يطوي العملاق الألماني بايرن ميونيخ اليوم صفحة مديدة من تاريخه، بتنحي رئيسه أولي هونيس بعد 49 عاما في أروقته الرياضية والإدارية، شهدت تحقيق النادي قفزة نوعية في عالم كرة القدم، وترافق ذلك مع إدانات أودعته السجن.
ورغم هذه الخطوة البالغة الرمزية، يستبعد أن يصبح اللاعب السابق البالغ من العمر 67 عاما، خارج الصورة بشكل تام، وسيخلفه في المنصب، هربرت هاينر، الرئيس التنفيذي السابق للشركة الألمانية العملاقة في مجال التجهيزات الرياضية «أديداس».
وقال قائد بايرن حارس مرماه مانويل نوير: «أعتقد أن شخصا مثل أولي هونيس لن يتوقف أبدا، لذا سيبقى دائما على ارتباط بنا».
وسيأتي تنحي هونيس رسميا خلال اجتماع الجمعية العمومية للنادي الذي يعقد اليوم، وستتم خلاله تسمية هاينر خلفا له.
وستطوي هذه الخطوة حقبة تاريخية للنادي الأبرز في ألمانيا، بدأت مع انضمام هونيس في سن الثامنة عشرة إلى صفوف الفريق عام 1970.
ومنذ ذلك الحين، أحرز بايرن 27 لقبا في الدوري الألماني، ولقب دوري أبطال أوروبا خمس مرات (بالصيغتين القديمة والجديدة للمسابقة القارية الأهم على مستوى الأندية). وفي حين سيتنحى هونيس عن منصب الرئيس، سيبقى عضوا في المجلس المشرف على النادي الألماني لفترة أربعة أعوام على الأقل.
وسيترك هونيس مقاليد الحكم في «أليانز أرينا» إلى هاينر، مقدما له ناديا تصل إيراداته إلى 750 مليون يورو (825 مليون دولار)، وتقدر أرباحه بـ52 مليون يورو سنويا.
ويعد بايرن ناديا عملاقا وليس فريقا لكرة القدم فحسب، هو عملاق تجاري يوظف أكثر من ألف شخص، ويتخطى عدد أعضائه الـ300 ألف شخص، وأنجز بالكامل دفع تكاليف بناء ملعبه الذي دشن رسميا في العام 2005 (قدّرت بـ340 مليون يورو)، وتبلغ سعته أكثر من 70 ألف متفرج.
هذا النادي المستند إلى قاعدة مالية صلبة، هو صورة مناقضة لما تسلمه هونيس في الأول من مايو (أيار) 1979 عندما أصبح للمرة الأولى مديرا للنادي بعد إصابة خطرة في الركبة اضطرته للاعتزال.
حينها، كانت ديون النادي تبلغ سبعة ملايين مارك ألماني (نحو 3.5 مليون يورو بحسب القيمة الحالية للعملة).
بعد أول ساعتين أمضاهما في مكتبه، يقول هونيس: «ذهبت إلى المنزل، لأنه لم يكن ثمة عمل لأقوم به». مثابرته وقوة الدفع التي وفرها، واستقطاب أبرز اللاعبين على امتداد المواسم، أتاحت للفريق الفوز بلقب الدوري المحلي 24 مرة ولقب كأس ألمانيا 14 مرة منذ العام 1979.
في العام 2009 خلف هونيس في منصب رئيس النادي، أسطورة كرة القدم الألمانية فرانز بكنباور الذي كتب متوجها إليه بالقول: «لا يمكن أن نفكر ببايرن من دونك، لولاك، لما كان النادي ما هو عليه اليوم».
برز ابن الجزَّار القوي البنية عالميا بعدما نجح في تحويل بايرن إلى علامة تجارية كبرى. شق الثري طريقه الصعب في عالم الرياضة والأعمال، وعاد فارضا نفسه بقوة رغم دخوله السجن عام 2014.
لعل الأشهر الـ21 التي أمضاها خلف القضبان هي النقطة السلبية الوحيدة في مسيرة لا يحلم كثيرون بها حتى في 2014 تمت إدانته من السلطات الألمانية بتهرب ضريبي قدر بنحو 28.5 مليون يورو، وأودع السجن حيث بقي حتى فبراير (شباط) 2016.
في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، أعيد انتخابه على رأس النادي، وسط أصوات منتقدة بتسليم إدارة أكبر أندية البلاد، إلى مدان ومحكوم بالتهرب الضريبي. وقبل دخوله السجن، أصر على أن «الأمر لم ينته بعد»، وعاد كما أراد، إلى الحرية... والمسؤولية من دون أن يعر هونيس اهتماما لمنتقديه.
ويغادر هونيس البايرن في مرحلة غير مستقرة فنيا، تمثلت بإعلان إدارة النادي مطلع نوفمبر الحالي إعفاء المدرب الكرواتي نيكو كوفاتش من منصبه كمدير فني بعد سلسلة من النتائج السيئة. وفي ظل الكثير من الأسماء المطروحة والتي أبدى بعضها بشكل علني عدم اهتمامه بالمنصب أقله في المدى المنظور، أمهل بايرن نفسه ثلاثة أسابيع لتعيين خلف للكرواتي، ومن غير المستبعد أن تكون لهونيس كلمة في البديل. لم يعمد الأخير خلال مسيرته الطويلة إلى تطعيم عباراته بالكلمات المنمقة. كان حادا وصارما في وجه كل من يفكر بانتقاد النادي، كيف لا وهو أراد أن يوصله «إلى القمة بأي ثمن كان». وحول خططه المستقبلية قال هونيس: «سأفكر به السبت (أي غداة تنحيه) عندما أستيقظ من النوم».
هونيس يودع البايرن اليوم بعد مسيرة مظفرة بالألقاب وأيضاً بالسجن
هونيس يودع البايرن اليوم بعد مسيرة مظفرة بالألقاب وأيضاً بالسجن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة