سيرة اللقطة السينمائية منذ ولادة الفن السابع

سيرة اللقطة السينمائية منذ ولادة الفن السابع
TT

سيرة اللقطة السينمائية منذ ولادة الفن السابع

سيرة اللقطة السينمائية منذ ولادة الفن السابع

صدر عن «دار ومكتبة أوراق» في بغداد كتاب جديد يحمل عنوان «داخل الرؤية وخارجها... اللقطة السينمائية» للناقد والمخرج السينمائي حسين السلمان، وهو كتاب تنظيري يدرس اللقطة، ويحللها بطريقة نقدية تستند إلى أسس علمية رصينة. يدعو المؤلف في مقدمته المُقتضبة القارئ لأن يلِج في التجربة، ويتفرّج عليها، ولا يكتفي بمراقبتها من الخارج.
يَذْكر حسين السلمان أنّ العمر الحقيقي والافتراضي لأول لقطة سينمائية امتدّ إلى 53 ثانية، علماً بأنّ اللقطة الصامتة كانت تعبيرية وبصرية قبل دخول العنصر الصوتي الذي يُعدِّهُ البعض نهاية الإبداع السينمائي. ثم يتوقف عند «اللقطة القريبة» المحمّلة بالمشاعر، لأنها قادرة على أن تستبطن ما هو غامض ومستتر في النفس البشرية، كما أنها تدعم المحتوى الدرامي الذي تنطوي عليه بعد أن تحولت من النسق الوصفي إلى النسق التعبيري الذي يغذّي الحدث، ويمدّه بأسباب الحياة.
على الرغم من أنّ الكتاب يضم 45 مبحثاً، إلاّ أنه يتمحور عملياً على تسعة فصول تبدأ باللقطة في الصمت، وتمرّ باللقطة في الكلام، والزمن، والزاوية، والحوار، وعمق الميدان، والإيقاع، وداخل القطع، وتنتهي باللقطة الطويلة.
راجت الأفلام الصامتة بين عامي 1895 - 1929، لكنها عادت إلى الظهور عام 1952 بفيلم «اللص» لراسل روز، وتبعتُه أفلام صامتة أخرى قبل ظهور فيلم «الفنان» 2012 الذي يمثّل عودة قوية للسينما الصامتة.
يتوقف المؤلف عند «كابريا» 1914، وهو أول فيلم روائي طويل صامت للمخرج الإيطالي جيوفاني باستروني، مدته 148 دقيقة، وفيلم «لا تلمسني» 1971 للمخرج الفرنسي جاك ريفيت، الذي تبلغ مدته 12 ساعة و9 دقائق، وفيلم «هيرمايس» 2006 للمخرج الفليبيني لاف بياز وطوله 9 ساعات. يتضمن هذا الفصل شرحاً وافياً للآراء التي تُعارض المونتاج، وترى فيه تضليلاً للمتلقي، وتزييفاً للواقع، تماماً كما رأت المدرستان الفرنسية والإيطالية اللتان تؤيدان المذهب الواقعي الذي يُعنى بالموضوع، ويراه أهمّ من الصورة، كما يؤكد على دور المخرج والممثل.
يُعرّج السلمان على المدرستين التعبيرية والسُريالية، ويسلّط الضوء على فيلم «كابينة الدكتور كاليغاري» 1919 للمخرج روبرت وِين كأول فيلم ألماني صامت استعملت فيه ديكورات حادة تُعبِّر عن حالة الرعب والجريمة. وقد تأثر هيتشكوك بالتعبيرية الألمانية في أفلامه الصامتة الأولى. كما يُركِّز المؤلف في حديثه على المخرج الفرنسي لويس بونويل، بوصفه مؤسساً للسينما السُريالية، ويتوقف عند فيلميه المعروفين «كلب أندلسي» 1929، و«العصر الذهبي» 1930 الذي هجا فيه الكنيسة الكاثوليكية، والفاشية، والثقافة البرجوازية.
