الحريري يريد تشكيل الحكومة بشروطه... وبري مُصرّ على تكليفه

لقاء «ودي» بين رئيسي الجمهورية والحكومة

من الاجتماع أمس بين الرئيسين عون والحريري (دالاتي ونهرا)
من الاجتماع أمس بين الرئيسين عون والحريري (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري يريد تشكيل الحكومة بشروطه... وبري مُصرّ على تكليفه

من الاجتماع أمس بين الرئيسين عون والحريري (دالاتي ونهرا)
من الاجتماع أمس بين الرئيسين عون والحريري (دالاتي ونهرا)

لم يسجل أي خرق على صعيد المشاورات السياسية الجارية لتشكيل حكومة جديدة باستثناء اللقاء الذي عُقِد أمس بين رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ورئيس الجمهورية ميشال عون، بناء على طلب الأخير، بحسب ما قالته مصادر مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية.
وبينما اكتفى الحريري بالقول بعد اللقاء: «زرت فخامة الرئيس للتشاور في موضوع الحكومة، وسنكمل المشاورات مع باقي الفرقاء»، وصفت المصادر اللقاء بـ«الودي»، حيث كانت الأجواء إيجابية نظراً للتوافق في نقاط عدة، ولفتت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الزيارة تأتي في إطار التشاور الذي يقوم به الرئيس عون مع جميع الفرقاء، وخلال اللقاء تم عرض كل النقاط حول الحكومة وشكلها والأوضاع الاقتصادية والوضع المالي. واتفقا على أن يبقيا على تشاور في المرحلة المقبلة وهي «تحتاج إلى وقت لأننا أمام تشكيل حكومة في ظرف استثنائي».
ومع تأكيدها على أن عون واصل اتصالاته تمهيداً لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، حسمت المصادر بأن تطوراً على صعيد الاتصالات الحكومية لم يحصل حتى الساعة، ولا جديد على صعيد الاتصالات»، مشيرة إلى أن مشكلة حكومة تكنوقراط تكمن في أنها مرفوضة من كتل نيابية كبيرة، وهذه الكتل تطالب بتطعيم التكنوقراط بوجوه سياسية.. من هنا البحث عن صيغة ثالثة ترضي جميع الأطراف بمن فيهم الرئيس الحريري في حال تم تكليفه.
وأوضحت المصادر أن «التقارب في وجهات النظر لا يزال موجوداً، أما البحث فيتمحور حول من يسمي الوزراء في حكومة التكنوقراطـ، وهناك وجهتا نظر في هذا الإطار، الأولى أن تسمي الأحزاب السياسية وزراء التكنوقراط والثانية أن يصار إلى تسميتهم على اعتبار أنهم يحملون هذه الصفة».
وفي حال الذهاب إلى حكومة تكنوسياسية، يعود الخيار إلى السياسيين باعتبار أنها مطعمة بالسياسة، ويترك شق التكنوقراط، ولكن في النهاية عندما يتضح الخيار تتضح كل الأمور الأخرى.
وأكدت المصادر أن أولوية الرئيس عون تتمحور حول تأمين توافق يؤدي إلى تسهيل عملية التأليف، لأنه لا يريد تكرار فترة تسعة أشهر تصريف أعمال، من هنا لا استشارات قبل معرفة شكل الحكومة.
وفي المقابل، قالت مصادر قريبة من الحريري لـ«الشرق الأوسط» إن الأخير منفتح على كل الخيارات، وينطلق في مشاوراته من قاعدة أساسية تقول إن ما بعد الاحتجاجات لا يمكن أن يكون كما ما قبلها، وبالتالي هو لن يقبل بحكومة تكون استنساخاً للحكومة المستقيلة.
وقالت المصادر إن الحريري إذا تم تكليفه تأليف الحكومة الجديدة، فسيفعل ذلك، لكن وفق الضوابط والرؤية التي يضعها، وإذا لم يتم التجاوب مع هذه الشروط، فهو أبلغ مَن يعنيهم الأمر أن بإمكانهم التوافق على اسم رئيس جديد للحكومة، لا يسميه هو، مؤكداً انفتاحه على التعاون معه.
وعن اللقاء مع عون، قالت المصادر إنه تطرق إلى كل المواضيع، من التكليف والتأليف وشكل الحكومة وغيرها من المواضيع، لكن التركيز كان على ضرورة القيام بشيء ما لمعالجة الوضع الاقتصادي والمالي الذي يمر بظروف حرجة ودقيقة، وبالتالي لا يمكن الانتظار إلى ما بعد التكليف والتأليف الذي سيستغرق 10 أيام على الأقل، فيما وضع البلد لا يمكنه أن ينتظر.
في هذا الإطار، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه «مصرّ كل الإصرار على تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة». وقال: «إصراري على تسمية الحريري لأنه لمصلحة لبنان، وأنا مع مصلحة لبنان».
من جهة أخرى، وبالنسبة للتحركات في الشارع، لفتت المصادر المطلعة على موقف بعبدا إلى أن رئيس الجمهورية ومنذ البداية قارب الملف من زاوية أحقية هذه المطالب وإيجابية لما يجري في الساحات، وخاطب المتظاهرين، ودعاهم للحوار 3 مرات.
وفيما يتعلق بتحركات تلاميذ المدارس اللافت في اليومين الأخيرين، أشارت المصادر إلى أن هذا الأمر موضع متابعة، مع الإشارة إلى أن هناك مطالب يرفعها الطلاب لا بد من دراستها. ولكن التخوف أن تدس عناصر غير طالبية تحرف هذه المسيرات إلى أماكن أخرى.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.