مصر تتوسع في بناء وحدات صغيرة لمواجهة ارتفاع الأسعار

تبدأ من 55 إلى 130 متراً

مشروعات عقارية جديدة تهتم بالمساحات السكنية الصغيرة
مشروعات عقارية جديدة تهتم بالمساحات السكنية الصغيرة
TT

مصر تتوسع في بناء وحدات صغيرة لمواجهة ارتفاع الأسعار

مشروعات عقارية جديدة تهتم بالمساحات السكنية الصغيرة
مشروعات عقارية جديدة تهتم بالمساحات السكنية الصغيرة

في ظل ارتفاع أسعار العقارات في مصر بشكل يصفه الخبراء بأنه «مبالغ فيه»، بدأ مطورون عقاريون من الحكومة والقطاع الخاص تنفيذ وحدات سكنية بمساحات صغيرة يطلق عليها «استوديو» مكونة من غرفة نوم واحدة، أملا في توفير السكن بأسعار مناسبة للمستهلك، لكن هذا الاتجاه لم يسهم فعليا في تحقيق الهدف منه.
وكانت الدولة ممثلة في وزارة الإسكان هي من بدأت هذا الاتجاه من خلال مشروعات الإسكان الاجتماعي التي توفر وحدات سكنية مدعمة للمواطنين بمساحات صغيرة تتراوح ما بين 67 مترا و90 مترا، وبعيدا عن الإسكان الاجتماعي الذي يقدم نوعا من الإسكان المدعم للمواطنين بشروط معينة، بدأت الشركات الحكومية تتجه لتنفيذ وحدات سكنية صغيرة، وطرحت شركة «سيتي إيدج» مشروع «ذا جيت» في مدينة المعلمين الجديدة والذي يقدم نماذج مختلفة من الوحدات السكنية تبدأ من استوديو من غرفة واحدة بمساحة 50 مترا، وتصل إلى شقق كبيرة بمساحة 400 متر.
وقال الخبير العقاري تامر ممتاز لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب يزداد فعلا على هذا النوع من الوحدات لشريحة معينة من المواطنين، وهي تخاطب ذوي الدخل المحدود الذين يبحثون عن وحدات الإسكان الاجتماعي الصغيرة حتى يقل القسط الذي يدفعه».
بدوره أكد أحمد عبد الفتاح، الخبير العقاري ومدير تطوير الأعمال بموقع «عقار ماب» الذي يقدم تحليلات للسوق العقارية المصرية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك طلبا كبيرا على الوحدات السكنية الصغيرة المكونة من غرفة نوم واحدة، وصل إلى حد الترند، خاصة في القاهرة والساحل الشمالي».
وبرر عبد الفتاح زيادة حجم الطلب في الآونة الأخيرة «بارتفاع الأسعار بشكل كبير بحيث لم يعد المستهلك قادرا على شراء وحدات سكنية كبيرة»، موضحا أن «الطلب على الوحدات الصغيرة المكونة من غرفة نوم واحدة يزداد في الساحل الشمالي، حيث يبحث المستهلك عن مساحات لا تتجاوز 50 مترا، وفِي القاهرة أيضا وإن كانت مساحة الوحدات ذات الغرفة الواحدة ترتفع إلى 90 مترا».
لكن الأمر ليس قاصرا على القطاع الحكومي، حيث دخل القطاع الخاص على خط تنفيذ وحدات سكنية صغيرة، وفي هذا السياق طرحت شركة «الشرقيون للتنمية العمرانية» - المرحلة الثانية «الأجنحة الرئاسية» من مجمع أزادير بالقاهرة الجديدة، متضمنا وحدات سكنية بمساحات صغيرة تبدأ من استوديو بمساحة 55 مترا، عبارة عن غرفة نوم واحدة، ثم وحدات من غرفتي نوم بمساحة 90 متراً، ووحدات من ثلاث غرف نوم بمساحة 130 مترا، وقال محمد فريد خميس، عضو مجلس إدارة الشركة في مؤتمر صحافي للإعلان عن المشروع، إن «تنفيذ وحدات سكنية بمساحات صغيرة جاء بناء على الطلبات التي تصلنا من المستهلك عبر مسؤولي المبيعات».
وأرجع خميس زيادة الطلب على الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة في مناطق مثل القاهرة الجديدة والتجمع الخامس، إلى ارتفاع أسعار العقارات في هذه المناطق بشكل كبير، حيث لم يعد المستهلك قادراً على دفع ثمن الوحدات الكبيرة.
ولا يقتصر الأمر على الوحدات السكنية الصغيرة فقط، بل اتجه بعض المطورين العقاريين لبناء الشقق الفندقية في منطقة القاهرة الجديدة والتجمع الخامس، وبعض المدن الساحلية، تلبية لطلبات المستهلك.
وقال المهندس عماد دوس، رئيس مجلس إدارة شركة البطل للإسكان والتعمير، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك طلبا على الوحدات ذات المساحات الصغيرة من العملاء، كما أن البعض يطلب وحدات بمواصفات خاصة وخدمات فندقية، وتلبية لهذه الطلبات تنفذ الشركة حاليا مشروع روك إيليت «Elite Rock» بالتجمع الخامس، وهو عبارة عن وحدات سكنية فندقية»، لكنه قال إن «الطلب على هذا النوع من الوحدات يأتي من الأجانب، حيث ما زال المستهلك المصري يفضل المساحات الكبيرة».
وأضاف أن «المشروع الذي تنفذه الشركة يتوافق مع متطلبات العملاء الأجانب، ويحقق خطة الدولة في تصدير العقارات، من خلال تقديم وحدات فاخرة بخدمة فندقية متكاملة كاملة التشطيب، ومزودة بالأجهزة الكهربائية، والأثاث بحسب رغبة العميل».
لكن عبد الفتاح أشار إلى «مشكلة تواجه المطورين الذين يتجهون لبناء هذا النوع من الوحدات السكنية، وهو أن الحكومة تصدر تراخيص البناء للمطورين العقاريين وفقا لكثافات سكانية معينة».
وقال إن «ترخيص البناء ينص على بناء عدد معين من الوحدات السكنية على مساحة معينة، وبالتالي إذا أراد المطور أن يبني وحدات صغيرة فهو لن يستطيع زيادة عددها لتتناسب مع مساحة الأرض، وفي النهاية لا تحقق الوحدات الصغيرة الهدف المرجو منها بتوفير وحدات منخفضة السعر، ففي الحقيقة تكون هذه الوحدات غالية بالنسبة للمستهلك».
وأوضح أن «المطور يكون لديه الترخيص ببناء 400 وحدة سكنية وعليه أن يختار هل تكون بمساحة 300 متر، أو بمساحة 50 مترا».
ويتراوح سعر المتر في أبراج «ذا جيت» في العلمين الجديدة ما بين 35 و40 ألف جنيه مصري، بينما يتجاوز سعر الوحدة بمساحة 55 مترا في مشروع أزادير المليون جنيه وفقا لطريقة الشراء ومدة التقسيط.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».