يتوسّع المؤلف في شروحاته المستفيضة، ففي موضوع «اللقطة في الكلام»، يستعير من بيكاسو مقولة شهيرة مفادها «أتقن القواعد كمحترف حتى تتمكن من كسرها كفنان»، قبل أن يأخذنا إلى اللقطة التي تمتدّ في الوعي الإنساني وتشاطره اللاوعي. يؤكد المؤلف أنّ الأفكار مثل الأسماك، ويمكنك أن تجد سمكة صغيرة في المياه الضحلة، لكن إذا أردت سمكة كبيرة فعليك أن تذهب إلى المياه العميقة، وهذا الأمر ينسحب على الأفكار الصغيرة والكبيرة. يتوقف المؤلف عند مخ المتلقي الذي يقوم باستطلاع ما هو موجود داخل اللقطة، ثم يبدأ بتحليل العناصر الداخلة في تكوينها مثل حجم اللقطة، والزاوية، وحركة الكاميرا، والممثل، والحوار، والديكور وما إلى ذلك. يتوصل السلمان إلى مقاربات دقيقة يقارن فيها بين اللقطة والحكاية القصيرة جداً، كما يتوقف عند «السينما الخالصة» التي تقترب كثيراً من «سينما المؤلف» وتحاذيها، وهي تقرّ بأن اللقطة أهم من الشخصية، وأنها تبتعد عن الحوار، وتلغيه في بعض الأفلام، وتتعامل مع الصورة فقط، وتفضّل ألا يرافقها شيء سوى الموسيقى. وفي السياق ذاته يعرّج على مدرسة «الموجة الجديدة» ويوضِّح خصائصها وأهم مخرجيها مثل فرنسوا تروفو، صاحب «400 ضربة»، وغودار، وجاك ريفيت، الذين ثاروا ضدّ الأساليب التقليدية، واندفعوا باتجاه الحياة العامة للناس، ورفضوا التكلّف، ووقفوا ضد المونتاج، والصناعة الميلودرامية في العمل السينمائي.
يُبيّن السلمان أنّ اللقطة هي أساس الفيلم، أما الصورة فهي عنصر من عناصر اللقطة مثل الإطار والشكل والإضاءة. ونظراً لخصوصية «اللقطة في الزمن» يستعين المؤلف بإيزنشتاين الذي يقول «إن كل لقطة تعمل كلُعبة من ألعاب السيرك»، وعلى المتلقي أن يُدرك كل لعبة على حدة، وهذه المعرفة الإدراكية لكل لقطة تمرّ بثلاث مراحل، وهي: «التعرّف والتحليل والاستيعاب»، وهذا ما توصل إليه الباحث من خلال مناقشة طلابه الذين بدأوا يعرفون اللقطات، ويميزون بين اللقطة الواقعية، والتعبيرية، والتجريدية، والتجريبية. يكتظ هذا الفصل بالاقتباسات المعّبرة، لكننا سنكتفي برأي تاركوفسكي الذي يقول بأنّ «الزمن شرط لوجود الأنا لدى الإنسان»، ويشبّه صانع الفيلم بالنحّات الماهر الذي يُزيل الزوائد من كتلة الرخام الصمّاء، ويجعل منها منحوتة نابضة بالحياة.
يُنبهنا المؤلف في فصل «الحركة في اللقطة» بأنّ اللقطة تحتوي على فضاء ديناميكي يأخذ شكل بُعدين حركي وتعاقبي، وأنّ الحركة هي التي جعلت السينما تنفرد عن بقية الفنون الأخرى. أما في فصل «اللقطة في الزاوية» الذي يميل فيه إلى الاختصار فيقول: «إن الزاوية هي المكان الذي يقرّر فيه المخرج وجود الكاميرا». ثم يوضح أنواع الزوايا مثل «الزاوية الرأسية، والأفقية، وزاوية الكاميرا المنحرفة».
يعيدنا السلمان إلى أهمية الحوار من عدمه في فصل «اللقطة في الحوار»، مستعيناً برأي باستر كيتون، الذي يقول «إن الصمت من شِيم الآلهة، وحدها القردة هي منْ تثرثر». ويورد تعاريف كثيرة للحوار من بينها تعريف ابن الإعرابي الذي يحدد ماهية الحوار بـ«التقريب من البُغية، ودلالة قليل على كثير»، كما يسرد لنا أربعة أنواع من الحوار، وهي «الذاتي، والموضوعي، والبؤري، والمحيطي». ويرى تروبي أن سمة الحوار مثل السمفونية التي تعتمد على ثلاثة أركان، وهي اللحن، والهارموني، والفكرة المهيمنة، التي تتكرر على مدار السمفونية، لا أن تكون لحناً موسيقياً يعزف نسقاً واحداً. فيما ترى سارة كوزلوف أنّ «السينما هي فن الشعوب لا النخب».
يختصر لنا المؤلف ببراعة مفهوم «اللقطة في عمق الميدان» بسبع نقاط تبدأ بزاوية التصوير، وتنتهي بحركة الممثل، بعد أن تمرّ ببناء المقدمة والخلفية، وتداخل الأشكال والخطوط داخل اللقطة الواحدة.
يرى السلمان أن الإيقاع هو صفة مشتركة بين الفنون جميعها، لكنها تبدو واضحة في الموسيقى، والشعر، والنثر الفني، والرقص من دون أن نهمل الفنون المرئية، ولكي يحقق الشاعر أو الفنان هذا الإيقاع عليه أن يتبّع أحد الطرق الثلاث، وهي «التكرار أو التعاقب أو الترابط».
يعترف المؤلف بأن الحركة هي الحقيقة الجمالية الأولى في الصورة السينمائية، لكننا نستطيع تقطيعها وتقديمها كلقطة جديدة قائمة بذاتها. ويواصل الباحث حديثه عن عناصر المونتاج الأربعة عند كريستين تومسن، وهي العنصر المكاني والزماني والإيقاعي والبصري.
يختم حسين السلمان كتابه باللقطة الطويلة، ويشير إلى أنّ هيتشكوك هو أول من فكّر باللقطة الواحدة، وأنجز فيلم «الحبل» وأدخل عليه عنصراً جديداً، وهو القطع داخل اللقطة، ويستشهد بأمثلة كثيرة لأفلام اللقطة الطويلة الواحدة مثل «مكبث» للمجري بيلا تار، و«اللاعب» لروبرت التمان، و«السفينة» لألكسندر سوكوروف.
عوداً على بدء، يبحث هذا الكتاب عن الأهمية البصرية للسينما التي تبدأ باللقطة الخاطفة، وتنتهي باللقطة المشهدية، وسيجد القارئ بينهما مساحة كبيرة من التأمل والتطبيقات النظرية المُعمقة.



