واشنطن تدعو موسكو ودمشق للتوقف عن استهداف المدنيين

TT

واشنطن تدعو موسكو ودمشق للتوقف عن استهداف المدنيين

طلبت واشنطن، الجمعة، من الحكومة السورية وحليفها الروسي وقف الغارات الجوية على شمال غربي سوريا التي تسقط عدداً كبيراً من الضحايا بين المدنيين.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن 12 شخصاً قتلوا في يومين جراء غارات على شمال غربي سوريا استهدفت مدرسة وحضانة.
وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأنه شاهد مسعفاً يحمل جثة طفلة في بلدة السحارة في محافظة إدلب.
وقالت مورغان أورتاغوس المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن «الحوادث الأخيرة التي سجلت تكشف مخططاً محدداً لشن هجمات على بنى تحتية ومدنيين من قبل القوات الروسية والسورية».
وأوضحت في بيان: «ندعو روسيا ونظام بشار الأسد لتسوية النزاع عبر عملية سياسية تسهلها الأمم المتحدة ووقف شن هذه الحرب في المناطق المدنية». وفي أبريل (نيسان)، شنت دمشق هجوماً مدمراً على إدلب. وتضم إدلب ومحيطها نحو 3 ملايين نسمة، نصفهم نازحون من مناطق أخرى وبينهم عشرات الآلاف من المقاتلين المعارضين الذين تم إجلاؤهم من محافظات أخرى، بعد هجمات شنتها قوات النظام على معاقلهم.
وتأتي أعمال العنف في حين تجري مفاوضات في جنيف لمناقشة إصلاح الدستور السوري لإنهاء الحرب الأهلية التي أوقعت أكثر من 370 ألف قتيل منذ 2011.
واختتم مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، أمس، جولة افتتاحية من المحادثات حول مستقبل سوريا السياسي التي تهدف إلى تحقيق المصالحة السياسية، بعد حرب مستمرة منذ 8 أعوام ونصف العام.
وقال إن المحادثات سارت على نحو أفضل مما كان متوقعاً، وإنها ستتجدد في وقت لاحق من الشهر الحالي. وأضاف بيدرسن أن أعضاء الوفود المشاركة في اجتماع اللجنة الدستورية السورية من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني تصدَّوا باحترافية للمناقشات التي أقر بأنها كانت «مؤلمة جداً» في بعض الأحيان.
وأضاف للصحافيين في جنيف: «أعتقد أنها سارت بشكل أفضل مما كان يتوقع معظم الناس»، مضيفاً: «الجولة المقبلة من المناقشات تبدأ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي».
وقال إن المناقشات ركزت على قضايا السيادة ووحدة الأراضي والإرهاب، من دون الخوض في التفاصيل.
ولم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق حول إطلاق سراح آلاف المعتقلين في سوريا؛ وهي إحدى النقاط التي قال بيدرسن في وقت سابق إنها خطوة مهمة مطلوبة لبناء الثقة بين الأطراف.
إلى ذلك، قال متحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن أكثر من 60 منشأة طبية في محافظة إدلب السورية تعرضت لقصف على مدى الشهور الستة الماضية، 4 منها خلال الأسبوع الحالي. وتابع المتحدث أن هذه المنشآت استهدفت عن عمد فيما يبدو من جانب قوات تابعة للحكومة.
وكانت إدلب الواقعة في شمال غربي سوريا هدفاً لهجوم دعمته روسيا في الصيف الماضي لاستعادتها والمناطق المجاورة. وهي جزء من آخر منطقة رئيسية لا تزال خاضعة لسيطرة قوات المعارضة في سوريا. وقال المتحدث روبرت كولفيل للصحافيين إنه منذ 29 أبريل (نيسان)، تعرضت 61 منشأة طبية للقصف، بعضها تعرض لقصف عدة مرات.
وأضاف في إفادة صحافية في جنيف: «لا يمكننا تحديد إن كان كل هجوم على حدة متعمداً، لكن النطاق الكبير لهذه الهجمات... يشير بقوة إلى أن قوات تابعة للحكومة استهدفت المنشآت الطبية بهذه الضربات عمداً، على الأقل على نحو جزئي، إن لم يكن كلياً».
وقال لـ«رويترز» في وقت لاحق: «لا يمكن أن تكون جميعها حوادث». وأضاف أنه إذا تبين أن أياً من هذه الهجمات أو بعضها كان متعمداً، فإنها سترقى إلى جرائم حرب.
وقال كولفيل إن تقارير أفادت بتعرض مستشفى كفر نبل لأضرار في 6 نوفمبر، وكان قد تعرض للقصف أيضاً في مايو (أيار)، ويوليو (تموز).
كما تعرض مستشفى الإخلاص في جنوب إدلب لضربتين جويتين، ما أخرجه من الخدمة، الأسبوع الحالي.
وأشار كولفيل إلى أنه منذ بدء توغّل عسكري تقوده تركيا عبر الحدود مع سوريا قبل شهر، ويستهدف طرد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية، قُتل ما لا يقل عن 92 مدنياً في شمال وشمال شرقي البلاد.
وقالت نجاة رشدي مساعدة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا للشؤون الإنسانية، إن الهجوم أسفر عن تشريد 200 ألف شخص ظل نصفهم تقريباً دون مأوى، وتفرقوا بين المخيمات والملاجئ.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.