ترقب أوروبي لتنفيذ تركيا قرار إعادة أجانب «داعش» اعتباراً من اليوم

هولندا تتواصل لاستعادة أي عناصر محتملة من مواطنيها

TT

ترقب أوروبي لتنفيذ تركيا قرار إعادة أجانب «داعش» اعتباراً من اليوم

يسود الترقب في أوروبا، انتظاراً لبدء تركيا إرسال عناصر «داعش» الأجانب إلى بلدانهم الأصلية، اعتباراً من اليوم (الاثنين)، كما حدد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في تصريحات يوم الجمعة الماضي. وحسب تصريحات صويلو، فإن تركيا لديها نحو 1200 من عناصر «داعش»، منتقداً محاولات الدول الأوروبية التهرب من استقبالهم، وتلويح بعضها بإسقاط الجنسية عنهم كحل للهروب من استقبالهم. وأكد أن بلاده ستعيدهم، سواء تم إسقاط جنسياتهم أم لا. وقال صويلو إن على الأوروبيين الاستعداد، لأن أنقرة ستفتح أبواب معتقلاتها، لتبدأ بترحيل كل من لديها من عناصر «داعش» من الأجانب. وتقول أنقرة إن لديها 1200 «داعشياً» أجنبياً في سجونها، بالإضافة إلى 278 آخرين تم اعتقالهم مؤخراً خلال عمليتها العسكرية في الشمال السوري المسماة «نبع السلام».
في الشأن ذاته، قال وزير خارجية هولندا ستيف بلوك، في تصريحات أمس، إن تركيا ليست مضطرة لمقاضاة أشخاص لم يرتكبوا جرائم داخل أراضيها، معتبراً أن تركيا هي صاحبة القرار في مسألة ترحيل عناصر «داعش»، وأنها واحدة من الدول الواقعة تحت تهديد «داعش».
وتابع: «الأراضي التركية ليست مسرحاً لجرائم عناصر (داعش)، وفي مثل هذه الحالات يجب أن تستند إجراءات المقاضاة والترحيل إلى القانون الدولي... تركيا واحدة من الدول التي تعرضت لهجمات من (داعش)، فأنقرة هي التي ستقرر ما إذا كانت ستقاضي عناصر هذا التنظيم، أم ستقوم بترحيلهم إلى بلدانهم». وأوضح بلوك أن بلاده تجري اتصالات مكثفة مع تركيا، وأنهم طلبوا من السلطات التركية إعلامهم في حال تم إرسال عناصر من «داعش» إلى هولندا.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في تصريحات الجمعة الماضي، إننا سنبدأ اعتباراً من الاثنين (اليوم) إعادة عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي الأجانب إلى بلدانهم.
وأضاف: «نقول لكم الآن إننا سنقوم بإعادتهم إليكم (الدول الأوروبية)، سنبدأ ذلك الاثنين». وسبق أن قال صويلو، الاثنين الماضي، «إننا سنعيد من هم في قبضتنا، لكن العالم خرج بطريقة جديدة الآن: إسقاط جنسياتهم… هم يقولون إنه تجب محاكمتهم حيث اعتقلوا، أتصور أن هذا معيار جديد للقانون الدولي». وأكد أن تركيا ستعيد هؤلاء إلى بلادهم حتى لو أسقطوا عنهم الجنسية. وأشار إلى أنهم يعملون على إحالة هذه العناصر إلى السلطات القضائية؛ حيث سيتم إرسالهم، إما إلى السجون أو إلى مراكز الترحيل لإعادتهم إلى بلدانهم، قائلاً: «سيتم إرسالهم إلى بلدانهم، سواء أسقطت عنهم الجنسية أم لا».
وكان صويلو أكد، في مؤتمر صحافي السبت قبل الماضي، أن بلاده ستعيد أعضاء تنظيم «داعش» الإرهابي الأجانب المعتقلين لديها، الذين نقلتهم من تل أبيض ورأس العين في شمال شرقي سوريا إلى بلادهم، وشكا من التقاعس الأوروبي في هذا الصدد، لافتاً إلى أن بلاده «ليست فندقاً لإيواء هذه العناصر».
وأضاف أن الموقف الأوروبي جعل تركيا تتعامل بمفردها مع مسألة سجناء «داعش»، قائلاً: «هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا وغير مسؤول أيضاً... سنرسل أعضاء (داعش) المعتقلين إلى بلادهم»، مشيراً إلى أن تركيا نقلت عناصر التنظيم الأجانب، الذين جرى ضبطهم في رأس العين وتل أبيض، خلال العملية العسكرية «نبع السلام»، إلى سجون محصنة بمنطقة عملية «درع الفرات»، شمال سوريا، وبعد احتجازهم لفترة في تلك السجون، سيتم إرسالهم إلى البلدان التي ينتمون إليها.
وأشار صويلو إلى أن هناك دولاً تتملص من تسلم رعاياها المنتمين إلى «داعش»، عبر إسقاط الجنسية عنهم... «لا يمكن قبول تجريد عناصر (داعش) من الجنسية، وإلقاء العبء على عاتق الآخرين، فهذا تصرف غير مسؤول». وأوضح أنها ليست هولندا فقط من تجرد إرهابيي «داعش» من الجنسية، فبريطانيا أيضاً تقوم بذلك: «فالجميع يلجأ لأسهل السبل بهدف التملص من المسؤولية الملقاة على عاتقه». وأكد أن تركيا سترسل عناصر التنظيم الإرهابي إلى بلادهم حتى لو أسقطوا عنهم الجنسية.
وقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في عملية عسكرية أميركية في ريف إدلب، شمال غربي سوريا، مؤخراً، لكن واشنطن ترى أن التنظيم لم ينته بعد بشكل نهائي، رغم فقدانه السيطرة على الأرض بنسبة مائة في المائة. وتتهم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تحاربها تركيا في شمال سوريا، أنقرة، بالوقوف وراء فرار الآلاف من معتقلي «داعش»، بل وتسهيل عملية فرارهم من سجونها، وذلك خلال العملية العسكرية الأخيرة. وتواجه تركيا اتهامات متكررة باستغلال ورقة مقاتلي «داعش» الأجانب وقضية اللاجئين للضغط على أوروبا.
وتقدر أعداد المعتقلين من مقاتلي «داعش» الأجانب في سجون تقع في مناطق سيطرة «قسد» في شمال شرق سوريا بأكثر من ألف مقاتل، إلى جانب 13 ألفاً من عائلاتهم «الدواعش»، تقول «قسد» إنها تحتجزهم في مخيمات تديرها. وتقول «قسد» إن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يواجه موجة من مقاتلي تنظيم «داعش» الإرهابي العائدين من سوريا، بعد أن صقلتهم المعارك، ما لم يعتمد سياسة الحزم مع تركيا بأن يوقف، من بين إجراءات أخرى، أي محادثات انضمام للاتحاد أو محادثات تجارية مع أنقرة.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».