الصراع الأبدي بين الإنسان والآلة يعود إلى الشاشة

{ترميناتور} جديد بطاقمه القديم

الإنسان الآلي يرفض أن يموت  -  أرنولد شوارتزنيغر في «ترميناتور: مصير داكن»
الإنسان الآلي يرفض أن يموت - أرنولد شوارتزنيغر في «ترميناتور: مصير داكن»
TT

الصراع الأبدي بين الإنسان والآلة يعود إلى الشاشة

الإنسان الآلي يرفض أن يموت  -  أرنولد شوارتزنيغر في «ترميناتور: مصير داكن»
الإنسان الآلي يرفض أن يموت - أرنولد شوارتزنيغر في «ترميناتور: مصير داكن»

خبت سريعاً الشعلة الذي بدت عن بعد كما لو أنها نار كبيرة. فيلم «ترميناتور: مصير داكن» (Terminator‪:‬ Dark Fate) صعد سلم الأفلام الأكثر إيراداً برقم هزيل نسبياً (29 مليون دولار) في أسبوع عرضه الأول. السبب هو أن توقيت افتتاحه في الصالات (4086 صالة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك) كان مناسباً فهو، بطبيعة الحال ونسبة لانتمائه لسلسلة معروفة، كان أقوى الأفلام الجديدة المعروضة في الأسبوع نفسه. الأفلام الجديدة الأخرى، مثل «هنرييت» و«كاونتداون» و«مذرلس بروكلين» لم تملك الطاقة الفعلية للوصول إلى المركز الأول.
هذا الإيراد المتواضع فاجأ صانعي الفيلم وفي مقدمتهم المنتج جيمس كاميرون الذي كان أخرج الفيلمين الأولين من السلسلة (1984 و1991 على التوالي). كاميرون وشركات الإنتاج (خمسة بالإضافة إلى الشركة الممولة فوكس (قبل أن تشتريها ديزني) كانوا أعلنوا عن أن «ترميناتور: مصير داكن» سيكون الجزء الأول من ثلاثية جديدة. الجزء الثاني بعد عامين والثالث بعد أربعة أعوام. لكن بناء على أن إيرادات الفيلم لم تزد عن 130 مليون دولار عالمياً في مواجهة ميزانية وصلت إلى 185 مليون دولار، فإنه من غير المنطقي أن تلجأ هذه الشركات إلى خسارة محتملة أخرى بإطلاق أي جزء جديد. بذلك تم، وللسنوات القليلة المقبلة على الأقل، شطب المشروع بكامله لأن ليس هناك في «بزنس» السينما من يرغب في صرف ماله على مشروع استنفد نجاحه وبرهن عن عدم فاعليته.
- ارتفاع وانخفاض
إلى حدٍ بعيد، كان سقوط «ترميناتور: مصير داكن» شبيه بعنوانه، لكن ما هو أكثر من ذلك التشابه هو أن أحداً لم يتوقع العزوف الكبير عن هذا الفيلم الذي له تاريخ من النجاحات الجماهيرية منذ أن انطلق أول مرة في منتصف الثمانينات.
الحال أن «ترميناتور» الأول، سنة 1984. انطلق بتوقعات متواضعة. تكلف 8 ملايين و400 ألف دولار وجنى 78 مليون دولار عالمياً. حينها كان المخرج جيمس كاميرون ما زال طري العود كذلك كان حال الممثل أرنولد شوارتزنيغر الذي، رغم ظهوره في عدد من الأفلام من سنة 1970. لم يكن ثبّت قدميه في ملعب الممثلين المطلوبين إلا عبر فيلمين ناجحين هما «كونان البريري» و«كونان المدمر» (1982 و1984 على التوالي).
ليس نشازاً القول إن انتخاب أرنولد لدور مخلوق مصنوع من تقنيات الأندرويد الذي لا يحس ولا يشعر ولا يموت بل يتبدّل حسب رغبته منتقلاً من شكل بشري إلى آخر، لم يتم بسبب إبداعه في التمثيل بل بسبب مظهره الرياضي وحضوره البدني المؤثر في الآلة التي لا تُقهر. ولم يتسن له الانتقال من دور ذلك المخلوق الذي يبحث عن سارة التي ستضع حملها طفلاً سيقود العالم للتحرر من منظمة تصنع هذه الأشكال الصناعية لاحتلال الأرض، إلى شخص المدافع عن سارة وابنها إلا في الجزء الثاني من المسلسل الذي انطلق سنة 1991 بعنوان «ترميناتور 2: يوم القيامة». ذلك الفيلم تكلف أضعاف ما تكلفه الجزء الأول إذ بلغت ميزانيته 102 مليون دولار لكنه جلب 521 مليون دولار أثلجت قلوب الجميع. والدافع للانقلاب على المؤسسة التي ابتدعته يعود إلى أن شوارتزنيغر ما بين 1984 و1991 كان أصبح ممثلاً يلعب أدوار الخير دوماً ولا يمكن إعادته إلى دور شرير.
