إلهام أحمد: أميركا باقية وشجعتنا على التفاوض مع دمشق برعاية روسية

رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» قالت لـ «الشرق الأوسط» إن قوات الإدارة الذاتية يجب أن تحافظ على خصوصيتها ضمن الجيش

إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
TT

إلهام أحمد: أميركا باقية وشجعتنا على التفاوض مع دمشق برعاية روسية

إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»

قالت رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» إلهام أحمد في حديث إلى «الشرق الأوسط» في لندن، أمس، إن «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية تبلغت رسمياً من واشنطن بأن القوات الأميركية باقية في شمال شرقي سوريا وقرب حدود العراق لـ«حماية آبار النفط ومنع وقوعها بأيدٍ غير أمينة»، لكن أشارت إلى أنه ليس هناك جدول زمني لبقاء هذه القوات «التي تعززت» في رقعة جغرافية أقل، بعد قرار الرئيس دونالد ترمب في بداية الشهر الماضي الانسحاب من الحدود مع تركيا.
وقالت أحمد إن المطالب التي نقلتها إلى واشنطن والعواصم الأوروبية شملت «إنهاء التهديد التركي ومعاقبة تركيا ووقف توريد الأسلحة لتركيا، وفرض عقوبات اقتصادية، ومعاقبتها على استخدام أسلحة محرمة. أيضاً، نريد إرسال قوات دولية إلى الحدود لضمان عدم عودة (الدواعش) إلى البلدان الأوروبية».
وأوضحت رداً على سؤال أن «قوات سوريا الديمقراطية» توصلت برعاية روسية إلى اتفاق مع دمشق لنشر قوات الحكومة السورية على حدود تركيا، مشيرة إلى أنها تطالب بمفاوضات سياسية لـ«انتزاع اعتراف دمشق بالإدارة الذاتية ضمن الدستور السوري. بموجب الاتفاق يكون هناك توزيع للصلاحيات بين المركز والأطراف. هي (الإدارة) جزء من سوريا والدستور السوري وتتم إدارة المنطقة ضمن صلاحيات معينة». وأشارت إلى أن الجانب الأميركي «شجع» على هذه المفاوضات. وأضافت أنه يجب الحفاظ على خصوصية «قوات سوريا الديمقراطية» بموجب أي اتفاق مستقبلي، بحيث تبقى «قوات خاصة ضمن الجيش السوري. يعني يجب أن تكون الإدارة الذاتية هي الواجهة الأساسية لهذه القوات وبعلاقة قانونية مع وزارة الدفاع السورية».
وهنا نص الحديث الذي جرى في لندن أمس:

> الرئيس دونالد ترمب أعلن بداية الشهر الماضي الانسحاب من سوريا ثم عدل موقفه. هل تشعرون أن واشنطن خانتكم بعدما ساهمت «قوات سوريا الديمقراطية» بالقضاء على «داعش»؟
- طبعاً، القرار الذي اتخذته إدارة ترمب بسحب قواتها بأسلوب عشوائي ومفاجئ، أثر بشكل سلبي جداً على المنجزات في الحرب ضد «داعش» والدعم الذي قدمته لتحقيق الاستقرار وعودة النازحين إلى المناطق والقضاء على الخلايا النائمة لـ«داعش».
لم نكن نأمل قراراً مفاجئاً كالذي حصل، خصوصاً أنه كانت لدينا وعود من الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين أنهم باقون في المنطقة إلى حين تحقيق الحل السياسي النهائي في سوريا ومحاربة خلايا «داعش» النائمة، وأن المناطق التي وجد فيها الأميركيون سيدافعون عنها ولن يسمحوا لأي طرف بالهجوم عليها.
> لكن التوقعات بالانسحاب كانت موجودة والسفير الأميركي الأسبق روبرت فورد توقع «خيانة» أميركية للأكراد؟
- لن أتحدث بذلك بالأسلوب. من لم يفِ بوعوده، دعه يسمي الأمور بنفسه. الرأي العام الأميركي كان ضد الانسحاب. كان هذا واضحاً.
> ما هو الوضع حالياً عسكرياً على الأرض؟ هل حصل تراجع؟
- هناك تراجع عن القرار، لكن لا نعرف المدة الزمنية والمهمات التي سيقوم الأميركيون بها. قال الأميركيون إنهم باقون لمحاربة «داعش» وكي لا تقع حقول النفط في أيدٍ غير أمينة.
> هل تبلغت ذلك رسمياً؟
- نعم، تبلغنا ذلك رسمياً.
> ماذا؟
- تبلغنا رسمياً أنهم باقون للاستمرار في محاربة الإرهاب وحماية آبار النفط كي لا تقع في أيدٍ غير أمينة، ولا يستفيد منها «الدواعش» وغيرهم.
> من هذه «الأيادي غير الأمينة»؟ هل ذكروا روسيا أم دمشق؟
- لم يحددوا. هكذا قالوا.
> هل عزز الأميركيون مواقع آبار النفط والغاز؟
- نعم.
> هل أقاموا قواعد؟
- سبق وكانت لديهم قواعد عسكرية، لكن حصلت عودة للقوات وتعزيز لها. كل الذين انسحبوا عادوا.
> الوضع عاد كما كان قبل قرار الانسحاب؟
- المساحة تقلصت. تقريباً، تقلصت إلى النصف.
> كنتِ في واشنطن والتقيت مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية والكونغرس. ماذا طلبت؟
- طلبنا إنهاء التهديد التركي ومعاقبة تركيا عما قامت به من تطهير عرقي واغتيالات السياسيين، إضافة إلى ضمان تشميلنا بالعملية السياسية في جنيف.
> ثلاثة طلبات؟
- نعم.
> ماذا كان الجواب؟
- الإدارة كانت في وضع عدم الاستقرار ولم تكن الآراء واضحة حول المستقبل في منطقتنا. الكونغرس كان واضحاً واتخذ قرارات لفرض عقوبات ومعاقبة تركيا. بقي أن يصادق عليها مجلس الشيوخ. هذا سيحصل في الأيام المقبلة. لكن الإدارة كانت في حالة عدم وضوح وعدم الاستقرار في الرأي والاستراتيجية.
> وزارة الدفاع؟
- في البداية كان الأمر غير واضح، لكن حالياً الصورة واضحة لديهم، وفق ما ذكرت سابقاً.
> هل هناك إطار زمني لبقاء القوات الأميركية؟
- لا. هم موجودون من دون برنامج زمني.
> إلى متى؟
- حسب استراتيجيتهم. وإلى الآن لم تتضح أسباب بقائهم في سوريا. لذلك لا نعرف هل سيبقون شهرا أو شهرين أو سنة.
> أنت في لندن، ما هي طلباتك في لندن والعواصم الأوروبية.
- لنا مطالب من الدول الأوروبية، هي إنهاء التهديد التركي ومعاقبة تركيا ووقف توريد الأسلحة لها وفرض عقوبات اقتصادية ومعاقبتها على استخدام أسلحة محرمة. أيضاً، نريد إرسال قوات دولية إلى الحدود لضمان عدم عودة «الدواعش» إلى البلدان الأوروبية.
> ماذا عن «الدواعش» الأجانب؟
- نريد تنظيم محاكم خاصة لـ«الدواعش» وتوفير حماية للسجون والمخيمات مع قواتنا للأمن الداخلي. ونناقش موضوع محاكمة «الدواعش» مع الفرنسيين.
> ماذا عن مستقبل «الدواعش» الأجانب، هل ستسلمونهم لدمشق؟
لا، إذا استمر الهجوم التركي، سيعرض «الدواعش» للخطر. ممكن أن يأخذهم النظام السوري أو روسيا أو تركيا أو يهربوا. لذلك، طلبت وقف العملية التركية والهجوم العسكري.
> واقعياً، بالنسبة إلى أميركا والدول الأوروبية، هل تتوقعون أن تنحاز لصالحكم على حساب تركيا وهي عضو في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) ومجموعة العشرين؟
- هم يعرفون أن تركيا لم تعد تغرد ضمن «ناتو» وانحازت كثيرا للطرف الآخر، أي روسيا. هم يعرفون ذلك. يبقى اتخاذ قرارهم واختيار شريكهم.
> لندن، ستستضيف قمة «ناتو» في 3 و4 الشهر المقبل، وهناك قمة بريطانية - ألمانية - فرنسية - تركية. كما أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سيلتقي ترمب في 13 الجاري؟
