أصحاب «القمصان البيضاء» يسعفون المحتجين

غالبيتهم تطوعوا دون خبرة كافية

مفرزة طبية في ساحة التحرير وسط بغداد (الشرق الأوسط)
مفرزة طبية في ساحة التحرير وسط بغداد (الشرق الأوسط)
TT

أصحاب «القمصان البيضاء» يسعفون المحتجين

مفرزة طبية في ساحة التحرير وسط بغداد (الشرق الأوسط)
مفرزة طبية في ساحة التحرير وسط بغداد (الشرق الأوسط)

إلى جانب كثير من أصحاب المهن والحرفيين، ممن انخرطوا بكثافة في تقديم الخدمات المختلفة إلى المتظاهرين في ساحة التحرير، برز أصحاب «القمصان البيضاء» من الكوادر والاختصاصات الطبية المختلفة، من بين تلك الفئات التي قدمت خدمات جليلة لحالات التوعك والإصابات المختلفة، خصوصاً تلك الناجمة عن الإطلاقات النارية والقنابل المسيلة للدموع بين صفوف المتظاهرين.
وإذا ما اقتصر تقديم الخدمات في مجال المأكل والمشرب والحلاقة وغير ذلك على فئة الرجال، فإن تقديم الإسعافات الأولية امتاز بأنه الخدمة الوحيدة تقريباً التي انخرطت فيها أعداد كبيرة من الشابات إلى جانب الشبان، ويوجد في ساحة التحرير وسط بغداد والمناطق القريبة والمحيطة بها نحو 15 مركزاً طبياً تقدم خدماتها على مدار اليوم، وتتضاعف جهود تلك المراكز في حال الاشتباكات التي تقع بين المتظاهرين والقوات الأمنية وقيام الأخيرة بإلقاء القنابل المسيلة للدموع.
وفي مقابل شعور الكوادر الطبية بالفخر لما يقومون به في ساحة التحرير وبقية المناطق، يشعر المتظاهرون عموماً بامتنان لجهود المسعفين من أطباء وطبيبات ومعاوني أطباء وممرضين، غير أن المتظاهرين غير راضين عن أداء وزارة الصحة ووزيرها الجراح الاختصاصي جعفر علاوي الآتي من بريطانيا والذي تسلم مهام عمله قبل نحو أسبوعين بعد استقالة الوزير السابق علاء العلوان احتجاجاً على مافيات الفساد الموجودة في الوزارة.
وعدم الرضا ناجم عن خضوع الوزارة لتعليمات الجهات الأمنية والامتناع عن الإعلان عن أعداد الضحايا والمصابين من المتظاهرين، إلى جانب تلويح بعض مؤسسات الوزارة بإنزال عقوبات رادعة بالكوادر الطبية التي توجد مع المتظاهرين، كما تفيد بعض المصادر الحقوقية. وانتقد «المرصد العراقي لحقوق الإنسان»، أول من أمس، ذلك، وعدّ أنه «سلوك غير مهني أو أخلاقي» تقوم به وزارة الصحة.
ورغم إنكار بعض المسعفين موضوع التهديد بالعقوبات الإدارية التي قد يتعرضون لها من قبل وزارة الصحة، فإن «الشرق الأوسط» رصدت عدم قبول غالبية المسعفين في ساحة التحرير التقاط صور لهم.
سجاد حازم، موظف طبي ومسعف التحق بساحة التحرير منذ نحو أسبوعين، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الرسالة الضمنية التي تصدر عن وزارة الصحة متضاربة، أحياناً تقوم هي بإرسال مفارز طبية إلى التحرير، وأحيان نسمع بعض اللغط عن تعرض هذا الموظف أو ذاك للعقوبة».
ويضيف حازم: «التحقت وزملائي من أطباء وصيادلة وممرضين متطوعين للعمل في ساحة التحرير منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم تكن لدى أغلبنا الخبرة الكافية لتقديم الإسعافات الأولية، لكننا التحقنا وتعلمنا بعد ذلك بعض الأشياء الأساسية في عمليات الإسعاف».
ويشير إلى أن «غالبية المفارز الطبية تستعمل دواء الهيدروكورتزون لتوسيع قصبات المصابين جراء قنابل الغاز، إلى جانب الضمادات وأدوية للإصابات والجروح الخطيرة التي يتعرض لها المتظاهرون». ويؤكد حازم أن «عدداً غير قليل من الكوادر الطبية تعرضوا للإصابات وبعض الاعتداءات من قبل قوات مكافحة الشغب». وما زال مصير المسعفة صبا المهداوي مجهولاً بعد نحو أسبوعين من قيام جماعة مسلحة باختطافها بعد مغادرتها ساحة التحرير وعودتها إلى منزلها.
وحول مصادر التجهيزات والعلاجات الطبية التي تصل إلى ساحة التحرير، يقول حازم إنها «تصل عبر متبرعين بكثرة إلى ساحة التحرير، وتقوم شركات الأدوية ومحال البيع بالجملة بالتبرع وخصم نحو 50 في المائة من سعر الدواء في حال الشراء».
يذكر أن أسواق ومحال تجارة الأدوية والمستحضرات الطبية التي تقع في منطقة البتاوين لا تبعد سوى أمتار قليلة عن ساحة التحرير.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.