للعدد الثالث من هذا المسلسل، «ترميناتور 3: انتفاضة الآلات» (2003) اكتفى جيمس كاميرون بمركز جديد كمنتج ومنح فرصة الإخراج لجوناثان موستو. ارتفعت تكلفة الفيلم إلى نحو 180 مليون دولار لكنه أنجز أقل مما سبق إذ توقف عداد الإيرادات عند 433 مليون دولار من الأسواق العالمية.
في مقابل هذا الارتفاع انخفض إعجاب النقاد الأميركيين به. الجزء الأول حصد، حسب موقع ميتاكريتيك» المتخصص، على 84 في المائة من إعجاب النقاد. الجزء الثاني حصد 75 في المائة من إعجاب النقاد. الثالث اكتفى بـ66 في المائة من الإعجاب.
بعد ذلك هي رحلة إلى القاع: الجزء الرابع «ترميناتور سالفاشن» (2009) سجل 49 في المائة. الخامس، «ترميناتور جنيسز» (2015) سجل 38 في المائة. التكلفة ارتفعت مع الجزء الرابع إلى 200 مليون دولار (والحصيلة لم تتجاوز 371 مليون دولار). الجزء الخامس تم ضغط الميزانية فتم إنتاجه بـ155 مليون دولار، وأنجز رقماً لا بأس به قدره 440 مليون دولار.
- صراع الآلة
انتخاب شوارتزنيغر للدور في الأساس كان ضربة نجاح لافتة. الرجل (حتى ذلك الحين) لم يكن من الممثلين القادرين على الأداء الدرامي المتنوع. أقصى ما يستطيع القيام به هو حمل الأثقال والضرب بهوادة والحفاظ على سمات وجه واحد. هذا ما كان مطلوباً من الشخصية التي مثلها حيث التعبير ممحي تماماً كونه ليس بشراً في الفيلم. المعضلة كانت في لكنته، لكن الجمهور تقبّلها ففي النهاية لم يكن مطلوباً منه الاعتداء على نصوص ويليام شكسبير بل إلقاء بضع جمل متباعدة.
الجزء الثاني قدّمه إلينا كنسخة جديدة تنضم إلى سارة (ليندا هاملتون التي ظهرت في الفيلم الأول) في محاولة منع المؤسسة من الوصول إلى ابنها (بعدما أنجبته). كلا هذين الفيلمين استفاد من الأفكار الرائعة التي بحوزة المخرج كاميرون ومن مهارته في دمج ما هو بشري مع ما هو مخلوق صناعي في لُحمة درامية واحدة.
في الجزء الثالث «ثورة الآلات» لجوناثان موستو حلت عقدة لسان شوارتزنيغر فبدا أكثر تعبيراً مما كان عليه. لكنه ما زال المخلوق السابق الذي سيقف ضد المخلوق المرسل مجدداً وللغاية نفسها والذي يتمتع بمواصفات تقنية أعلى.
أخرج McQ الجزء الرابع Terminator Salvation الذي لم يكن - بأسره - أكثر من تكنولوجيا مصوّرة بما فيها الاكتفاء بملامح شوارتزنيغر وتلبيسها شخصية من صنع الديجيتال. ثم تم الاستغناء عن شوارتزنيغر تماماً في الجزء الخامس Terminator Genisys واستنباط حكاية لا تبتعد كثيراً عن حبكة الجزء الأول.
إذ تمر عشرون سنة من السلام المهيمن على البشرية يعاود أعداء الأرض محاولتهم لمحو جنس البشر والمبيد الجديد يستفيد من التقدم التكنولوجي الحاصل هذه الأيام لكن ليس من مخرج الفيلم تيم ميلر. فبينما ينضح الفيلم بالمشاهد المصنوعة لتحقيق أقصى الذهول، يفتقد المخرج القدرة على الإتيان بجديد فعلي. هو الصراع ذاته بين الفريقين نفسيهما مع الاضطرار لحصر الصراع في الشخصيات المعهودة مرّة أخرى. عدم التجدد ليس تماماً من مسؤولية المخرج فهو ينفذ قراراً إنتاجياً بإعادة المركبة إلى الوراء كحكاية والالتزام بالخط ذاته الذي قامت عليه حبكات الأفلام السابقة.
لكن اللافت والذي يمنح الفيلم الجديد قدراً كافياً من الأهمية نجاحه في إبراز عامل الصراع بين ما هو آلة وبين ما هو بشر. ليس على النحو الهيّن الذي في أفلام سابقة من المسلسل أو من سواه، بل على بعض العمق المطلوب للتذكير بأن الغاية هنا لم تكن مجرد إعادة ما سلف من حكايات، بل تأكيد حقيقة أن الآلة لن تكون يوماً كالبشر.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

توم كروز مع الجائزة (أ.ب)
توم كروز مع الجائزة (أ.ب)
TT

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

توم كروز مع الجائزة (أ.ب)
توم كروز مع الجائزة (أ.ب)

حصل الممثل توم كروز على أعلى وسام مدني من البحرية الأميركية، اليوم الثلاثاء، عن «مساهماته الفنية المتميزة في البحرية ومشاة البحرية» في فيلم «Top Gun» وأفلام أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، حصل كروز، في أثناء عمله بالمملكة المتحدة، على جائزة الخدمة العامة المتميزة من وزير البحرية الأميركي كارلوس ديل تورو في حفل أقيم في استوديوهات لونغ كروس بالقرب من لندن.

وقال الممثل البالغ من العمر 62 عاماً إنه فخور بتلقي «التقدير الاستثنائي» الذي جاء مع ميدالية وشهادة.

وقال كروز: «أنا معجب بكل العسكريين... أعرف أن القيادة تعني الخدمة، وأرى ذلك في العسكريين».

ومن جهتها، قالت البحرية إن كروز «زاد من الوعي العام والتقدير لأفرادنا المدربين تدريباً عالياً والتضحيات التي يقدمونها في أثناء ارتداء الزي العسكري».

لقد حقق فيلم «Top Gun» الذي صدر عام 1986 نجاحاً كبيراً، وهو يدور حول أبطال الطيران في أثناء الحرب الباردة وجعل من كروز نجماً، كما أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد الملتحقين بالجيش.

تجدد الاهتمام بالفيلم عام 2022 «Top Gun: Maverick»، حيث قام كروز بإلهام جيل جديد من الطيارين النخبة.

وقالت البحرية إن الفيلم التكميلي «أعاد الحنين إلى الجماهير الأكبر سناً فيما استهدف بشكل كبير اهتمام الجمهور الأصغر سناً بالمهارات والفرص التي يمكن أن توفرها البحرية».