5 فوائد سحرية لعادات النوم الصحية

النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
TT

5 فوائد سحرية لعادات النوم الصحية

النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)

ربما سمعتَ من قبل عن أن النوم يوصف بأنه «حبة سحرية للجسم السليم»؛ فمع الكمية المناسبة والتوقيت والجودة، يمكن أن يفعل العجائب: تقوية جهاز المناعة، وتحسين نسبة السكر في الدم، وحتى تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وقد توصلت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين من المعاهد الوطنية للصحة وجامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة، إلى فائدة خامسة للنوم من حيث تأثيره على مستويات ضغط الدم لدى الرجال والنساء.

وجدت نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سليب (Sleep)» أن النساء اللاتي قضين وقتاً أطول في النوم العميق - المرحلة الثالثة والأعمق من النوم - كنّ أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم إلى المستويات الطبيعية مقارنة بالنساء اللاتي قضين وقتاً أقل في هذه المرحلة. وفي الوقت نفسه، كان لدى الرجال الذين يستيقظون كثيراً بعد النوم ضغط دم أعلى من الرجال الذين استيقظوا بشكل أقل.

قالت الدكتورة ماريشكا براون، مديرة المركز الوطني لأبحاث اضطرابات النوم في المعهد الوطني للقلب والرئة والدم التابع للمعاهد الوطنية للصحة: «النوم أمر بالغ الأهمية للصحة العامة والرفاهية».

وأضافت في بيان صادر الثلاثاء: «بدأت الأبحاث في الكشف عن كيفية مساهمة خصائص النوم، مثل الوقت الذي يقضيه الشخص في كل مرحلة من مراحل النوم أو عدد مرات استيقاظه ليلاً، في التحكُّم بضغط الدم، وكيف يمكن أن يؤثر الجنس والنوع على هذه النتائج، ولكن لا تزال لدينا أسئلة لا إجابات عنها».

استخدم الباحثون بيانات النوم في المنزل لأكثر من 1100 بالغ في البرازيل لم يكن لديهم انقطاع النفس النومي المعتدل إلى الشديد، وهي حالات معروفة بالفعل بأنها مرتبطة بارتفاع ضغط الدم، على الرغم من أن بعض المشاركين كانوا يعانون من انقطاع النفس النومي الخفيف.

تراوحت أعمار المشاركين في البحث بين 18 و91 عاماً، و64 في المائة منهم نساء.

سجل الباحثون ليلة نوم واحدة باستخدام تخطيط النوم، وهو اختبار تشخيصي يقيس وظائف الجسم المختلفة، مثل موجات المخ ومعدل ضربات القلب أثناء النوم، باستخدام أجهزة استشعار موضوعة في جميع أنحاء الجسم.

وفي صباح اليوم التالي، أخذوا قراءات ضغط الدم وعينات الدم الصائم لقياس مستويات الدهون، تحديداً الكوليسترول الكلي، وكوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة، وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، والدهون الثلاثية. وحلّلوا البيانات معاً، وأيضاً وفق الجنس.

ووثقت دراسات عدّة على مدى عقود من الزمان دوراً حاسماً للنوم في معدلات ضغط الدم، وبالتالي صحة القلب. ووجدت دراسة أجريت عام 2018 أن الأشخاص الذين ناموا أقل من 7 ساعات كان لديهم ضغط دم أعلى مقارنة بمن ناموا 7 ساعات على الأقل.

من جانبها، قالت كريستين كنوتسون، الأستاذة المساعدة في علم الأعصاب والطب الوقائي في كلية فاينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن الأميركية الباحثة المساعدة في الدراسة: «نعلم أن النوم مهم جداً لصحة القلب. لذا، نحاول معرفة المزيد عن هذا الارتباط، وكيف يمكن ربط النوم بالاختلافات بين الجنسين التي نراها في أمراض القلب والأوعية الدموية»؛ فعلى سبيل المثال، يرتبط ارتفاع ضغط الدم بشكل أقوى بالنوبة القلبية لدى النساء مقارنة بالرجال.

قالت كنوتسون إن نتائج الدراسة الحالية يمكن أن توجه العمل المستقبلي الذي يستكشف الآليات الأساسية التي قد تجعل النوم العميق على وجه الخصوص أكثر قيمة للنساء. وهذا بدوره قد يؤدي إلى علاجات جديدة تعمل على تعزيز مرحلة النوم هذه لدى النساء.

وأوضحت أن الدراسات التجريبية قد تختبر ما إذا كانت بعض التعديلات في عادات النوم يمكن أن تؤدي إلى تحسينات في ضغط الدم، وهو ما شدّدت عليه براون، قائلة: «مثل هذه الدراسات تؤكد على الطبيعة الحاسمة للنوم في الإدارة السريرية لارتفاع ضغط الدم».