قتلى وجرحى في محاولة لحصار احتجاجات بغداد

متظاهرون في وسط بغداد أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون في وسط بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

قتلى وجرحى في محاولة لحصار احتجاجات بغداد

متظاهرون في وسط بغداد أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون في وسط بغداد أمس (إ.ب.أ)

قُتل أربعة محتجين وجُرح عشرات في بغداد، أمس، في محاولة قوات الأمن لحصار الاحتجاجات التي سعت إلى توسيع نطاقها الجغرافي في العاصمة خارج ساحة التحرير، فيما أمرت الحكومة بإغلاق قنوات فضائية «مغرضة»، و«اعتقال المخربين».
وغداة محاولات فاشلة لعبور أربعة جسور في بغداد باتجاه المقرات الحكومية في المنطقة الخضراء، نقل المتظاهرون المتمركزون في ساحة التحرير احتجاجاتهم إلى شارع الرشيد أحد أشهر وأطول شوارع العاصمة. لكن قوات الأمن تصدت بقوة لمظاهرة شارع الرشيد، وفرّقت المحتجين بقنابل الغاز. وطبقاً لمصادر أمنية، فإن المواجهات في شارع الرشيد أسفرت عن مقتل 4 متظاهرين وجرح العشرات، فيما تواصلت المواجهات بين القوات الأمنية والمتظاهرين على مداخل جسور الجمهورية والسنك والأحرار والشهداء.
وغداة إعلان مجلس القضاء الأعلى «التعامل مع الخارجين على القانون تحت طائلة المادة 4 إرهاب»، أصدر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة «أوامر صارمة تقضي باعتقال المخربين الذين يقطعون الطرق»، بحسب الناطق باسم قيادة القوات المسلحة اللواء الركن عبد الكريم خلف.
وأضاف خلف أن «الأوامر صدرت للقوات الأمنية بتطبيق القانون فوراً. وسيتم اعتقال المخربين الذين يقطعون الطرق وإحالتهم إلى القضاء». وأعلن في مؤتمر صحافي، أمس: «توجيه هيئة الإعلام والاتصالات بإغلاق القنوات المغرضة»، مشيراً إلى أن «عدداً من المخربين قاموا بإحراق عدد من الدور والمحلات». وأضاف أن إغلاق ميناء أم قصر الجنوبي بسبب الاحتجاجات «سبّب أضراراً بالغة للمواطن»، مشدداً على أن «العراق لديه التزامات للحفاظ على موانئ النفط». ولفت إلى أن «خلية الأزمة التي شكلها رئيس الوزراء في انعقاد دائم لتلبية مطالب المتظاهرين».
واستأنف ميناء أم قصر العمليات لفترة وجيزة في وقت مبكر من صباح أمس، بعدما أخلى معظم المتظاهرين المنطقة. لكن مسؤولي الميناء قالوا إن بضع عشرات من النشطاء وأقارب المتظاهرين الذين قُتِلوا خلال العنف المستمر منذ أسابيع عادوا لإغلاق البوابة الرئيسية.
ومن المرجح أن يزيد التوقف الجديد في العمليات بميناء أم قصر الخسائر المالية، بعد يوم من إعلان الحكومة أن توقف العمل لأسبوع بالميناء كلف البلاد ما يربو على ستة مليارات دولار. وقال مسؤولون في قطاعي النفط والأمن لوكالة «رويترز» إن العمليات استؤنفت، أمس، في مصفاة الناصرية القريبة، حيث منع المحتجون ناقلات الوقود من الدخول أو المغادرة، أول من أمس (الأربعاء).
ويقول مسؤولو وزارة النفط إن الاضطرابات لم يكن لها تأثير كبير على إنتاج النفط وصادراته. لكن توقف الشاحنات التي تنقل الوقود من مصفاة الناصرية إلى محطات الغاز في أنحاء المنطقة تسبب في نقص الوقود بمحافظة ذي قار الواقعة في جنوب العراق.
وقال مسؤولون بقطاع النفط إن المصفاة كانت تعمل في الآونة الأخيرة بنحو نصف طاقتها الإنتاجية.
وتعهّد رئيس الوزراء خلال اجتماع للجنة إعداد موازنة 2020، أمس بـ«إيجاد موازنة قادرة على إدارة الاقتصاد بشكل علمي صحيح، وزيادة الموارد غير النفطية، والبدء بالإصلاحات الجدية والتسويات اللازمة لجميع المشكلات المالية المعلقة والشائكة بروح وطنية ومنصفة».
وقال مكتب عبد المهدي في بيان إن الاجتماع «استعرض المشروعات المتلكئة التي أدت لضياع أموال هائلة وفرص عمل، وأنتجت بطالة واسعة، والمشروعات المتوقفة التي أعيدت للعمل، وبحث كثير من القضايا الاقتصادية والمالية والاستثمارية ذات الصلة». وأشار إلى أن رئيس الوزراء وجه «بضرورة المراقبة والمحاسبة للأداء والتنفيذ، واستمرار عقد اجتماعات لجنة الموازنة للإسراع بإنجازها وتقديمها إلى مجلس النواب في أقرب وقت».
وكان عبد المهدي عقد، مساء أول من أمس، اجتماعاً للقيادات الأمنية بحضور وزيري الدفاع والداخلية. وقال بيان صادر عن مكتبه إن «الهدف من الاجتماع هو الاطلاع على تطورات الأوضاع الأمنية والاستجابة لمطالب المتظاهرين السلميين». وأشار إلى أن «المجتمعين أكدوا دعمهم لجهود الحكومة ولاستجابتها للمطالب المشروعة ومساندتهم لجهود فرض الأمن والنظام وحماية الممتلكات الخاصة والعامة والمنشآت والمواقع الحيوية وضرورة تحقيق الأمن والاستقرار لجميع المواطنين وتأمين مصالحهم وأعمالهم ودوامهم في وزارات ومؤسسات الدولة والجامعات والمدارس».
وأعلنت نقابة المعلمين في العراق إلغاء الإضراب العام، واستئناف الدوام في المدارس، بدءاً من بعد غدٍ (الأحد). وكان عدد من النقابات دعت إلى الإضراب العام للتضامن مع المتظاهرين، لكن تلك الدعوات باستثناء أعداد من إدارات المدارس، لم تلقَ الاستجابة المطلوبة.
وعادت خدمة الإنترنت لفترة وجيزة في معظم أنحاء العراق أمس، قبل أن تنقطع مجدداً بعد الساعة الواحدة مساء بالتوقيت المحلي. وتفرض السلطات قيوداً شديدة على الوصول للإنترنت خلال الاحتجاجات.
وصعدّت الأمم المتحدة من موقفها الرافض لاستخدام العنف ضد المتظاهرين. وقال بيان باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن غوتيريش «أعرب عن قلقه البالغ إزاء ارتفاع أعداد القتلى والجرحى خلال المظاهرات المتواصلة في العراق، إذ ترد تقارير مثيرة للقلق عن استمرار استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين».
وحض الأمين العام «جميع الجهات الفاعلة على الامتناع عن ممارسة العنف والتحقيق بجدية في جميع أعمال العنف». وجدد نداءه من أجل «إجراء حوار مفيد وهادف بين الحكومة والمتظاهرين».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».