- الكل يعرف أن تركيا تحولت إلى دولة راديكالية وهي كانت ولا تزال الممول الأساسي لـ«الدواعش». إذا استمرت العلاقة بينهم، رغم الحقائق، يعني أنهم يتعاملون مع دولة ممولة للإرهاب.
> البعض يعترض على العلاقة بينكم و«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه دول تنظيماً إرهابياً؟
- إردوغان يخلق الحجج لاحتلال أراض من دول أخرى. الجغرافيا التي نعيش فيها كردية، لكن نتحدث عن خليط من المكونات. لا يمكن أن تتذرع تركيا بـ«وحدات حماية الشعب» الكردية. هي (الوحدات) لم تعتد على أمن تركيا. كل دول التحالف وأميركا تعرف ذلك. ما نقوم به بسوريا، والكل يعرف ذلك، أننا حاربنا الإرهاب ولا علاقة لنا بالإرهاب. لدينا أولويات داخل سوريا ولدينا أولوية سورية، أدافع عن مصالح شعبنا، وأناقش ذلك مع كل الدول المعنية. أولويات سورية ولا أنكر قضيتي القومية، خصوصاً أن القضية الكردية مشكلة في دول أخرى مثل تركيا وإيران.
> هل تريدون تأسيس «روج آفا» (غرب كردستان)؟
- ليس لدي مشروع قومي، كما يسميه البعض، دولة قومية، لكن لنا حقوق قومية كشعب كردي ولنا حقوق كشعب سوري. القضيتان تكملان بعضهما بعضاً. من دون حل القضية الكردية، لا يمكن حل الأزمة السورية.
> لا تريدون كياناً كردياً؟
- أبدا ومطلقاً، لكنْ لدينا حقوق.
> الدبلوماسي الأميركي ويليام روباك اتهم أنقرة بـ«التطهير العرقي»، وفصائل سورية معارضة تتهمكم بـ«التطهير العرقي» ضد العرب وتهجيرهم من مناطقهم شرق الفرات. ما هي الحقيقة؟
- التطهير العرقي يعني أن تهجر قوماً بالكامل من مناطقهم وترتكب المجازر. لننظر إلى تاريخ «وحدات حماية الشعب».
> هناك من يقول إنها هجرت العرب من مناطقهم شرق الفرات؟
- لا، لم تهجر أحداً. بحكم المعارك خرج الناس من مناطقهم ثم عادوا بعد انتهاء المعارك. بقي قسم في تركيا وهم ممن تعاملوا مع «داعش» ولا يستطيعون الرجوع. الآن، أطلقت الإدارة الذاتية نداء لعودة الجميع إلى مناطقهم.
> هل عاد النازحون؟
- نعم. عاد كثيرون.
> هناك من يقول إنكم تستعملون ذريعة «الدواعش» ضد العرب لمنع الناس من العودة؟ أي كل الناس «دواعش» غير الأكراد؟
- كلها ادعاءات غير صحيحة، ليس في محلها. إطلاق صفة «داعش» على الكل غير صحيحة، وإلا لما كان 70 في المائة من «قوات سوريا الديمقراطية» من العرب. حتى العشائر التفت حول هذه القوات ودعمتها بالقوة المالية والمعنوية والبشرية.
> بعد قرار ترمب، جلست جلسة مفاوضات بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق برعاية روسية؟
- اتفاق عسكري.
> ملامحه؟
- تسلمت قوات الحكومة والشرطة الروسية كامل الحدود، لكن حافظوا على منطقة الاتفاق بين تركيا وروسيا بين رأس العين وتل أبيض. تركيا تسميها «منطقة آمنة» نحن نسميها «منطقة الجحيم»، لأن تركيا تستعملها لتمرير «الدواعش».
> سياسيا، ماذا تضمن الاتفاق مع دمشق؟
- نسعى إلى انتزاع الاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية لتضمينها بالدستور.
> تريدون الاعتراف بالإدارة الكردية بالدستور السوري؟
- هي ليست كردية. هي إدارية ذاتية وهي جزء من سوريا، بموجب الاتفاق يكون هناك توزيع للصلاحيات بين المركز والأطراف. هي جزء من سوريا والدستور السوري وتتم إدارة المنطقة ضمن صلاحيات معينة.
> هل بدأتِ المفاوضات برعاية روسية؟
- لم تحصل بعد. أبدوا الاستعدادات، لكن لم تحصل بعد.
> هل أبلغتم الأميركيين بمضمون المفاوضات؟
- نعم، هم يعرفون كل شيء. عندما اتخذوا قرارهم وتركوا الحدود، قالوا لنا: أنتم خذوا قراركم وتصرفوا.
> هل شجعوكم على التفاوض مع دمشق برعاية روسية؟
- نعم، طبعا. باعتبار أنهم انسحبوا، ما هو قرارهم؟
> لكنهم عادوا؟
- صحيح، لكن طالما أنهم انسحبوا من الحدود، نحن تصرفنا.
> ما هي ملامح التسوية بينكم ودمشق؟
- الإطار العام، ذكرته، لكن الخطوات العملية لم تبدأ بعد.
> ما هو عدد «قوات سوريا الديمقراطية»؟
- 70 ألفا، وإذا أضفنا الشرطة سيصل العدد إلى مائة ألف عنصر.
> ما هو تصوركم لمستقبلها؟
- لهذه القوات خصوصية، ويجب الحفاظ عليها.
> ما هو المقصود؟
- يجب الحفاظ عليها بموجب اتفاق، قوات خاصة ضمن الجيش السوري. يعني يجب أن تكون الإدارة الذاتية هي الواجهة الأساسية لهذه القوات وبعلاقة قانونية مع وزارة الدفاع السورية.
> الحكومة السورية اقترحت اندماجا فرديا؟
- هذا تصور دمشق، لكنه ليس في محله.
> موسكو اقترحت نسخ تجربة الجنوب السوري، أي اعتبار هذه القوات «فيلقاً خامساً» بإشراف موسكو؟
- لا أظن أن هذا ممكن. القوات عددها كبير ولها خصوصية.



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.