الصينيون يعودون إلى فندق «والدورف أستوريا» بعد 40 عاما بملياري دولار

«انبانغ للتأمين» الطموحة توصلت إلى العقار التاريخي المملوك لـ«هيلتون» للاستحواذ عليه

واجهة فندق «والدورف أستوريا»
واجهة فندق «والدورف أستوريا»
TT

الصينيون يعودون إلى فندق «والدورف أستوريا» بعد 40 عاما بملياري دولار

واجهة فندق «والدورف أستوريا»
واجهة فندق «والدورف أستوريا»

عقب الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون إلى الصين، قام دينغ زياوبينغ نائب رئيس الوزراء حينها، ثم القائد الأعلى للدولة الصينية، بزيارته الأولى إلى الولايات المتحدة، لحضور اجتماع في الأمم المتحدة عُقد في عام 1974.
وقد أقام حينها في فندق «والدورف أستوريا» الفخم بوسط حي مانهاتن في نيويورك، حيث استضافه وزير الخارجية هنري كيسنجر على مأدبة خاصة للسيد دينغ وغيره من كبار الشخصيات.
وبعد 40 سنة، تقوم شركة تأمين صينية غير معروفة حاليا بشراء الفندق التاريخي، مع خطط لاستعادة الديكورات الفنية القديمة للمبنى، التي تعود إلى 83 عاما، إلى روعتها الأصلية.
بدأت مجموعة «انبانغ للتأمين» منذ 10 سنوات، ونجحت في تأمين رأس المال والاتصالات للتوسط في أكبر صفقة تحققها في حياتها، من خلال مستثمر صيني لأحد المباني الأميركية، ووافقت على سداد مبلغ مليار و950 مليون دولار أميركي مقابل البرج البالغ عدد طوابقه 47 طابقا، والمملوك لشركة «هيلتون العالمية القابضة». ويعكس سعر الشراء القياسي النفوذ العالمي المتصاعد لنخبة المال والأعمال الصينية. وعندما تقدم دينغ بإصلاحاته الجذرية في عقد السبعينات، كان قد مهَّد الطريق لجيل كامل من الشركات الخاصة للمساعدة في تحفيز الاقتصاد الصيني نحو آفاق جديدة. واليوم، مثل تلك الأعمال، جنبا إلى جنب مع الشركات العملاقة المملوكة للدولة هناك، تقف وراء دفعة قوية في الاستثمارات الخارجية.
وتقود تلك الطفرة الواسعة كبريات الشركات الغنية والقوية الصينية، على غرار شركة «علي بابا»، و«بايدو»، و«هواوي»، و«واندا»، وهي من رواد التطوير العقاري وتمتلك سلسلة مسارح إيه إم سي (AMC). غير أن الشركات الغامضة، مثل شركة «انبانغ للتأمين»، ذات التمويلات الضخمة والملاك المستترين وأصحاب النفوذ السياسي الكبير، تقفز على نحو متزايد في المعترك الاقتصادي. تخضع شركة «انبانغ»، في جزء منها، لسيطرة الطبقة الحاكمة في الصين، وهم أقارب بعض كبار القادة الثوريين الشيوعيين الذين أحكموا سيطرتهم على البلاد في عام 1949. ومن بينهم زوج حفيدة السيد دينغ.
وقد شجعت السلطات في بكين الشركات على التحرك إلى خارج الحدود الوطنية، من أجل تحسين قدراتها والاستحواذ على التقنيات الجديدة. ومع تنامي النمو في الداخل، تتيح الاستثمارات الخارجية كذلك الفرص للشركات الصينية للحصول على مكاسب ضخمة.
يقول السيد جوناثان جيه ميلر المدير التنفيذي لدى مؤسسة «ميلر سامويل»، وهي شركة تعمل في مجال التقييمات العقارية والاستشارات: «ظل المستثمرون الصينيون غارقين في حمى الشراء. ويرمز ذلك إلى التحولات العالمية في الثروات نحو آسيا».
وفي حين رحبت الشركات العالمية بالتدفقات النقدية، فإن عقد الصفقة يلقي مزيدا من الشكوك، بسبب النفوذ الشامل الذي تمارسه الحكومة الصينية على الأعمال الخاصة، فقد أثارت مثل تلك الصفقات الكثير من المخاوف في بعض الأحيان، فقد تطور الاندفاع الصيني في الأسواق العالمية بصورة سريعة، خلال العقد الماضي، من الاستثمار الكبير في مجال المناجم وصناعة مواد البناء، إلى شراء الفيلات الفاخرة، وحقول الكروم الفرنسية، والفنادق العالمية.
