أوروبا تلوح بـ«آلية فض النزاع» لإعادة العقوبات على إيران

لوحت فرنسا وبريطانيا وألمانيا بأنها ستبحث «آلية فض النزاع» المنصوص عليها في الفقرة 36 من الاتفاق النووي، ما قد يقود إلى معاودة فرض الأمم المتحدة عقوبات على إيران.
وحذرت الدول الثلاث في بيان مشترك بعد اجتماع ناقش قرار طهران استئناف التخصيب في منشآت شملها الاتفاق، من أن الأفعال التي أقدمت عليها إيران في الآونة الأخيرة زادت من صعوبة الجهود التي تبذلها تلك الدول لنزع فتيل التوتر في المنطقة، بحسب «رويترز».
وعبرت عن قلقها الشديد من قرار طهران استئناف تخصيب اليورانيوم في محطة فُردو، وطالبتها بالتراجع عنه، والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد احتجاز مفتشة تابعة لها في أكتوبر (تشرين الأول).
وقبل البيان بساعات، وجه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس تحذيراً إلى إيران بشأن اللجوء إلى آليات ينص عليها الاتفاق النووي.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن الوزير الألماني قوله: «نحن قلقون جداً بعد أن لاحظنا وجود نشاطات تخصيب يورانيوم إضافية، لم تكتف إيران بعدم الإعلان عنها، بل إنها تعمل على تنفيذها»، وأضاف: «نريد الإبقاء على الاتفاق النووي، وعلى إيران العودة إلى التقيد بالتزاماتها، وإلا فنحن نحتفظ بحق استخدام كل الآليات الموجودة في الاتفاق».
وكانت تقارير صحافية بريطانية ذكرت الشهر الماضي، أن الدول الثلاث وجهت تحذيراً إلى إيران على هامش أعمال الجمعية العامة في الأمم المتحدة بنيويورك، من أنها ستكون مجبرة على الانسحاب من الاتفاق النووي واللجوء إلى تفعيل آلية «فض النزاع» المنصوص عليها في الاتفاق النووي وفقاً للفقرة 36، وكذلك آلية «الضغط على الزناد» المنصوص عليها في الفقرة 37، التي تحيل ملف إيران إلى مجلس الأمن لإعادة التصويت على القرار 2231؛ ما يهدد بانهيار تام للاتفاق النووي وإعادة كامل العقوبات.
وقال ماس «يتعين على إيران في نهاية الأمر العودة لالتزاماتها. وإلا سنحتفظ بحقنا في استخدام كل الآليات المنصوص عليها في الاتفاق»، مضيفاً: «نراقب بقلق متزايد استمرار تخصيب اليورانيوم وإيران لم تكتف بإعلان ذلك، بل تمضي قدماً فيه».
وبموجب شروط الاتفاق، إذا رأى أي من الموقعين الأوروبيين أن إيران قد انتهكت الاتفاق يمكنه بدء عملية لحل النزاع يمكن خلال فترة قصيرة قد لا تزيد على 65 يوماً أن تتصاعد في مجلس الأمن وصولاً إلى ما يطلق عليه عودة سريعة لفرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
ويتمثل الموقف الأوروبي من الخطوات الإيرانية حتى الآن في أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشيها يجب أن يتحققوا أولاً من تصريحات إيران الأخيرة بشأن التخصيب وفق ما نقلت «رويترز» عن دبلوماسيين غربيين.
وتأمل إيران في الضغط على أوروبا عبر هذه الخطوات لدفع الدول الأوروبية نحو توفير سبيل لها لبيع إنتاجها من النفط الخام بالخارج رغم العقوبات الأميركية.
والموقف الأوروبي حاسم؛ لأن بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق الذي جرى توقيعه قبل بدء ولايته يتبقى من الموقعين روسيا والصين، وهما حليفان لإيران ولا ينتظر من أي منهما اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وناقش وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا كيفية الرد على انتهاكات إيران للاتفاق النووي، وذلك بعدما ترك وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الباب مفتوحاً أمام إمكانية تجديد العقوبات الدولية على إيران، في حين وجّه الرئيس الإيراني حسن روحاني رسالة يتعهد فيها بالحفاظ على الاتفاق النووي على رفع حظر الأسلحة عن إيران.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أمس، إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا يجب أن يكونوا مستعدين للرد على انتهاكات إيران، وهذا قد يعني استئناف العقوبات الدولية على طهران، وإن كانت أوروبا لا تزال ترغب في إنقاذ الاتفاق.
واستأنفت إيران الأسبوع الماضي تخصيب اليورانيوم على مستوى 5 في المائة بمحطة فوردو النووية تحت الأرض، وقالت في مطلع الأسبوع، إن لديها القدرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المائة، وهي نسبة تتجاوز إلى حد كبير المستوى المطلوب لمعظم الاستخدامات المدنية، لكن لا تصل إلى نسبة الـ90 في المائة اللازمة لصنع وقود قنبلة نووية، وذلك في أكبر خرق تقوم به للاتفاق النووي مع القوى العالمية.
وبموجب الاتفاق النووي، وافقت إيران أن تكون فوردو معملاً بحثياً، وألا يجري استغلاله في تخصيب اليورانيوم.
وتقول إيران، إن تجاوزاتها نتجت من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق العام الماضي واستئناف واشنطن فرض العقوبات التي خنقت صادراتها النفطية. وقالت طهران، إنها ستعود للالتزام بالاتفاق إذا فعلت واشنطن ذلك. لكن الأطراف الأوروبية الثلاثة الموقعة على اتفاق عام 2015، الذي يهدف إلى تضييق أي فرصة لتطوير إيران قنبلة نووية، أبدت قلقها من استئناف طهران تخصيب اليورانيوم؛ خشية أن يصعّب ذلك عليها إنقاذ الاتفاق.
وأفادت «رويترز» نقلاً عن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لدى وصوله لحضور اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بأنه سيناقش في اجتماع خاص يجمعه بنظيريه البريطاني والفرنسي في باريس في وقت لاحق لبحث الخطوات التالية.

- معمل سري في إيران يعزز إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب
بدوره، قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، في تصريحات لـ«أسوشييتد برس»، الاثنين، إن إيران تنتج يومياً كميات أكبر من اليورانيوم منخفض التخصيب عما سبق اعتقاده، وذلك بعد استئناف نشاطات التخصيب داخل معمل سري بُني داخل جبل.
وأوعز صالحي، بتنامي كميات اليورانيوم منخفض التخصيب إلى العمل الجاري داخل فوردو، منشأة سرية قائمة منذ أمد بعيد غرب البلاد يُخشى من إمكانية استغلالها في تخصيب اليورانيوم سريعاً إلى المستوى المستخدم في صنع الأسلحة.
وقال صالحي، إن طهران تنتج حالياً 5.5 كيلوغرامات يومياً على الأقل (12 باوند). ويأتي ذلك بالمقارنة بما كانت تنتجه طهران ـ نحو 450 غراماً (1 باوند) من اليورانيوم منخفض التخصيب يومياً.
وتحيط الجبال بمنشأة فوردو، بجانب حلقة من المدافع المضادة للطائرات وعدد من التحصينات الأخرى. ويقارب حجم المنشأة ملعب كرة قدم، وهي مساحة كبيرة لما يكفي لضم 3.000 جهاز طرد مركزي، لكنها صغيرة ومحصنة بما يكفي لأن تثير شكوك المسؤولين الأميركيين من أن لها أغراضاً عسكرية.
وقال صالحي في تصريحاته للوكالة: «أعتقد أنه بصورة إجمالية، يخرج 5.5 كيلوغرام يومياً من اليورانيوم المخصب من ناتانز وفوردو»، مشيراً إلى المنشأة النووية الإيرانية الأخرى في نطنز، حيث يعمل أكثر عن 5.000 جهاز طرد مركزي. ولمح صالحي إلى أن الرقم قد يرتفع إلى 6 كيلوغرامات (13 باوند) يومياً.
ويدور القلق الأكبر حول أنه مع زيادة كميات اليورانيوم التي تخصبها طهران بمرور الوقت، فإن هذا سيقلل الفترة الزمنية التي ستحتاج إليها البلاد للحصول على قدر كافٍ من المادة الانشطارية لصنع قنبلة نووية - إذا ما اختارت فعل ذلك. وقدر محللون هذه الفترة بعام، وذلك في ظل القيود التي يفرضها اتفاق عام 2015 النووي.