رائد الفضاء الإماراتي يشدد على «تكيف البشر» و«الحفاظ على كوكب الأرض»

حدد رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري أفكار تكيف البشر بالقدرة على الحياة في الفضاء، وأهمية الحفاظ على كوكب الأرض كأبرز ما راوده عندما كان على متن محطة الفضاء الدولية، مشيراً إلى أن مشهد الكرة الأرضية من الفضاء كأن أمتع شيء يشاهده خلال رحلته التي استمرت لمدة 8 أيام في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال المنصوري لـ«الشرق الأوسط» إن أكثر ما أخذ تفكيره في محطة الفضاء الدولية هو كيفية قدرة الإنسان على العيش في الفضاء، وذلك لصعوبة تأثير الوجود في الفضاء الخارجي وتأثيره على الجسد وكيفية التأقلم، مشيراً إلى أنه خلال أول يومين في المحطة كان يواجه صعوبة في الحركة، ولكن بعد ذلك استطاع الجسد التأقلم مع الوضع وتمكن من التنقل في المحطة.
وحول مشاعره في أثناء وجوده في الغلاف الخارجي للأرض، قال المنصوري إن أكثر الأحاسيس التي راودته في تلك الأثناء هو جمال صورة الأرض وقد تلاشت الحدود بين دولها، حيث تبقى المشاعر الإنسانية مسيطرة على هذه الرؤية، والأمر الثاني شعوره، بمدى حاجة البشر إلى تضافر الجهود من أجل الحفاظ على كوكب الأرض، وضرورة الاستثمار في أبحاث الطاقة النظيفة وعلوم المناخ بما يسهم في حماية الكوكب وترشيد استهلاك موارده، وبما يسهم في تحسين حياة البشر على الأرض. موضحاً أن أغلب مَن في المحطة كانوا يستمرون لفترات طويلة في مشاهدة كوكب الأرض من المحطة الدولية.
ولفت إلى أن النوم لم يكن سهلاً في المحطة، حيث كان من الأهمية وجود هواء عبر مروحة يتم تشغيلها وقت النوم، وقال: «كان من الضرورة تغطية الوجه حتى لا تدخل بعض الجزيئات الصغيرة في مجرى التنفس»، موضحاً أن في المحطة الدولية كان التوقيت المعتمد هو توقيت غرينتش، وذلك بسبب أنهم كانوا يشاهدون الشروق والغروب 16 مرة في اليوم.
وجاء حديث المنصوري على هامش مؤتمر صحافي عقده نادي دبي للصحافة، بمشاركة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، وسالم المرّي مدير برنامج الإمارات لرواد الفضاء التابع لمركز «محمد بن راشد للفضاء»، لتسليط الضوء على تفاصيل رحلة أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية وما تضمنته من تجارب علمية تم إجراؤها.
وبالعودة إلى المنصوري الذي أكد أن «أهم الدروس المستفادة من مهمة الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية، والتي سينقلها إلى رواد الفضاء المستقبليين، تتمثل في كيفية العيش على متن محطة الفضاء الدولية، والتصرف خلال انعدام الجاذبية، والأعمال اليومية».
وأضاف: «إنني فخور بإنجاز هذه المهمة وهذه البداية فقط لرحلات مأهولة إلى الفضاء، ومن دون شك أن البعد الآخر لهذه المهمة إلى الفضاء هو العمل على بناء قدوة جديدة للجيل القادم وتقديم نموذج يحتذى به في الشغف بالعلوم والاستكشاف».
وتحدث المنصوري عن التجارب العلمية التي أجراها وشارك فيها، وقال إنه شارك في 16 تجربة علمية قبل وبعد وفي أثناء المهمة، بينها 6 تجارب أُجريت على متن محطة الفضاء الدولية في بيئة منعدمة الجاذبية تقريباً، وذلك بمشاركة وكالات الفضاء العالمية، مؤكداً أن التجارب العلمية التي أُجريت هدفها دراسة تأثير الجاذبية الصغرى على القلب والوظائف الحيوية لجسم الإنسان، والتوزان، ودراسة الإدراك الحسي بالزمن خلال الرحلات الفضائية القصيرة، ودراسة مؤشرات حالة العظام، والاضطرابات في النشاط الحركي، إضافة إلى ديناميات سوائل الجسم في الفضاء، وأثر العيش في الفضاء على البشر، وهذه المرة الأولى التي يتم فيها هذا النوع من الأبحاث بمشاركة رائد فضاء من المنطقة العربية.
من جهته قال سالم المرّي مدير برنامج الإمارات لرواد الفضاء التابع لمركز «محمد بن راشد للفضاء»، إن بلاده والعالم يترقبان المهمة التاريخية لـ«مسبار الأمل» المقرر إطلاقه في شهر يوليو (تموز) المقبل، في رحلة لاكتشاف كوكب المريخ، حيث من المنتظر أن تستغرق 7 أشهر للوصول إلى المريخ، مشيراً إلى غياب العرب عن مجال الفضاء منذ 32 عاماً.
وحول تاريخ إعلان النتائج العلمية التي أُجريت في الفضاء، أوضح سالم المري أن قسماً من نتائج التجارب الستة عشرة التي أجراها هزاع المنصوري قبل وفي أثناء وعقب الرحلة إلى محطة الفضاء الدولية ستكون في متناول المجتمع العربي والدولي مع بداية العام المقبل، بينما سيتم الإعلان عن القسم الثاني في منتصف عام 2020.
وعن التعاون على الصعيد العربي لتعميم الفائدة من رحلة رائد الفضاء هزاع المنصوري على أنحاء المنطقة، أضاف مدير برنامج الإمارات لرواد الفضاء، خلال المؤتمر الصحافي، أن «المركز سيبدأ قريباً جولة ستشمل عدداً من الدول العربية، لنقل تجربة الإمارات لأشقائنا العرب».
من جهته أكدت منى المرّي المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي رئيسة نادي دبي للصحافة، «أهمية تعريف المجتمع بكل التفاصيل التي صاحبت تلك الرحلة التاريخية لتبقى دائماً درساً ملهماً خصوصاً للأجيال الجديدة ومصدراً لفخر واعتزاز الشباب والنشء وقدوة لهم للتحلي دائماً بشغف الاستكشاف والابتكار، لكي يواصلوا تحقيق طموح زايد الذي شاهدناه، والعالم معنا، يصل إلى الفضاء كما أراد له مؤسس دولة الاتحاد».
وحول الرحلة المقبلة، قال يوسف الشيباني المدير العام لمركز «محمد بن راشد للفضاء»: «نحن نرى اليوم، أن الاستثمار في قطاع الفضاء أكسبنا الكثير من الخبرات العلمية والعملية، والتي تسهم في دفعنا للاستمرار في هذا البرنامج المستدام في قطاع الفضاء، والذي نهدف من خلاله إلى تدريب فريق من رواد الفضاء الإماراتيين القادرين على المشاركة في أبحاث علمية في الفضاء لخدمة البشرية».