ورغم عشق الصينيين للمساومة، فإنهم في غالب الأمر على استعداد لدفع أعلى الأسعار لقاء الأصول القيمة، وخصوصا حينما يذهبون إلى الخارج.
خلال العامين الماضيين، أقبل رجال الأعمال الصينيون على شراء العقارات الراقية في أكبر مدن العالم، بما في ذلك مبنى لويد في لندن، وكذلك مبنى «جنرال موتورز»، وبرج «وان تشيس مانهاتن بلازا» في نيويورك.
وتمتلك مجموعة «غرين لاند للتطوير العقاري»، ومقرها في شنغهاي، 70 في المائة من مشروع ساحات الأطلسي، في مدينة بروكلين بقيمة 5 مليارات دولار.
أثارت الصفقات العقارية كثيرا من المقارنات حيال موجة المشتريات التي أجراها المستثمرون اليابانيون، في عقد الثمانينات. في ذلك الوقت، أُحرقت آمال الكثير من المستثمرين حينما تدهور الاقتصاد الأميركي.
وعلى غرار المستثمرين اليابانيين في الثمانينات، ساعد المشترون الصينيون اليوم في رفع أسعار المباني الراقية في الأسواق، حسبما صرح السيد وودي هيلر، رئيس مجموعة «سافيلس ستودلي» للمعاملات الرئيسة. ولكنه أضاف: «هناك قيمة كبيرة لذلك بالأساس، حيث يستعد الناس لدفع المزيد من المال، مقابل الاستمتاع بمقولة إنني أمتلك ذلك».
حتى في الصين، برغم ذلك، لا يكاد اسم شركة «انبانغ» يكون معروفا.
تأسست تلك الشركة في عام 2004، كشركة من شركات القطاع الخاص العاملة، في مجال التأمين ضد الحوادث في مدينة نينغبو الشرقية الصينية، بالقرب من شنغهاي. وجاء رأس المال الأساسي لشركة التأمين تلك من شركتين من أكبر الشركات الصينية المملوكة للدولة، وهما شركة «سينوبيك»، وهي عملاق النفط الوطني، وشركة «شنغهاي أوتوموتيف»، وهي واحدة من أكبر صناع السيارات في الصين.
غير أن شركة «انبانغ» تتمتع باتصالات على أعلى مستوى.
رئيس شركة «انبانغ» هو السيد وو شياهوي، الذي تزوج من حفيدة السيد دينغ، الذي توفي في عام 1997. وقد شكلت إحدى شركات السيد وو الأخرى شراكة مع شركة «نيو هورايزون كابيتال»، وهي شركة خاصة كبيرة تعمل في مجال الأسهم، وقد شارك في تأسيسها السيد وين يونسونغ، نجل رئيس الوزراء الأسبق وين جياباو، وفقا للملفات العامة وتقرير عن مجلة «كايزين» الصينية للأعمال.
يشمل مجلس إدارة شركة التأمين المذكورة كلا من تشن جياولو، وهو ضابط سابق في جيش التحرير الشعبي ونجل المارشال تشن يي، وهو القائد العسكري الثوري مع ماو تسي تونغ، الذي شغل في وقت لاحق منصب عمدة مدينة شنغهاي، في الفترة بين 1958 وحتى وفاته في عام 1972، وزيرا للخارجية الصينية.
تُعدّ شركة انبانغ من شركات التأمين الخاصة القليلة التي سُمح لها بالنمو، حتى صارت مجموعة للخدمات المالية، وحصلت على الترخيص للتحرك إلى مجال تأمينات الحياة، وإدارة الأصول والأعمال المصرفية.
وقد بدأت الشركة أعمالها بمبلغ 75 مليون دولار في عام 2004، وهي الآن تمتلك 30 ألف موظف، وأكثر من مائة مليار دولار في صورة أصول، بما في ذلك برج إداري فخم تتخذه مقرا لها في وسط العاصمة بكين.
يقول المحللون إن شركة «انبانغ» قد شهدت نموا بوتيرة سريعة، من خلال تقديم المنتجات التأمينية الاستثمارية ذات أسعار الفائدة المرتفعة أكثر من الودائع المصرفية العادية، وعن طريق دفع بكثير من رأسمالها في توسيع أعمالها.
وبعد تسهيل منظمي التأمين من قواعد الاستثمار بالنسبة للشركات، بدأت شركة «انبانغ» في ابتلاع مساحات ضخمة من الأراضي في العصمة بكين وغيرها من المدن الكبرى وامتلاك أسهم في كبريات البنوك في الدولة، بما في ذلك بنك التجار الصيني وبنك «مينشينغ».
وقد سمح المنظمون الصينيون كذلك لشركات التأمين الصينية باستثمار أموالهم خارج البلاد، مما أدى إلى موجة من الصفقات لدى كبريات شركات التأمين الصينية، مثل «تشاينا لايف» و«بينغ آن». ولكن كثيرا من المحللين يقولون إنهم فوجئوا، عندما وجدوا أن شركة «انبانغ»، التي صُنفت ذات مرة تحت رقم 28 بين شركات تأمينات الحياة، وقد ارتفع تصنيفها أخيرا إلى الدرجة الثامنة على مستوى البلاد. يمكنها أن تشتري فندق «والدورف أستوريا» بمبلغ مليار و950 مليون دولار أميركي.
يقول ثيلو هانيمان، مدير الأبحاث في الاستثمارات العابرة للحدود لدى مجموعة «روديوم»، وهي مؤسسة استشارية مقرها في نيويورك: «ترفع شركات التأمين الصينية من استثماراتها العالمية، ومن العقارات التجارية في الأسواق بالدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، ليتناسب مع برنامج تجنب المخاطر لديهم».
وقال الشخص الذي يرد على الهواتف في مقر شركة «انبانغ» إنه لم يتسن الوصول إلى المديرين التنفيذيين للشركة، من أجل الحصول على التعليقات، يوم الأربعاء.
يمثل فندق «والدورف أستوريا» أول المهام الكبرى لشركة «انبانغ» في الولايات المتحدة. وقد افتتح فندق «والدورف» في عام 1931 من قبل عائلة استور، ثم استحوذ عليه فندق «كونراد إن هيلتون»، وقد كان الفندق المفضل لزعماء العالم الذين يزورون منظمة الأمم المتحدة في دوراتها المتكررة، وحتى بالنسبة لرؤساء الولايات المتحدة، مثل الرئيس باراك أوباما الذي أقام فيه هذا العام.
وتشير شركة «هيلتون»، التي سوف تستمر في إدارة الفندق، إلى أن شركة «انبانغ» سوف تستثمر المزيد من الأموال في إعادة تجديد الفندق الذي يضم 1413 غرفة، وهو الأكبر على مستوى العالم.
ويحتفظ فندق «والدورف أستوريا» بأهمية خاصة، كذلك في تاريخ العلاقات الأميركية - الصينية. فقد أقام فيه كل زعيم صيني يزور الولايات المتحدة بعد السيد دينغ، بما في ذلك الرؤساء الصينيون السابقون جيانغ زيمين، وهو جينتاو.
وفي الآونة الأخيرة، تجمع المستثمرون خارج فندق «والدورف أستوريا» للاستماع إلى جاك ما، رئيس مجموعة «علي بابا» الصينية، قبل أن تخرج شركته للاكتتاب العام في أكبر طرح للأسهم يشهده التاريخ.
وبالعودة إلى تاريخ 14 أبريل (نسيان) عام 1974، يبدو أن السيد دينغ استمتع بأولى زياراته إلى مدينة نيويورك. وفي تلك الأمسية، في فندق «والدورف أستوريا» بعد الساعة الثامنة مساء، استضاف كيسنجر الزعيم الصيني وغيره من المسؤولين الصينيين المرافقين في جناحه بالفندق؛ «الجناح رقم 35 - أ». وتبادل هناك الأنخاب مع السيد دينغ، كما يحلو للصينيين أن يفعلوا، مع نبيذ فاخر مصنوع من الذرة، ويُسمى «ماوتاي».
وقال الدكتور كيسنجر للسيد دينغ: «أعتقد أننا إذا احتسينا ما يكفي من (الماوتاي)، يمكننا حل أي قضية مهما كانت»، وفقا لنص الحوار الذي جرى نشره لاحقا. وقد أجابه السيد دينغ قائلا: «ثم عندما أعود إلى الصين، ينبغي على زيادة إنتاجه».
(* خدمة {نيويورك تايمز})



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»