على الرغم من الإجراءات العاجلة والسريعة التي تقوم بها السلطات العراقية في مسعى لامتصاص حدة النقمة الشعبية وإقناع المواطنين بالعودة إلى منازلهم وترك ساحات المظاهرات وحالات الإضراب المتواصلة، فإن ذلك لم يحل دون استمرار وتصاعد الضغوط على السلطات العراقية عربياً ودولياً.
وفي موازاة تمسك المتظاهرين بخيار البقاء في الساحات والإصرار على مطلب إسقاط الحكومة، برزت، أمس، إلى جانب موقف مرجعية النجف الداعم للمظاهرات والمنتقد للأداء الحكومي، مطالبات دولية بالكف عن إراقة دماء المتظاهرين ومطالبات بإجراء انتخابات مبكرة.
فعلى المستوى الدولي، وبعد صمت دام لأكثر من شهر على انطلاق المظاهرات، حثّت الولايات المتحدة، الحكومة العراقية على إجراء انتخابات مبكرة والقيام بإصلاحات انتخابية واتهمت إيران والميليشيات التابعة لها باستنزاف ثروات العراق وقمع المتظاهرين. وأعربت عن قلقها العميق من الاعتداءات المستمرة ضد المتظاهرين والناشطين المدنيين ووسائل الإعلام وحظر الإنترنت في العراق. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، ستيفاني غريشام، في بيان: إن «العراقيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حين تستنزف إيران موارد بلادهم وتستخدم ميليشيات مسلحة وحلفاء سياسيين لمنعهم من التعبير عن آرائهم بشكل سلمي».
ولأول مرة أيضاً، أعربت اليابان عن قلقها من أعداد الضحايا الذي سقطوا في المظاهرات، وقالت وزارة خارجيتها في بيان، إنها «تشعر بالقلق إزاء العدد الكبير من الضحايا خلال المظاهرات واسعة النطاق التي تحدث في بغداد وفي الأجزاء الوسطى والجنوبية من البلاد». ودعت «جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس للحد من وقوع المزيد من الضحايا»، وأعربت عن أملها أن «تستجيب حكومة العراق لتطلعات الشعب العراقي التي عبرت عنها المظاهرات الحالية، وتقوم بالإصلاحات بسرعة بطريقة تحوز على ثقتهم بشكل كبير وتحقق الاستقرار والتنمية في البلد».
ووجهت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أمس، رسالة إلى الأمم المتحدة بشأن مظاهرات العراق، دعتها فيها إلى التركيز على مقتل المتظاهرين لدى مراجعة سجل العراق الحقوقي.
وقالت المنظمة في رسالته، إن «مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يعقد اليوم (أمس) جلسة الاستعراض الدوري الشامل لمراجعة سجلات حقوق الإنسان في العراق، وينبغي أن يكون تصاعد عمليات قتل المتظاهرين على أيدي قوات الأمن العراقية خلال الشهر الماضي في قمة اهتمامات الدبلوماسيين أثناء صياغتهم التوصيات».
بدوره، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن أمله في أن تتمكن القيادات السياسية بالعراق من الإسراع في الخروج من حالة الاضطراب الحالية وما يصاحبها من عنف، معرباً عن الحزن والأسف لاستمرار سقوط ضحايا بين المتظاهرين وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين. وأكد مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة الدول العربية، في بيان أمس، أن أبو الغيط «يتفهم اعتبارات الدولة في ضرورة السيطرة على الوضع الأمني والحيلولة دون الوقوع في الفوضى، لكنه يستشعر في الوقت ذاته قلقاً متزايداً إزاء استمرار العنف دون أفق واضح لوقف نزيف الدم، متمنياً عدم انزلاق العراق إلى مزيد من الاضطراب، خصوصاً في ظل ما يتعرض له من تدخلات وضغوط خارجية مرفوضة تزيد حتماً من تعقيد الأمور». وأوضح المصدر، أن التوافق بين المتظاهرين والقيادات السياسية تحت المظلة الوطنية الجامعة هو السبيل الوحيد للوصول إلى مخرج يحقق المصلحة الوطنية للعراق ويلبي مطالب أبنائه في عراقٍ مستقر ومستقل ومزدهر.
وأكد المصدر مجدداً وقوف الجامعة العربية إلى جوار العراق في هذه المرحلة الصعبة، آملاً أن يتجاوزها في القريب وهو أكثر قوة واستقراراً، وكذا استعدادها للمساعدة في هذا الصدد.
ضغوط عربية ودولية على الحكومة العراقية لوقف العنف ضد المتظاهرين
ضغوط عربية ودولية على الحكومة العراقية لوقف العنف ضد المتظاهرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة