المتظاهرون اعتبروا تأجيل قانون العفو انتصاراً جديداً

مطلوبو البقاع يستعجلون إقراره والموقوفون الإسلاميون خائفون من استثنائهم

TT

المتظاهرون اعتبروا تأجيل قانون العفو انتصاراً جديداً

لم يمر تأجيل جلسة مجلس النواب اللبناني، أمس الثلاثاء، مرور الكرام لدى الذين كانوا ينتظرون إقرار قانون العفو العام وتحديداً في منطقة بعلبك - الهرمل في البقاع وطرابلس في شمال لبنان.
وفي حين اعتبر المتظاهرون أن الحراك الشعبي سجل انتصاراً جديداً بفرض التأجيل بعد تهديدهم بالإضراب العام، كان أهالي الموقوفين والمحكومين والهاربين ممن يفترض أن يشملهم العفو، يسجلون خيبتهم كما في بعلبك - الهرمل، أو خوفهم من تهريب قانون يمكن أن لا يشمل موقوفيهم، وخصوصا الموقوفين الإسلاميين في طرابلس.
ويقول المحامي أمين بشير لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف من قانون العفو في هذه المرحلة تنفيس الحراك أو تفخيخه. فالعائلات التي تعاني بسبب سجن أولادها تفضل الإفراج عنهم على الثورة بالتأكيد. وإذا حصلت الجلسة ولم تأت بنتائج تحقق العدالة بين الجميع فستؤدي إلى حدوث شرخ في الشارع. كما أن عدم إقرار القانون سيحمّل أهالي السجناء المتظاهرين مسؤولية بقاء أولادهم في السجون».
ويرى الناشط من بعلبك جهاد شمص في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «طرح القانون هو رشوة مباشرة لإفشال الحراك وتوتير الأجواء بين أهالي المنطقة. وتحديدا بعد النزول إلى الشارع وكسر حاجز الخوف، ما أدى إلى مشاكل وتهديدات أطلقها تجار مخدرات معروفون في المنطقة ومحميون من قوى الأمر الواقع. وأحدهم أرسل ابنه أربع مرات إلى المتظاهرين لإقناعهم بتوحيد الشارع الشيعي حتى لا يصار إلى تهديد البيئة الحاضنة للمقاومة. وبالطبع لم يلق أي تجاوب لأن الاحتجاجات هي ضد الفساد». وأشار إلى أن «المطلوبين وعائلاتهم عمدوا إلى قطع الطريق لمنع المظاهرات، ليتوقفوا بعد إعلان إرجاء الجلسة».
ويشدد شمص على أن «حل قضية المطلوبين في بعلبك - الهرمل يكون في القضاء والمحاكم وليس بموجب قانون عفو. فالفوضى التي تعم هذا الملف لها دلالاتها سواء لجهة قلة عدد القضاة وظروفهم والوضع المتردي لقصر العدل في بعلبك، أو لجهة الرشى وفقدان الملفات أو سحبها وإخفائها. والحل يقضي بحسم القرار القضائي في عدد كبير من الملفات التي لا تتضمن إلا مخالفات تبقى في إطار الجنح. أما الجرائم الكبيرة فيجب محاكمة أصحابها».
وفي بعلبك - الهرمل يوجد نحو 31 ألف مطلوب للقضاء، وهم هاربون في الجرود وغالبيتهم لم يقوموا بعمل إجرامي. بالتالي 90 في المائة من المطلوبين الهاربين يمكن معالجة ملفاتهم من دون الحاجة إلى قانون عفو. أما كبار المطلوبين بجرائم مخدرات فنسبتهم لا تتجاوز 5 في المائة. و«هؤلاء لا يستحقون أن يشملهم قانون العفو، فهم يملكون أهم مصانع الحبوب المخدرة».
الصورة في طرابلس تختلف. ويوضح المحامي المكلف ملف الإسلاميين محمد صبلوح لـ«الشرق الأوسط» أن «1250 شخصاً هم في السجن بتهمة كونهم إسلاميين. 60 في المائة منهم تمت محاكمتهم و40 في المائة لا يزالون قيد المحاكمة. وبينهم 700 لبناني، والباقون من السوريين». ويقول: «أنا أتابع أوضاعهم منذ أكثر من عامين مع رئيس الحكومة سعد الحريري. وفي الأساس لم نطالب بالعفو عن هؤلاء ولكن بالعدالة وفق القضاء، فالمرتكب الذي قتل عنصراً من الجيش اللبناني يستحق القتل، لكن المشكلة أن العدالة لم تأتِ. مع الإشارة إلى أن هناك من تعمد توريط الشباب الفقراء في طرابلس. فقد عمدت أجهزة معروفة بتسليحهم بين منطقتي جبل محسن والتبانة، ودفعت رواتب للمسلحين لفترة ثلاثة أعوام. وفجأة قررت توقيفهم، وبدأت الاعتقالات العشوائية. ومن ارتكبوا جرائم بحق الجيش اللبناني عددهم قليل، أما الأكثرية فقد تعرضت للتعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة».
ويضيف صبلوح أن «الدواعش الذين قتلوا جنوداً لبنانيين معروفون. وعوضاً عن إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم، تم إرسالهم بحافلات مكيفة إلى سوريا. ومع ذلك تمت شيطنة أهالي عرسال حيث حصلت مأساة الجنود وألقي القبض على عدد كبير منهم وفق سياسة لا عدالة فيها». ويشير إلى أن «45 موقوفاً أعلنت براءتهم بعد سجنهم لفترة تقارب 13 عاماً، ما أدى إلى تشريد عائلاتهم، واضطرار أطفالهم إلى العمل في الشوارع وترك المدارس... واستثناء الإسلاميين من العفو كما هو حال القانون الذي أعده مجلس النواب سيدمر المزيد من العائلات عوضاً عن إنصافهم».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».