إضراب عام في العراق دعماً لمطالب المتظاهرين

محتجون عراقيون على جسر السنك في بغداد (أ.ف.ب)
محتجون عراقيون على جسر السنك في بغداد (أ.ف.ب)
TT

إضراب عام في العراق دعماً لمطالب المتظاهرين

محتجون عراقيون على جسر السنك في بغداد (أ.ف.ب)
محتجون عراقيون على جسر السنك في بغداد (أ.ف.ب)

أفاد شهود عيان بأن الآلاف من المواطنين العراقيين نظموا اليوم (الأحد) إضراباً طوعياً عن العمل تم فيه إغلاق عدد من الأبنية الحكومية والمدارس والأسواق والمحال التجارية، في مشهد غير مسبوق، دعماً لمطالب المظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها بغداد، وتسع محافظات، للمطالبة باستقالة الحكومة وحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة في البلاد.
وقال الشهود لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن الآلاف من طلاب المدارس والجامعات وموظفي العتبات المقدسة والدوائر الحكومية خرجوا إلى الشوارع في مناطق متفرقة من بغداد، وعدد من المحافظات، لتأييد مطالب المتظاهرين.
وذكر الشهود أن السلطات الأمنية في بغداد والمحافظات الأخرى أغلقت الطرق والجسور، ونشرت قوات إضافية، لمنع تدفق المشاركين في الإضراب من الوصول إلى ساحات التظاهر للمشاركة في المظاهرات الاحتجاجية.
وذكر العميد علي حسن قائد شرطة واسط، اليوم، إن «هناك تعاونا بين القوات الأمنية والمتظاهرين وتم تشكيل دوريات بالتعاون مع المتظاهرين لحماية ساحة المظاهرات».
وما زالت السلطات الإيرانية تمنع دخول المسافرين العراقيين عبر منفذ الشلامجة في محافظة البصرة بسبب الاحتجاجات التي تشهدها مدن إيرانية فيما يسمح فقط باستمرار حركة الشاحنات التجارية بين البلدين.
وأعلنت محافظات بابل وواسط وميسان وذي قار اعتبار اليوم عطلة رسمية، على خلفية الإعلان عن الإضراب العام عن العمل لدعم المظاهرات الاحتجاجية الكبرى التي تجتاح العاصمة وتسع محافظات، للأسبوع الرابع على التوالي.
وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر دعا الأسبوع الماضي إلى دعم المظاهرات الاحتجاجية بالإضراب عن العمل ليوم واحد لجميع الموظفين وطلبة الجامعات والمدارس، في مشهد غير مسبوق في تاريخ العراق.
وطلبت وزارتا التعليم العالي والتربية من طلبة الجامعات والكليات والمراحل الدراسية الأولية كافة الانتظام بالدراسة وعدم المشاركة في الإضراب العام.
ورحب المتظاهرون في ساحات التظاهر في بغداد وعدد من المحافظات بانطلاق الإضراب العام لما له من أهمية كبيرة في دعم مطالب المتظاهرين في إسقاط الحكومة وحل البرلمان وتعديل الدستور.
وأكد متظاهرون أن مجرد إعلان الإضراب العام هو انتصار لمطالب المتظاهرين، حتى وإن كان إضراباً طوعياً، أو حتى لو اقتصر ذلك على إيقاف العمل أو التجمع أمام الأبنية الحكومية، دون الوصول إلى ساحات التظاهر أو الخروج إلى الشوارع.
وشهدت الساعات 24 الماضية حالة من الهدوء في ساحات التظاهر في ساحة التحرير والخلاني في بغداد وأمام أبنية مجالس المحافظات في البصرة وميسان والناصرية وواسط والديوانية والسماوة والنجف وكربلاء وبابل.
ونشرت الحكومة العراقية تعزيزات أمنية في الشوارع لحماية التطورات الجديدة في الشوارع وضبط الأمن.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم