«الجهاد» ترفض الوساطات الفورية وترد بعشرات الصواريخ

فتحت إسرائيل الباب على احتمالات كثيرة بعد اغتيال مسؤول كبير في سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة ومحاولة اغتيال مسؤول أكبر في الحركة في دمشق في سوريا، في أخطر تصعيد منذ حرب 2014 التي استمرت 51 يوما.
وقتلت إسرائيل بهاء أبو العطا القيادي الكبير في الجناح العسكري للجهاد، بصاروخ استهدف منزله وأودى بحياته وحياة زوجته قبل أن تقتل 3 آخرين في سلسلة هجمات على قطاع غزة قابلتها دفعات من الصواريخ التي أطلقتها الجهاد وضربت مساحات واسعة بعيدا عن القطاع وصولا إلى تل أبيب.
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن إسرائيل قتلت أربعة وهم «بهاء أبو العطا (42 عاماً)، وزوجته أسماء أبو العطا (39 عاماً)، ومحمد عطية حمودة (20 عاماً)، والشاب زكي غنام في العشرينات من عمره»، ثم أعلنت عن وفاة جريح متأثرا بجراحه.
ويرتفع عدد الذين قتلوا أمس إلى 7 في الهجمات التي طالت كذلك دمشق. واستهدف هجوم في سوريا منزل عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد أكرم العجوري، ما أودى بحياة ابنه ومرافقه. وقال القيادي في الجهاد الإسلامي خالد البطش، إن إسرائيل نفذت هجومين منظمين متزامنين في سوريا وغزة في إعلان جديد عن حرب مفتوحة.
وأضاف أنه لا خيار لدى حركة الجهاد الإسلامي سوى المواجهة وأنه لا حسابات سياسية ستمنعها من الرد على جريمة اغتيال الشهيد بهاء أبو العطا ومعاذ نجل القيادي أكرم العجوري. وتابع البطش: «الهجومان هما إعلان جديد عن حرب مفتوحة أقرها العدو الصهيوني ضد قادة المقاومة ومحورها». وأردف: «لن نسمح بتغيير قواعد الاشتباك التي ثبتتها سرايا القدس بالدم، فالعودة للاغتيال وبعنوان كبير اسمه أبو العطا، هي رسالة نقرأها جيدا أراد المحتل من خلالها وفي شخص بنيامين نتنياهو أن يعيد تشكيل حكومته ويحظى بأغلبية وعلى حساب دمائنا».
ومضى يقول إن «الاغتيالات والهجمات سيدفع ثمنها نتنياهو، وسيفشل مجدداً، وسيدفع ثمنا غاليا باستهداف أبو العطا وزوجته ومحاولة اغتيال العجوري في دمشق». وأكد البطش أن أي حسابات سياسية لن تمنع الجهاد من الرد على جريمة اغتيال أبو العطا، مردفا: «لا خيار أمامنا سوى المواجهة».
والموقف السياسي بالمواجهة دعمته السرايا التي أعلنت «رفع حالة الجاهزية والنفير العام في صفوف مقاتليها ووحداتها». مؤكدة أن الرد على هذه الجريمة لن يكون له حدود وسيكون بحجم الجريمة التي ارتكبها الاحتلال. وضربت سرايا القدس إسرائيل بأكثر من 200 صاروخ في غضون 10 ساعات فقط، ما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار في مدن وصلت شمالا إلى تل أبيب وهو ما دفع عدة مجالس بلدية ومحلية إلى إغلاق المدارس.
وقال الجيش الإسرائيلي إن نظام القبة الحديدية الدفاعي اعترض بعض الصواريخ الفلسطينية. وأبلغت مستشفيات إسرائيلية عن إصابة عدد من المستوطنين. ووجهت الهيئة المنظمة للقطاع المصرفي في إسرائيل البنوك في المنطقة الواقعة على مرمى الصواريخ بالعمل وفقا لإجراءات الطوارئ بالطاقم الضروري فقط. وهبط المؤشر الرئيسي ببورصة تل أبيب بنسبة 0.5 في المائة. وتراجع سعر الشيقل 0.2 في المائة أمام الدولار. ومقابل ذلك تعطلت الحياة في قطاع غزة وأغلقت المدراس والجامعات والبنوك أبوابها. ومع تصاعد القصف، على قطاع غزة، أدانت الرئاسة الفلسطينية «التصعيد الإسرائيلي المتواصل بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة، والجريمة النكراء التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مواطن وزوجته وإصابة أطفاله في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في حي الشجاعية بمدينة غزة».
وحملت الرئاسة، حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة وتبعات تدهور الأوضاع في قطاع غزة، باستهدافها للمواطنين والممتلكات. كما طالبت المجتمع الدولي بضرورة توفير الحماية العاجلة لأبناء شعبنا في كل أماكن وجوده.
وشكل مقتل أبو العطا تحديا جديدا أمام التهدئة الهشة في قطاع غزة. ورفضت الجهاد الإسلامي الاستجابة لضغوط الوسطاء أمس. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن قادة الحركة أغلقوا هواتفهم في تصرف تكرر قبل ذلك ورفضوا التجاوب مع ضغوط وسطاء.
ورغم أن إسرائيل قالت إنها لم تعد إلى سياسة الاغتيالات وأرسلت رسائل إلى حركة حماس بضرورة عدم التصعيد والسيطرة على التطورات، وإلى الجهاد مهددة بمزيد من الضربات، تبنت غرفة العمليات المشتركة التي تضم حماس الهجمات الصاروخية على إسرائيل.
وأعلنت غرفة العمليات المشتركة التي تضم الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية أنها في حال استنفار دائم. وأكدت أن الرد الأولي للمقاومة رسالة واضحة بأن «دماء الشهداء لن تضيع هدرا». وأضاف بيان صادر عن غرفة العمليات «ما جرى من قبل الاحتلال في غزة دمشق تجاوز لكل الخطوط الحمراء وهو يضع الاحتلال أمام المسؤولية الكاملة».
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إن سياسة الاغتيالات التي يعتبرها الاحتلال جزءا من عقيدته الأمنية لم ولن تنجح في ثني أو تغيير العقيدة القتالية لدى قوى وفصائل المقاومة. وأضاف هنية في تصريح صحافي أن «هذه الجريمة وما تبعها من جرائم للاحتلال غير منفصلة عن محاولاته تصفية القضية الفلسطينية وضرب صمام الأمان والجدار السميك في مواجهة هذه المحاولات متمثلا في فصائل المقاومة وقادتها في الداخل والخارج».
وبررت إسرائيل اغتيال أبو العطا بأنه كان بمثابة «قنبلة موقوتة» ويقف خلف جميع الهجمات الأخيرة المنطلقة من القطاع وكان يخطط لأخرى.