أم كلثوم ونجوم عصرها في معرض فني بالقاهرة

25 لوحة لكوكب الشرق برؤية فنان مصري مهاجر في كندا

الفنان وجيه يسى اكتشف عشقه لأم كلثوم بعد هجرته لكندا
الفنان وجيه يسى اكتشف عشقه لأم كلثوم بعد هجرته لكندا
TT

أم كلثوم ونجوم عصرها في معرض فني بالقاهرة

الفنان وجيه يسى اكتشف عشقه لأم كلثوم بعد هجرته لكندا
الفنان وجيه يسى اكتشف عشقه لأم كلثوم بعد هجرته لكندا

في معزوفة بصرية، يتجاور فيها الصوت والصورة واللون، تقف أسطورة الغناء العربي أم كلثوم، شامخة بين جمهورها، وكوكبة من أساطين الموسيقى الذين رافقوا رحلتها في محطات كثيرة، عبر باقة من الألحان الخالدة، لا تزال قادرة على أن تمتعنا وتمنحنا نفسها بشكل جديد.
بهذه الروح نتأمل لوحات معرض «صبا»، إحدى مقامات الموسيقى الشرقية المعروفة وقد اختاره الفنان وجيه يسى عنوانا لمعرضه، حيث وجده معبرا عن عالم أم كلثوم وموسيقى عصرها، مؤكدا أنه لم يتحمس لكثير من العناوين المباشرة كأن يطلق عليه معرض أم كلثوم أو سيدة الغناء العربي أو ما شابه ذلك.
قاعة بيكاسو الكائنة بحي الزمالك بالقاهرة التي احتضنت المعرض شهدت زحاما غير عادي بجمهور من مختلف الأعمار الكبار جاءوا ولديهم حنين متوقع لزمن انقضى، والشباب من طلبة الفنون الجميلة جاءوا لمشاهدة هذه التجربة في فن البورتريه لفنان مصري يعيش في تورونتو بكندا، وحرص الفنان على أن يستطلع آراءهم وقد تفاجأ بأنهم يستمعون لأم كلثوم ويعشقون فنها فشعر بالاطمئنان لوجود جيل جديد لم يعاصرها لكنه يحبها، هذا الحب الذي، على حد قوله، «لم يأت من فراغ وإنما من موهبة طاغية وصدق الفنانة ودأبها وإخلاصها لفنها على مدى عمرها؛ لذا تبقى السيرة أطول من العمر لها ولكل المبدعين الذين يظل الزمن شاهدا على عبقريتهم».
أجواء الغربة وظروف إقامة الفنان في تورونتو بكندا جعلتاه يعيد اكتشاف سيدة الغناء العربي في لوحاته، وكما يقول: «لم أكن مستمعا جيدا لأم كلثوم، لكن مع هجرتي لكندا وجدت نفسي مشدودا لها بقوة وأصبحت أغنياتها رفيقي في أغلب الأوقات واكتشفت عبقرية الصوت والأداء والألحان وصرت من عشاقها ولذا ظلت حاضرة في كل معارضي، فلا بد من صورة لها أو أكثر في كل معرض أقيمه، وبينما كنت أعد لهذا المعرض فكرت أن أهدي كل لوحاته لها، ثم رأيت أن أضيف لوحات لبعض نجوم عصرها الذين صاغوا ألحانها فرسمت عدة لوحات لعبد الوهاب ورياض السنباطي وبليغ حمدي وكنت أتمنى أن أضم لهم بعض الشعراء الذين أثروا تجربتها الغنائية، لكن كان هذا يفوق قدرة قاعة العرض فاكتفيت بذلك».
ولكي يقدم لنا لوحات من وحي أغنيات أم كلثوم استعاد الفنان كثيرا من الفيديوهات التي تضمنت حفلاتها وكما يوضح: «كنت أثبت شريط الفيديو لساعات على إحدى حفلاتها لأستشف روحها في اللوحة، خاصة أنني لا أقدم صورة فوتوغرافية لها، إنما هي لوحة في عمل فني يتضمن رؤيتي وإحساسي، وفي كل صورة ثمة وجه مختلف، فتارة نجدها وهي منسجمة في الغناء، وتارة وهي جالسة تتابع المقدمة الموسيقية، وأخرى وهي تمسك بمنديلها الشهير ورابعة تكشف فساتينها المميزة التي تكمل شخصيتها على المسرح، واللوحات لا تنتمي لأغنية معينة بل من وحي كل حفلاتها الغنائية»، ويؤكد: «لا أميل لإطلاق أسماء على لوحاتي وأشعر أن هذا سيحد من خيال المتلقي الذي قد يكتشف شيئا آخر لم يرد في ذهني».
فن البورتريه الذي جذب الفنان منذ طفولته يعد أحد الفنون المعقدة لاعتماده على تقديم الشخصية عبر ملامح الوجه، لكن وجيه يسى يرى البورتريه تشريحا علميا لوجه الشخصية، يتطلب تدقيقا كبيرا ورؤية فنية شديدة الحساسية، قادرة على أن تلتقط ما وراء الملامح من مشاعر وانفعالات.
لوحات معرض «صبا» تحفل بخطوط وتشكيلات لونية رائعة، حيث اختار الفنان وجيه يسى ألوان الأكوريل التي تتطلب جرأة وصبرا في التعامل، بخاصة في رسم الأشكال المركبة من عدة طبقات لونية لتحديد مساقط النور والظل للشكل، وتعزيز دورهما في إنضاجه فنيا.
يقول يسى: «أستمتع جدا في رسمي للبورتريه بالألوان المائية رغم صعوبتها، وقد مكثت 15 عاما أرسم لوحاتي بها وهي ألوان حساسة للغاية، ولا بد أن يحبها الفنان لكن هذا المعرض يتضمن أيضا لوحات مرسومة بالزيت»، وعن «الباليته» (رقعة الألوان) الخاصة به يؤكد: «هي جزء من تكنيك كل فنان ينمو مع الوقت والخبرة وأنا أميل إلى الألوان البنفسجية واللون الأصفر بدرجاته لكن اللون عموما لا يغرد منفردا ويظهر أكثر بما يحيطه من ألوان أخرى».
وجيه يسى، 65 عاما، فنان تلقائي لم يدرس الفنون التشكيلية وإنما درس الأدب الإنجليزي لكن موهبته كشفت عن نفسها منذ كان طفلا بهر أسرته وأساتذته بخطوطه وألوانه، وكما يقول: «علمت نفسي بنفسي ومارست الفن كهواية؛ لذا لم أتأثر بأحد ولم أقلد أحدا».
ورغم هجرته لكندا فإنه لم ينقطع عن زيارة مصر حيث أقام بها سبعة معارض كما يحرص على زيارتها خلال فصلى الربيع والخريف، ويمتلك غاليري خاصا به في تورونتو، ورغم إيمانه بأن الفن لغة عالمية لكنه يرى أنه وليد الثقافة وإيقاع الحياة أيضا، مشيرا إلى أن فناني كندا يهتمون بفن التجريد بشكل أكبر، بينما يرى أن حركة الفن التشكيلي في مصر تمثل ثورة من حيث ازدهار المعارض وظهور مواهب شابة مبشرة.
ويمثل معرض «صبا» للفنان حالة تحد يكشفها لنا قائلا: «نجاح المعرض سبب لي حالة من التحدي فدائما أسأل نفسي وماذا بعد، فكلما أقمت معرضا جديدا أشعر أنه يظل تجربة ومحاولات وأنتقد أعمالي بقسوة، ورغم أنني أرسم منذ نصف قرن فما زلت أقف على شاطئه، فالفن مجال ثرى وضخم وأرى أن النقد الذاتي هو الذي يدفع الفنان لتطوير نفسه».



العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
TT

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)

وسط أجواء من العراقة التي تتمثّل بها جبال العلا ووديانها وصحرائها، شمال السعودية، احتفلت، الجمعة، «فيلا الحجر» و«أوبرا باريس الوطنية» باختتام أول برنامج ثقافي قبل الافتتاح في فيلا الحجر، بعرض قدّمته فرقة باليه الناشئين في أوبرا باريس الوطنية.

«فيلا الحجر» التي جاء إطلاقها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، في 4 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية تقام في السعودية، لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي، وتعد أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين «الهيئة الملكية لمحافظة العُلا»، و«الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا».

وبمشاركة 9 راقصات و9 راقصين تراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً من خلفيات متنوعة، أدّى الراقصون الناشئون، تحت إشراف مصمم الرقصات الفرنسي نويه سولييه، عرضاً في الهواء الطلق، على الكثبان الرملية، ووفقاً للحضور، فقد نشأ حوار بين حركاتهم والطبيعة الفريدة للصخور والصحراء في العلا، لفت انتباه الجماهير.

تعزيز التبادل الثقافي بين الرياض وباريس

وأكد وجدان رضا وأرنو موراند، وهما القائمان على برنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح الموسم 2023 - 2024 لـ«الشرق الأوسط» أنه «سعياً إلى تحقيق الأهداف الأساسية لبرنامج ما قبل الافتتاح لـ(فيلا الحجر)؛ جاء (مسارات) أول عرض إبداعي للرقص المعاصر تقترحه الفيلا». وحول إسهامات هذا العرض، اعتبرا أنه «سيسهم في تحديد ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم العلاقة بأرض العلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية».

من جهتها، شدّدت فريال فوديل الرئيسة التنفيذية لـ«فيلا الحجر»، لـ«الشرق الأوسط» على التزامهم «بتقديم عروض لفنون الأداء وتسليط الضوء على الطاقة الإبداعية للمواهب السعودية والفرنسية والدولية» مشيرةً إلى أن شراكة الفيلا مع أوبرا باريس الوطنية، من شأنها أن «تعزِّز وتشجّع التعاون والحوار الثقافي بين السعودية وفرنسا، وعلى نطاق أوسع بين العالم العربي وأوروبا، إلى جانب تشكيل فرصة فريدة لصنع إنجازات ثقافية تتميز بالخبرة في بيئة فريدة ولجمهور من كل الفئات».

«مسارات»

وبينما أعرب حضور للفعالية من الجانبين السعودي والفرنسي، عن إعجاب رافق العرض، واتّسم باستثنائية تتلاءم مع المكان بعمقه التاريخي وتشكيلاته الجيولوجية، أكّد مسؤولون في «فيلا الحجر» أن عرض «مسارات» جاء تحقيقاً للأهداف الأساسية لبرنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح، حيث يعدّ أول عرض إبداعي للرقص المعاصر على الإطلاق تقترحه المؤسسة المستقبلية، وتوقّعوا أن يُسهم العرض في تحديد ما يمكن أن تسهم به هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم علاقتها بأرض العُلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية.

وانتبه الحضور، إلى أنه احتراماً للمكان الغني بالتنوع البيولوجي وبتاريخه الممتد إلى آلاف السنين (العلا)، جاء العرض متحفّظاً وغير تدخلي، فلم تُستخدم فيه معدات موسيقية ولا أضواء، بل كان مجرد عرض مكتف بجوهره، في حين عدّ القائمون على العرض لـ«الشرق الأوسط» أنه حوارٌ مع البيئة الشاسعة التي تحتضنه وليس منافساً لها.

15 لوحاً زجاجياً يشكّلون عملاً فنياً معاصراً في العلا (الشرق الأوسط)

«النفس – لحظات طواها النسيان»

والخميس، انطلق مشروع «النفس – لحظات طواها النسيان» بعرض حي، ودُعي إليه المشاركون المحليون للتفاعل مع المنشأة من خلال التنفس والصوت؛ مما أدى إلى إنتاج نغمات رنانة ترددت في أرجاء الطبيعة المحيطة، ووفقاً للقائمين على المشروع، فإن ذلك يمزج العمل بين التراث، والروحانية، والتعبير الفني المعاصر، مستكشفاً مواضيع خاصة بمنطقة العلا، مثل العلاقة بين الجسد والطبيعة.

وكُشف النقاب عن موقع خاص بالمنشأة والأداء في العلا، حيث يُعدّ المشروع وفقاً لعدد من الحاضرين، عملاً فنياً معاصراً من إنتاج الفنانة السعودية الأميركية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي.

يُعرض العمل في موقعين مميزين بالعلا، حيث تتكون المنشأة في وادي النعام من 15 لوحاً زجاجياً مذهلاً يخترق رمال الصحراء، بينما تعكس المنحوتات الزجاجية المصنوعة يدوياً جيولوجيا المنطقة في موقع «دار الطنطورة».