رحلة مع الممثلة اللبنانية كارمن بصيبص: تجذبني الأحياء العتيقة وأشعر بطمأنينة غريبة في باريس

في إيطاليا
في إيطاليا
TT

رحلة مع الممثلة اللبنانية كارمن بصيبص: تجذبني الأحياء العتيقة وأشعر بطمأنينة غريبة في باريس

في إيطاليا
في إيطاليا

عندما تُفكر الفنانة اللبنانية كارمن بصيبص بالسفر خارج البلاد، فإن أول ما يخطر على بالها وتبحث عنه هي الوجهات الطبيعية. فهي، كما تقول، تولد لديها إحساساً بالرومانسية والصفاء، مضيفة أنها لا تهتم بالتسوق، بقدر ما تهتم بزيارة الأحياء العتيقة واكتشاف المطاعم. في حوارها مع «الشرق الأوسط» تكشف عن أهمية السفر بالنسبة إليها، وكيف أغوتها عواصم تاريخية عريقة مثل باريس وأثينا وفلورنسا:
* أعتقد أن السفر مهم للغاية، لأننا نتعلم منه الكثير. فلكل بلد ثقافته وعاداته وطبيعته التي تنعكس على نفوس أهله، وقد كنت محظوظة بالسفر إلى بلدان كثيرة منها بلغاريا وإيطاليا وفرنسا وغيرها من الوجهات التي أحب العودة إليها مراراً وتكراراً، لكني أيضاً أحرص على السفر إلى وجهة مختلفة تتمتع بتاريخ وثقافة غنية كل عام. من أكثر البلاد التي أحببتها إسبانيا واليونان. أثينا مثلاً تتمتع بأماكن طبيعية ساحرة للغاية، إلى جانب معالمها الأثرية المدهشة. أعشق أيضاً فلورنسا في إيطاليا فهي تختلف عن غيرها من المدن الإيطالية من حيث إطلالتها على البحر وشكل المباني والشوارع الضيقة المشقوقة وسط البلد. العاصمة الفرنسية باريس أيضاً من أجمل المدن بالنسبة لي وستظل عالقة في ذهني مدى الحياة. زرتها عدة مرات، وشعرت فيها بطمأنينة وراحة لم أجدهما في أي بلد آخر. الإحساس فيها جميل للغاية والرومانسية حقيقية تولد شعوراً لا يمكن وصفه بمجرد السير في شوارعها، فضلاً عن أن شقيقتي تقيم هناك، لذلك فإنها تتخذ انطباعاً عائلياً أيضاً.
* أغلب سفرياتي برفقة زوجي وعائلتي، وأكثر ما أبحث عنه يتوقف على البلد نفسه، لكن بشكل عام أركز على زيارة المعالم السياحية والمتاحف وأحرص على انتقائها بعناية، وقبل سفري لأي بلد أسأل عن أبرز المطاعم المشهورة فيه.
- أكثر ما أقوم به في السفر هو المشي في الشوارع والأحياء القديمة، لأن لشوارع كل بلد لها طبيعة مختلفة، وكلما كانت عتيقة، اكتسبت طابعاً روحانياً تشعر به في زواياها ومبانيها وألوانها، بل وتفرض روحها وأجواءها هذه حتى على المطاعم والعاملين فيها. فمثلاً في مدينة فلورنسا، تتخذ الشكل العتيق حيث تُوضع الكراسي في الطرقات، وبالتالي تكون الأجواء جميلة وجذابة للغاية. لا أخفي أيضاً أن تجربة المطاعم وأكلات البلد من أبرز الأمور التي أميل إليها عند السفر، لأنه لا يمكن أبداً فصل الطعام والمطبخ عن ثقافة البلد الموجود فيها.
* في كل رحلة إلى الخارج أحاول الاستفادة والتعلم قدر الإمكان. وقد أصبحت أدرك تماماً أنه لا يمكن الحكم على بلد بأكمله من خلال زيارة قصيرة وإلى مدينة واحدة فيه. في بلغاريا مثلاً، سنحت لي الفرصة لزيارتها قبل 6 سنوات ونزلت في مدينة معينة فيها لكني لم أحبها إطلاقاً، وشعرت فيها بالبرود وعدم الألفة. لكن بعد أن صورت فيها فيلم «العارف» اكتشفت وجهاً آخر. فقد أقمت في مدينة مختلفة، وشعرت فيها بمدى جمال البلد بدرجة محت انطباعي الأول.



الوضع الراهن في لبنان ينعش السياحة الداخلية في قراه وجباله

جسر اللبن (فيسبوك)
جسر اللبن (فيسبوك)
TT

الوضع الراهن في لبنان ينعش السياحة الداخلية في قراه وجباله

جسر اللبن (فيسبوك)
جسر اللبن (فيسبوك)

في ظلّ الأوضاع غير المستقرة في لبنان، وبعد ارتفاع أسعار رحلات السفر بشكل ملحوظ، قرر اللبنانيون التركيز على السياحة الداخلية. واختارت غالبيتهم مناطق جبلية تنعم بالهدوء والطقس البارد. فالحرارة المرتفعة على الساحل شكّلت بدورها سبباً رئيسياً للهروب من العاصمة وضواحيها. كما رأت معظم العائلات اللبنانية بتوجهها نحو مناطق بعيدة عن العاصمة خير ملاذ لأولادهم. فهناك لا أصوات جدار صوت تخيفهم، ولا قلق من التجول ليلاً. فشوارع المدينة تغرق في العتمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي. هؤلاء حزموا أمتعتهم واستقلوا سياراتهم وتوجهوا نحو الجبال.

جسر اللبن (فيسبوك)

وشكّلت مناطق عدة كفاريا وفقرا وإهدن ودوما وريفون ومزيارة وبسكنتا وغيرها الوجهات الأكثر استقطاباً. وهي مناطق تشهد نشاطات فنية وثقافية، تنظم فيها المهرجانات الغنائية والوجبات القروية. كما تشهد حركة رياضية من خلال تخصيصها مسارات لممارسة هواية المشي (هايكنغ).

وفي هذا الصدد اختارت «الشرق الأوسط» وجهتين جبليتين لإلقاء الضوء عليهما.

طائرة مزيارة الشهيرة (فيسبوك)

مزيارة بلدة الأحلام

تعدّ من القرى اللبنانية التي تنعم بمناظر طبيعية رائعة وتاريخ يعبق بالعمران والمزارات. ويعدّ مزار «أم المراحم» الأشهر فيها، وقد بناه أحد أبنائها المغتربين في عام 1992. هجرة أبنائها باكراً إلى القارة الأفريقية، أسهمت في إعدادها قرية نموذجية، فبنوا فيها القصور والبيوت الفخمة ليبقوا على علاقة مع جذورهم. وتتمتع هذه القرية بنهضة عمرانية تلفّها الغرابة. فبعض منازلها يأخذ شكل طائرة أو معبد يوناني أو هرم مصري أو مستوحى من قلعة بعلبك. ويلقبها أهلها بتحفة فنية تقع في عمق منطقة الشمال القريبة من بلدة إهدن.

في عام 1991 قرر أحد أبنائها المهاجرين بناء منزله ليكون على شكل طائرة من طراز «إيرباص». فحطت بالفعل على أرض القرية كنسخة طبق الأصل عنها، ولتصبح منزلاً يتألف من طوابق ثلاثة. وهي موجودة على تلة تطل على سهول عكار والكورة وطرابلس وزغرت، يقصدها زوار مزيارة لالتقاط صورة تذكارية بقربها.

تعرف مزيارة بأحراجها الكثيفة وبينها «غابة السنديان» الأكبر من نوعها في لبنان، وفيها الأودية والجبال والأنهر والطواحين، وتنظم فيها رحلات السير على الأقدام تستقطب زوارها من كبار وصغار.

يفيد ما ظهر من بقايا أثرية في محيط بلدة مزيارة، أن المنطقة شهدت أنشطة لشعوب قديمة قبل تاريخ نشوء البلدة الحالي. وهي عبارة عن نواويس وأبنية تعود إلى العهود السامية القديمة. وفي منطقة السواقي بقايا أثرية مماثلة، تريك بأن شعوباً آرامية وفينيقية وكنعانية أقامت فيها.

