الأسد: العلاقات مع «قسد» في مرحلة انتقالية

اتهم قطر بإشعال فتيل الصراع بسوريا

بشار الأسد (إ.ب.أ)
بشار الأسد (إ.ب.أ)
TT

الأسد: العلاقات مع «قسد» في مرحلة انتقالية

بشار الأسد (إ.ب.أ)
بشار الأسد (إ.ب.أ)

وصف رئيس النظام السوري بشار الأسد، العلاقات مع «قوات سوريا الديمقراطية»، بأنها «في مرحلة انتقالية» حالياً، مؤكداً أن المشكلة بدأت في سوريا عندما تدفقت «الأموال القطرية» إلى سوريا.
وقال بشار الأسد عن «قسد»: «لنقل إننا في مرحلة انتقالية؛ لأنهم سيحتفظون بأسلحتهم الآن؛ لكننا دعوناهم للانضمام إلى الجيش السوري. بعضهم رفض؛ لكن في الأيام القليلة الماضية قال بعضهم إنهم مستعدون للانضمام إلى الجيش السوري». وأضاف، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، الناطقة باللغة الإنجليزية بثتها اليوم (الاثنين): «لا نعرف حتى الآن ماذا سيحدث، إلا أننا دعوناهم للانضمام إلى الجيش، كي نعود إلى الوضع الطبيعي الذي كان سائداً قبل الحرب، عندما كانت هناك حالة من سيادة القانون وسيادة الدولة، ولا أحد غيرها».
ونفى الأسد أن يكون هناك اتفاق مع «قسد» لتقاسم السلطة، وقال: «الأمر يتعلق باستعادة السيطرة الكاملة على الأراضي التي ينتقل إليها الجيش السوري، ويُدخل معه الخدمات الحكومية، وبالتالي، يتم بسط السيادة الكاملة على هذه المناطق»، لافتاً إلى أن التدابير التي تتم حالياً بين الحكومة السورية وقوات «قسد» في شمال شرقي البلاد تهدف «لنزع الذريعة من يد الأتراك لغزو سوريا». ورأى أن معظم عناصر «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري، هم «عملاء للأميركيين»، وقال: «في حين أن أغلبية الأكراد كانت لديهم علاقة جيدة مع الحكومة، فإن هذا الجزء المُسمى (حزب الاتحاد الديمقراطي) هو الذي دعمه الأميركيون علناً، بالسلاح والمال، وهربوا النفط معاً. معظم هؤلاء هم بصراحة عملاء للأميركيين. لا أقول كلهم؛ كوني لا أعرفهم جميعاً؛ لكن سياستهم خلال السنوات القليلة الماضية تمثلت في دعوة الأميركيين للبقاء، والغضب عندما يريد الأميركيون الرحيل، والقول مؤخراً إنهم لا يريدون الانضمام إلى الجيش السوري».
وقال الأسد إن الصراع في سوريا بدأ إثر تدفق الأموال القطرية للعمال الذين تركوا أعمالهم وتفرغوا للمظاهرات والتسلح، موضحاً: «لقد تواصلنا مع العمال لنسألهم: لماذا لا تذهبون إلى ورشكم؟ فقالوا: إننا نحصل في ساعة واحدة على ما نحصل عليه خلال أسبوع من العمل. كانوا يدفعون لهم خمسين دولاراً في البداية، ولاحقاً باتوا يدفعون لهم 100 دولار في الأسبوع، وهو ما كان يكفيهم للعيش دون عمل، وبالتالي بات من الأسهل عليهم الانضمام إلى المظاهرات، وبعد ذلك بات من الأسهل دفعهم نحو التسلح وإطلاق النار». وأضاف أن «الحكومة القطرية ستنكر ذلك بالتأكيد». وكشف أن السنوات الماضية شهدت مقتل وإصابة أكثر من مائة ألف جندي من قوات النظام، نافياً أن تكون القوات قد تورطت في قتل مدنيين في أي مرحلة. وقال: «الجيش السوري كان يحارب الإرهابيين، وإن كانت هناك بعض النيران الجانبية التي أثَّرت على بعض المدنيين، وقد يكون ذلك قد حدث، ويمكن إجراء تحقيقات بشأنه؛ لكن كيف يمكن للشعب السوري أن يدعم دولته ورئيسه وجيشه إن كانوا يقتلونه؟».
واتهم الأسد إسرائيل بتقديم دعم مباشر لمسلحي تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في سوريا، وقال: «في كل مرة كان الجيش السوري يحقق تقدماً ضد إرهابيي (جبهة النصرة) في الجنوب، كانت إسرائيل تقصف قواتنا، وكلما كنا نتقدم في منطقة أخرى في سوريا، كانت طائراتهم تبدأ في تنفيذ ضربات جوية ضد جيشنا. هذا ما يحدث. وبالتالي فإن الصلة واضحة جداً».
ووصف الأسد احتجاز بريطانيا قبل أشهر لناقلة نفط إيرانية بدعوى أنها كانت في طريقها إلى سوريا، بأنه «قرصنة من جانب بريطانيا». وقال: «نعم، لقد أرادوا إلحاق الضرر بالناس في سوريا؛ لأنه كان يُتوقع من أولئك الناس أن ينتفضوا ضد الحكومة، ولكن ذلك لم ينجح؛ لأن الشعب كان يعرف القصة برمتها، ويعرف أين تكمن مصلحته».
وأكد بشار الأسد إن انتخابات الرئاسة في البلاد في عام 2021 ستكون مفتوحة أمام أي شخص يريد الترشح، وإنها ستشهد مشاركة كثير من المتنافسين.
وكان الأسد قد واجه منافسين اثنين في انتخابات عام 2014 التي حقق فيها فوزاً ساحقاً، والتي وصفها منافساه بأنها مسرحية. وقال: «كنا في المرة الماضية ثلاثة، وهذه المرة بالطبع سيكون لدينا كل من يريدون الترشح، سيكون هناك كثير من المرشحين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم