اليمين المتطرف «الفائز» الفعلي في الانتخابات الإسبانية

أصبح القوة السياسية الثالثة في البلاد بعد الاشتراكيين و«الشعب»

رئيس الحكومة الإسبانية، المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز
رئيس الحكومة الإسبانية، المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز
TT

اليمين المتطرف «الفائز» الفعلي في الانتخابات الإسبانية

رئيس الحكومة الإسبانية، المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز
رئيس الحكومة الإسبانية، المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز

أواخر شهر مارس (آذار) الماضي، كان المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب ومستشاره الاستراتيجي في الحملة الانتخابية ستيف بانون يتحدث إلى «الشرق الأوسط» في العاصمة الإيطالية عن علاقاته بالأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، كاشفاً للمرة الأولى عن اتصالات يجريها مع حزب «فوكس» الإسباني اليميني المتطرف الذي كان يستعدّ لخوض أول انتخابات تشريعية له في إسبانيا، وقال آنذاك، إن «هذا الحزب هو خميرة الصعود اليميني في أوروبا خلال السنوات المقبلة».
لم يتمكن حزب «فوكس» من الحصول سوى على 24 مقعداً في تلك الانتخابات وبقي خارج دائرة الكتل الوازنة في البرلمان لتشكيل حكومة تعذّر على الأحزاب الأخرى التوافق حولها؛ ما اقتضى حل البرلمان والدعوة إلى الانتخابات التي أجريت أول من أمس الأحد، وأكدت نتائجها توقعات بانون في الوقت الذي بات تشكيل الحكومة الإسبانية أكثر تعقيداً مما كان عليه منذ خمسة أشهر.
جدد الاشتراكيون، بالأرقام، فوزهم بالمركز الأول في هذه الانتخابات، لكن بخسارة ثلاثة مقاعد، في حين استعاد الحزب الشعبي اليميني 22 من المقاعد التي خسرها في الانتخابات السابقة، وتراجع حزب «بوديموس» اليساري، وانهار حزب «مواطنون» الذي أعلن مؤسسه وزعيمه ألبرت ريفيرا، ظهر أمس (الاثنين)، استقالته من منصبه وانسحابه نهائياً من المعترك السياسي. الفائز الفعلي الوحيد في هذه الانتخابات كان حزب «فوكس» الذي رفع رصيده من 24 إلى 52 مقعداً، ليصبح القوة السياسية الثالثة في إسبانيا بعد عامين فقط من ظهوره في المشهد السياسي، و5 سنوات من تأسيسه رسمياً في يناير (كانون الثاني) 2014.
لكن، لا شك في أن هذه الانتخابات، في التحليل السياسي لنتائجها، هي خسارة لليسار على كل الجبهات. فالقوى اليسارية كان بوسعها أن تتحاشى الدعوة لإجرائها لو توصلت إلى اتفاق لتشكيل حكومة بعد انتخابات أبريل (نيسان) الماضي، ولا سيما أن الاشتراكيون خسروا ثلاثة مقاعد في حين خسر حزب «بوديموس» سبعة مقاعد. يضاف إلى ذلك، أن هذه الانتخابات أتاحت للحزب الشعبي أن يعزز موقعه في الثنائية التي تتناوب على الحكم في إسبانيا منذ عودة الديمقراطية بعد أن كان قد مُني بهزيمة قاسية في الانتخابات الماضية، فضلاً عن انهيار حزب «مواطنون» المعتدل الذي كان في رأي كثيرين، ورغبة الدوائر الاقتصادية والعواصم الأوروبية، الحليف الطبيعي للاشتراكيين لتشكيل حكومة مستقرة. أما الخسارة الكبرى التي أصيب بها اليسار في هذه الانتخابات، فهي خروج اليمين المتطرف من قمقم السياسة الإسبانية بعد أكثر من أربعة عقود على وفاة الجنرال فرنكو الذي كان اليسار الإسباني يحتفل منذ أسابيع بطي صفحته نهائياً إثر نقل رفاته من المزار التاريخي الذي كان أمر بتشييده إلى مقبرة العائلة.
لكن خسارة اليسار لم يعوضها فوز يرجح كفة المعسكر اليميني الذي يبقى، مجتمعاً، دون مجموع القوى اليسارية، وبالتالي فإن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات هو استقرار النظام السياسي الإسباني الذي يدخل من جديد نفق تشكيل الحكومة المظلم الذي تتخبّط فيه الأحزاب السياسية منذ سنوات في الوقت الذي يرفع الانفصاليون من رصيدهم في كاتالونيا، في حين يصعد اليمين المتطرف الذي كانت إسبانيا، حتى منتصف هذا العام، الدولة الأوروبية الكبرى الوحيدة التي لم يكن ممثلاً في برلمانها.

في أبريل الماضي، لعبت التعبئة الواسعة في صفوف اليسار دوراً أساسياً في النتيجة المتواضعة التي حصل عليها اليمين المتطرف، لكن فشل المفاوضات بين قوى اليسار لتشكيل حكومة أدى إلى هذه الانتخابات التي أعطت زعيم «فوكس» سانتياغو آباسكال ليقول أمس: «منذ أحد عشر شهراً فقط، لم يكن لنا أي تمثيل في المؤسسات الوطنية أو الإقليمية، اليوم أصبحنا القوة الثالثة».
وإذا كان تشكيل الحكومة معقّداً منذ خمسة أشهر، فإنه اليوم أشد تعقيداً وانفتاحاً على كل الاحتمالات التي من بينها العودة إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى. وفي المعلومات، أنه منذ ظهور النتائج الأولى للانتخابات تحرّكت جهات سياسية واقتصادية، داخلية وخارجية، في اتجاه الضغط على الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي لتشكيل حكومة وحدة وطنية تخرج البلاد من مأزق الأغلبية البرلمانية التي بات تشكيلها يحتاج إلى مهارة القوى السياسية الإيطالية صاحبة الباع الطويل في هذا المضمار.
لكن حكومة وحدة وطنية قد تكون بمثابة خطوة انتحارية بالنسبة للحزب الشعبي وزعيمه بابلو كاسادو الذي غطّى صعود اليمين المتطرّف على الفوز الكبير الذي حققه؛ إذ عزز موقعه زعيماً بلا منازع للمعارضة تتوفّر له كل الظروف المناسبة لإضعاف سانتشيز، وبات بإمكانه، إذا أتيح له أن يحتوي «فوكس»، الفوز على الحزب الاشتراكي في الانتخابات المقبلة أياً كان موعدها.
لا شك في أن شبح تلك الليلة الحارة أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي سيبقى محفوراً في ذاكرة بيدو سانتشيز وبابلو إيغليزياس زعيم «بوديموس». في تلك الليلة قرر الحزب الاشتراكي إنهاء المفاوضات التي كان يجريها مع «بوديموس» لتشكيل أول ائتلاف يساري في إسبانيا منذ ثلاثينات القرن الماضي، بعد أن رفض «بوديموس» عرضاً بثلاث حقائب وزارية إلى جانب منصب نائب رئيس الحكومة. يومها كانت استطلاعات الرأي تشير إلى أن الاشتراكيين بوسعهم أن يحصدوا ما لا يقل عن 140 مقعداً في جولة انتخابية ثانية ما يتيح لهم أن يحكموا بمفردهم مع دعم على اليسار في الملفات الاجتماعية، وعلى اليمين في الملفات الاقتصادية الصعبة والأزمة الكاتالونية.



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.