تشييع شعبي لعلاء أبو فخر

طغى تشييع القيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي علاء أبو فخر على المشهد اللبناني يوم أمس، فيما عاد الناشطون إلى استراتيجية إقفال الطرقات صباحا، ليعود بعدها الجيش اللبناني ويعمل على إعادة فتحها.
أتى ذلك في وقت أفرج عن الناشط اللبناني خلدون جابر بعد ساعات على اعتقاله في محيط القصر الرئاسي في بعبدا خلال مشاركته في المظاهرة على خلفية الهتافات التي أطلقت، وأكد بعد إطلاق سراحه تعرضه للضرب والإهانات، عارضا الكدمات الظاهرة على جسمه.
وفي مأتم شعبي شارك فيه الآلاف وشخصيات سياسية وحزبية أبرزهم رئيس «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط، احتشد المشيعون في بلدة الشويفات، حيث سجي جثمان أبو فخر الذي غطته الأكاليل والعلم اللبناني وسط الحزن الممزوج بالغضب.
وفي كلمة له قال جنبلاط: «ليس لنا سوى الدولة التي ناضلنا لأجلها، ونلجأ إلى العقل ونرفع النداء لنقول القضاء العادل والمستقل ينصف دماء علاء».
واتخذت بلدية الشويفات قراراً بإطلاق اسم علاء أبو فخر على مثلث خلدة، عند مدخل بيروت الجنوبي.
وكان أبو فخر الذي أطلق عليه المتظاهرون تسمية «شهيد الثورة» أيضا حاضرا في الساحات في عدد من المناطق؛ حيث نظم المحتجون في ساحة إيليا في صيدا تشييعا رمزيا له بالتزامن مع تشييعه في الشويفات، فحملوا نعشا لف بالعلم اللبناني ورفعوا صورة كبيرة له. وطاف المحتجون بالنعش في الساحة على وقع النشيد الوطني والأغاني الوطنية.
وفي إطار قضية أبو فخر، طلب وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال إلياس بو صعب في تغريدة له على «تويتر» من القضاء العسكري المختص إجراء التحقيق الوافي والسريع بالحادثة الأليمة التي أودت بحياة علاء أمام عائلته ورفاقه وجميع اللبنانيين، وعدم حصر التحقيق بالمرافق العسكري الذي أطلق النار كي لا يفلت أحد من العقاب إذا كان مداناً.
في موازاة ذلك، أطلق سراح الناشط خلدون جابر بعد ظهر أمس بعدما كان اعتقل مساء الأربعاء خلال مشاركته في المظاهرة في محيط قصر بعبدا، فيما أعلن عن توقيف ثلاثة أشخاص في منطقة جل الديب، ليعاد بعدها ويطلق ناشط منهم.
وبعد ساعات على غياب أي معلومة عن مكان احتجاز جابر، ما استدعى تحركات من ناشطين ومحامين متطوعين في الحراك، أبلغ المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات وفدا منهم توجه إلى قصر عدل بيروت للمطالبة بالكشف عن مصير جابر، أن «قرار تخليته اتخذ، وسيطلق سراحه من مقر الشرطة العسكرية».
وبعد خروجه من المخفر قال جابر: «اعتقلوني بطريقة بوليسية خلال مشاركتي في المظاهرة وتعرضت للضرب إلى أن وصلت إلى وزارة الدفاع ثم تم نقلي إلى الشرطة العسكرية». وأكد: «مستمرون في تحركاتنا، والشبان في الشارع أثبتوا أن الثورة الشعبية مستمرة ولسنا مموّلين، وحبّ الوطن هو أجندتنا فقط. لقد حاولوا تعريضي للترهيب النفسي». وأضاف: «أزعجتهم الهتافات التي أطلقناها في محيط قصر بعبدا، وباقون في الساحات ولن نستسلم».
وفي الإطار نفسه، نظمت مسيرة للمتظاهرين في صيدا انضم إليها محتجون من صور جابوا شوارع المدينة وصولا إلى قصر العدل فيها؛ حيث نفذوا اعتصاما إلى جانب أهالي الموقوفين الـ18 الذين لا يزالون موقوفين بتهمة قيامهم بأعمال شغب في استراحة صور، وسط تدابير أمنية مشددة، قبل أن يعلن أن القاضي أرجأ الجلسة لعدم تمكنه من الوصول إلى صيدا بسبب إقفال الطريق.
وميدانيا، لم يتبدل المشهد في اليوم التاسع والعشرين للتحركات الشعبية، حيث عمد المتظاهرون منذ الصباح إلى إقفال الكثير من الطرقات في مختلف المناطق قبل أن تعيد القوى الأمنية فتحها.
أما الطريق المؤدي إلى القصر الجمهوري الذي تحوّل أول من أمس إلى ساحة رئيسية للاعتصام، فقد باتت سالكة بالاتجاهين مع انتشار كثيف لعناصر الجيش والقوى الأمنية.
وبعد الضجة التي أثارتها محاولة بناء جدار في منطقة نهر الكلب وإقفال الأوتوستراد، مساء أول من أمس ومن ثم إعادة هدمه، بعد الاعتراض عليه من جهات عدة ومن مجموعات من الناشطين،
وبعد أن فتح الجيش بالتعاون مع القوى الأمنية الأوتوستراد، أزال المحتجون السياج الشائك والإطارات داخل النفق، وعمدوا إلى تنظيف الأوتوستراد من الحجارة وجدرانه من غبار الأتربة ودخان السيارات، واستقدموا غرسات من الزهور وضعت أمام صورة لعلاء أبو فخر على مدخل النفق.
والوضع نفسه لم يختلف كان في مناطق لبنانية عدة؛ حيث أقفلت الطرقات ثم أعيد فتحها، فيما سجل توتّر في منطقة تعلبايا في البقاع، بعد محاولة الجيش فتح الطريق وسجلت دعوات لتكثيف حضور المتظاهرين.
وفي طرابلس، شهدت شوارع المدينة حركة سير مقبولة، وفتحت المحال التجارية أبوابها، في حين أن معظم المدارس والجامعات والمعاهد والمهنيات استمرت في الإقفال، أما المصارف فبقيت مقفلة التزاما بقرار نقابة موظفي المصارف. وأقفل المحتجون مصلحة مياه طرابلس وطالبوا الموظفين بالمغادرة.