إضافة إلى فندقها وسط البلدة، تحتوي مزيارة على عدد من المطاعم، بينها ما يقدم المأكولات الأجنبية والمازة اللبنانية، وبيوت الضيافة تقدّم لزائرها أطباق مزيارة الشهيرة، ومن بينها «المعكرونة بالتوم» و«القريصة» و«الكشاكل» و«مجدرة اللوبياء». طبق تتمسك ربات المنزل في مزيارة بإعداده بشكل دائم، وتعتبرنه من تراث قريتهن التي ورثنها عن الأجداد.

منطقة كفرذبيان الجبلية (فيسبوك)

فقرا -كفرذبيان سحر الطبيعة وعبق التاريخ

تعدّ منطقة فقرا كفرذبيان وجهة سياحية محببة عند اللبنانيين. وتشهد في فصل الصيف كما في الشتاء حركة ناشطة، وتتلون بمهرجانات فنية ورياضية ومعارض يدوية وأسواق بيع للمونة اللبنانية. مؤخراً شهدت فقرا كفرذبيان والبلدات المحيطة بها زحفاً بشرياً هائلاً من قبل اللبنانيين. فموقعها الجغرافي على بعد 45 كيلومتراً عن العاصمة يجعلها وجهة من السهل الوصول إليها في قضاء كسروان. وإذا ما قصدها الناس خلال عطلة الأسبوع، لا بد يعلقون في زحمة سير خانقة. وفي ظل الأوضاع الراهنة في لبنان أصبحت تشكل عنواناً رئيسياً للابتعاد عن حالة التوتر في المدينة.

مدخل أم المراحم التي تحولت إلى معلم سياحي (فيسبوك)

تعد فقرا - كفرذبيان مادة دسمة تتناولها عروض الـ«ستاند أب كوميدي» في لبنان. وعادة ما يعلّق الفنانون على أسلوب العيش الراقي فيها من قبل الأثرياء. فهي مركز إقامة معروف للمشاهير من فنانين وسياسيين. وتعدّ من البلدات اللبنانية التي تسكنها الحركة في الليل والنهار، وتزخر بنشاطات رياضية وفنية، وتعدّ مركز تسلية وترفيه لجميع أفراد العائلة. وتضم كفرذبيان أقدم وأكبر منتجعات التزلج في لبنان والشرق الأوسط، مثل مزار وفقرا كفرذبيان، بالإضافة إلى العديد من المواقع التاريخية والسياحية، مثل قلعة فقرا. وفي أغسطس (آب) من عام 2023، وقّعت كفرذبيان مع بلدية تولوز الفرنسية اتفاقية تعاون لتبادل الخدمات السياحية بين الطرفين.

وفي عام 2024 أعلنت كفرذبيان عاصمة السياحة العربية الشتوية. فإلى جانب رياضة التزلج التقليدية على الجبال، يمكن للزائرين ممارسة رياضة التزلج على الجليد والتزلج الليلي. وفي الصيف يمكن زيارة قلعة فقرا الأثرية وعروض الأزياء ومعارض رسم ونحت، كما تشهد مهرجاناتها الدولية إقبالاً من مختلف المناطق اللبنانية. وكان قد أحيا ليالي فقرا هذا الصيف نجوم عدة بينهم راغب علامة وزياد البرجي.

وعدا كونها مقصداً للتزلج والاستجمام، فهي تشتهر أيضاً بما تحتضنه من آثار رومانية، إذ إن الرومان حطوا فيها منذ نحو ألفي سنة، وتركوا معبداً واحداً يعتبر من أكثر معابدهم ارتفاعاً عن سطح البحر. يقع المعبد على ضفاف نهرين يتدفقان من نبعي العسل واللبن، وتحيط بهما المطاعم والمقاهي التي يقصدها اللبنانيون من كل حدب وصوب، فينسابان بين فاريا وفقرا تحت جسر نحتته الطبيعة، يعرف بـ«جسر الحجر» ويبلغ ارتفاعه 38 متراً فوق سطح النهر.

ومن أشهر المطاعم في فقرا «مونتانيو» و«شي ميشال» و«تير برون» وغيرها من المحلات والمقاهي التي تقدم أطباقاً لبنانية وأجنبية.