اليمين الإسرائيلي يباشر التحضير لثالث انتخابات في سنة

غانتس يرفض الاستسلام للفشل في تشكيل الحكومة ويبرم اتفاقاً مع ليبرمان وحزب العمل

TT

اليمين الإسرائيلي يباشر التحضير لثالث انتخابات في سنة

في الوقت الذي عاد فيه الحزبان الأكبران في إسرائيل: «ليكود» بقيادة رئيس الحكومة الانتقالية، بنيامين نتنياهو، و«كحول لفان» (أزرق أبيض) بقيادة رئيس الحكومة المكلف، بيني غانتس، إلى تبادل الاتهامات حول إفشال الجهود لتشكيل حكومة وحدة بينهما، وزادت القناعة بأن انتخابات ثالثة خلال سنة باتت إمكانية واقعية جداً، أعلن غانتس أنه لن يستسلم لأجندة «ليكود» وضغوطه وسيسعى لتشكيل حكومة أخرى وأنه واثق من النجاح.
وقال غانتس إنه اتفق مع حزب اليهود الروس «إسرائيل بيتنا»، برئاسة أفيغدور ليبرمان، ومع حزب «العمل - جيشر» برئاسة عمير بيرتس، على الخطوط العريضة للحكومة القادمة وسيسعى إلى ضم أي حزب يقبل بها. فاتهمه «ليكود» بـ«التفتيش عن تبريرات لتشكيله حكومة مع العرب».
وكان «ليكود» قد أعلن أنه يرى أن غانتس ليس معنياً بتشكيل حكومة وحدة بينهما، فرد غانتس بالقول إن «ليكود» كله يقف وراء نتنياهو لجر الدولة إلى انتخابات ثالثة، وهو يعرف أنها تلحق أضراراً فادحة بإسرائيل. ودلت نتائج استطلاع للرأي، نشر صباح أمس (الجمعة)، على أن نحو 57 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أنه ستجري انتخابات ثالثة، ومع أنهم يعتقدون أن بنيامين نتنياهو هو المتسبب في هذه الخطوة غير المحمودة إلا أنهم يرون فيه الشخصية الأنسب لتولي منصب رئيسة الحكومة.
وأظهرت النتائج أن 57 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أنه ستجري انتخابات ثالثة في الفترة القريبة، بينما يعتقد 43 في المائة فقط أنه سيتم تشكيل حكومة وحدة. في المقابل، فإن 66 في المائة من أصحاب الرأي، الذين أجابوا عن أسئلة الاستطلاع، قالوا إنهم يفضّلون حكومة وحدة على التوجه إلى انتخابات ثالثة، مقابل 34 في المائة يفضّلون الانتخابات. ورداً على سؤال بشأن الأنسب لرئاسة الحكومة، حصل نتنياهو على 56 في المائة، مقابل 44 في المائة لمنافسه، بيني غانتس.
وقد باشر حزب «ليكود» وحلفاؤه في اليمين الإعداد لهذه الانتخابات. وكشفت وزارة الاقتصاد في حكومة نتنياهو الانتقالية أنها تعمل على إعداد مشروع قانون يقضي بعدم منح يوم إجازة للعاملين في حال إجراء جولة انتخابات ثالثة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، على خلفية الأزمة السياسية وعدم قدرة أي من المعسكرات السياسية على تشكيل حكومة. وجاء هذا الإجراء بناء على توصية من اتحاد الصناعيين والتجار الذي حذّر من إجراء انتخابات برلمانية عادية يكون فيها يوم الانتخابات «عطلة مدفوعة الأجر»، وقال إن مثل هذه الانتخابات يكلّف 2.5 مليار شيكل (الدولار الأميركي يعادل 3.5 شيكل).
لكن غانتس، من جهته، سارع إلى الإعلان أنه لن يستسلم لضغوط اليمين وسينجح في تشكيل حكومة في غضون 12 يوماً المتبقية له من مدة التكليف. وأعلن عن انتهاء جلسة مفاوضات جيدة مع حزب ليبرمان اتفق خلالها على عدد من «القضايا الجوهرية» من أجل المضي قدماً في صياغة المبادئ الأساسية نحو «حكومة وحدة ليبرالية عريضة». وأشار إلى أن طاقمي التفاوض ناقشا القضايا الأساسية الملحة الراهنة، ولفت إلى أنه «تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا التالية: رفع الحد الأدنى لدخل المسنين لتصبح بنسبة 70 في المائة من أجر الحد الأدنى، وعدم الإضرار بمخطط رفع مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة». كما اتفقا على استمرار التفاوض بشكل مكثف.
وعقت جلسة مفاوضات شبيهة مح حزب «العمل». وحسب مصادر مقربة من غانتس فإنه يجري مفاوضات سرية مع عدة أحزاب وشخصيات بشكل مواز بغرض تشكيل الحكومة القادمة، و«الهدف الأساس منها هو منع إجراء انتخابات عامة من جديد». وقالت مصادر في حزب «يسرائيل بيتينو» إن عدم مناقشة مسألة «الدين والدولة» مع حزب غانتس لم يأت من فراغ، مشيرة إلى أن قادة «كحول لفان» يعملون على أكثر من خيار بشكل متواز ولا يستعجلون تقديم التزامات حول قضايا مصيرية، فيما قالت مصادر في «كحول لفان» إنه لا توجد خلافات حول هذه المسألة، وقد تم الاتفاق على المبادئ الأساسية في هذا الشأن في اجتماعات سابقة.
ولم ينف غانتس أنه ما زال يضع أمامه إمكانية أن يشكل حكومة أقلية تستند إلى دعم خارجي لائتلافه مع النواب العرب، لكنه قرر إبقاء هذه الإمكانية كآخر احتمال.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.