أنقرة تشكك في انسحاب «الوحدات» الكردية من الشريط الحدودي

إردوغان بحث الأمر مع ترمب وينتظر بوتين

كردية سورية تضع شمعة على قبر أحد أقاربها في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
كردية سورية تضع شمعة على قبر أحد أقاربها في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تشكك في انسحاب «الوحدات» الكردية من الشريط الحدودي

كردية سورية تضع شمعة على قبر أحد أقاربها في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)
كردية سورية تضع شمعة على قبر أحد أقاربها في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)

جدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تأكيداته على أن عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية؛ أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» لم ينسحبوا من الأراضي السورية المتاخمة لحدود بلاده. وقال إنه بحث الأمر مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ويرغب في بحثه أيضاً مع الروسي فلاديمير بوتين.
وقال إردوغان إن عملية «نبع السلام» العسكرية التركية، التي تتم بالمشاركة مع «الجيش الوطني السوري» ضد قوات «قسد» التي تقودها «الوحدات» الكردية، نجحت في تحقيق كامل أهدافها في ساحة المعارك والحوار، إلا إن «الوحدات» الكردية لم تنسحب من الحدود.
وأضاف أن مهلة الـ120 ساعة التي حددتها تركيا مع واشنطن انتهت دون انسحاب «الوحدات» الكردية، وأن بلاده ما زالت تنتظر جهود واشنطن لتطبيق الاتفاق معها بشأن سوريا الموقع في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتابع الرئيس التركي، في مؤتمر صحافي بأنقرة قبل مغادرته إلى المجر أمس (الخميس)، أنه سيناقش تنفيذ المذكرة الروسية - التركية، الموقعة في سوتشي في 22 أكتوبر بشأن سوريا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال: «انتهت فترة الـ150 ساعة التي حددها الاتفاق مع روسيا الاتحادية، لكن الإرهابيين (عناصر الوحدات الكردية) لم يغادروا هذه المنطقة. ما زالوا يهاجمون، والجيش الوطني السوري يرد عليهم. واليوم لديهم 11 قتيلاً. هل علينا أن نصمت؟... بالطبع سوف نرد على هذا ونكمله بنجاح... أرغب في مناقشة هذه المشكلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».
وقال إردوغان إنه تحدث، مساء أول من أمس، مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول الوضع في شمال سوريا، وبحث الموضوع مع بوتين، موضحاً: «الإرهابيون لم ينسحبوا من شمال سوريا بشكل كامل رغم انتهاء المهلة، ومع ذلك ستستمر تركيا في التزامها بالمذكرة الروسية - التركية حول سوريا ولن تتراجع عنها، بل ستواصل تنفيذ متطلبات هذا الاتفاق».
وأعلنت موسكو أنها تنسق حالياً موعداً مناسباً لإجراء اتصال بين بوتين والرئيس التركي.
وقال إردوغان: «تركيا لن تنسى الذين قاموا بحماية الإرهابيين وأخذوا بالأحضان القتلة المأجورين ضدها»؛ في إشارة إلى الدعم الأميركي لـ«الوحدات» الكردية.
في السياق ذاته، أرسل الجيش التركي تعزيزات عسكرية إضافية إلى وحداته العاملة على الحدود مع سوريا.
وبالتزامن، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، سيزور تركيا اليوم (الجمعة) لمدة يومين، لبحث الوضع في شمال سوريا ومحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي.
وقالت الخارجية الأميركية، في بيان، إن جيفري سيزور مدينة إسطنبول والعاصمة أنقرة يومي الجمعة والسبت، لعقد لقاءات مع مسؤولين أتراك، وآخرين من المعارضة السورية. وإنه سيبحث مع مسؤولين أتراك رفيعي المستوى الوضع في شمال سوريا، ومحاربة تنظيم «داعش»، في إطار المصالح المشتركة.
كان جيفري زار أنقرة مع وفد أميركي رفيع المستوى لمباحثات مع الجانب التركي حول الوضع شرق الفرات، وتم بعدها التوصل لاتفاق على انسحاب القوات الأميركية من المنطقة الآمنة وسحب عناصر «الوحدات» الكردية من المنطقة.
إلى ذلك، تحقق الولايات المتحدة فيما إذا كانت تركيا قد انتهكت الاتفاقيات معها حول استخدام الأسلحة والمعدات التي قدمتها إليها، وما إذا كانت أنقرة قد نقلت هذه الأسلحة إلى وكلائها في سوريا.
وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن هذه المجموعات ربما ارتكبت جرائم حرب ضد الأكراد، كما تفيد تقارير بتوسيع تركيا عملياتها في سوريا بشكل كبير، مما يشكل انتهاكات خطيرة للاتفاقيات مع أنقرة، وفق شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وذكرت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، اللفتنانت كولونيل كارلا غليسون أنه «تماشياً مع اتفاقيات مراقبة الاستخدام النهائي، فإن الولايات المتحدة تحقق دائماً في مزاعم ذات مصداقية فيما يتعلق بتركيا».
وقال مسؤول دفاعي أميركي آخر إن الحكومة تعتقد حالياً أن الادعاءات حول انتهاك تركيا اتفاقيات مراقبة الاستخدام النهائي للأسلحة «موثوق بها»، مما دفع البنتاغون إلى المراجعة.
وتابع: «تعمل الولايات المتحدة لضمان استخدام معدات الدفاع أميركية الأصل بالطريقة المقصودة والمتسقة مع الاتفاقية أو التراخيص التي نقلت بموجبها الأسلحة»، مضيفاً: «يجب أن يوافق متسلمو معدات الدفاع أميركية الأصل على إتاحة المواد اللازمة لمراقبة الاستخدام النهائي طوال عمر المعدات».
وقامت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بكتابة خطاب إلى وزير الخارجية، مايك بومبيو، أول من أمس، يسألون فيه عما إذا كانت تركيا قد انتهكت شروط اتفاق «وقف النار» في ضوء تقارير تفيد بأن الفصائل المدعومة من أنقرة وسعت نطاق هجومها على سوريا.
وكانت تركيا والإدارة الذاتية الكردية قد تبادلتا الاتهامات في وقت سابق، حول استخدام أسلحة محرمة دولياً بحق المدنيين في شمال سوريا حيث يتصارع الطرفان بمساندة قوات مسلحة محلية. وشدد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في مقابلة مع «سي إن إن» الأميركية، أمس، على أن القوات التركية والفصائل الموالية لها لم تستخدم أي أسلحة محرمة في عملية «نبع السلام».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».