحت المجهر وإيران في سوريا؛ وفقرات أسبوعية ثانية.
وتخوض المذيعة سارة الأحمد تجربتها الأولى بالعمل الإذاعي، وقد أعربت عن سعادتها بالعمل في راديو سوري يخاطب الجمهور بلهجة ولكنة محلية، حيث تقول: «أنا أتحدر من الرقة، والإذاعة رقاوية، والجمهور رقاوي، لذلك كانت لديَّ رغبة وطموح للعمل الإذاعي لمخاطبة الجمهور، فالتنظيم عمد إلى قمع النساء والفتيات، وحرمهن من جميع حقوقهن».
وتهدف الإذاعة لتمكين المرأة، اجتماعياً ومهنياً وعلمياً وسياسياً. وترى سارة أن مهمة الإذاعة أن تكون الأقرب لنبض الشارع السوري في المنطقة الشرقية. أما أكثر البرامج تفاعلاً على منصات التواصل الاجتماعي، فتلك التي تبث الفترة المسائية، كونها تنقل الأحاديث والمعلومات الشيقة التي يرسلها متابعو الصفحات، منوهة بأن قسم التشبيك والاتصال في الإذاعة يستقبل مئات الرسائل أسبوعياً، وأردفت سارة قائلة: «كثير منها يكون شكاوى واستفسارات، تصلنا إما عبر خدمة (واتساب) أو صفحة الإذاعة الرسمية على موقع (فيسبوك) وباقي منصات التواصل الاجتماعي».
ويقول حازم الحرامي، المتحدر من الرقة ويعمل بصفته أحد المحررين في غرفة الأخبار: «نسلط الضوء على الأخبار المحلية في المدينة وضواحيها، وتغطية محليات ريف دير الزور وشرق الفرات، عبر شبكة من المراسلين المحليين ومصادر إخبارية»، ويزيد: «تسعى أسرة (بيسان) لتسخير كل إمكاناتنا الإعلامية لنقل صوت أهلنا بالرقة وما حولها، لنحمل أمانة هذا الصوت إلى السوريين والعالم والمجتمع الدولي».



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.