السعودية: إدراج الموسيقى والمسرح والفنون في مناهج التعليم

جانب من اجتماع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان بوزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ
جانب من اجتماع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان بوزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ
TT

السعودية: إدراج الموسيقى والمسرح والفنون في مناهج التعليم

جانب من اجتماع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان بوزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ
جانب من اجتماع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان بوزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ

كشف وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان اليوم (الخميس)، عن إدراج الموسيقى والمسرح والفنون في مناهج التعليم.
جاء ذلك عقب اجتماعه بوزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، بمقر وزارة الثقافة في حي الدرعية، حيث قال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان على «تويتر»: «الموسيقى والمسرح والفنون في تعليمنا، والقادم أجمل».
وأثمر الاجتماع الذي بحث أوجه التعاون بين الوزارتين لتحقيق الأهداف الاستراتيجية ذات الصلة، عن الاتفاق المبدئي على إدراج الثقافة والفنون في مناهج التعليم العام والأهلي، إضافة إلى نقل صلاحية إعطاء التصاريح والرخص للأنشطة والمسارات الثقافية والفنية إلى وزارة الثقافة، وأن يكون لوزارة الثقافة التصريح للمعاهد والجامعات والكليات والمدارس الأهلية للبرامج والأنشطة والمسارات التعليمية المستحدثة في الثقافة والفنون.
كما تم الاتفاق المبدئي على دراسة نقل إنشاء وإصدار التصاريح للمعاهد والكليات والمدارس الأهلية المتخصصة في مجالات الثقافة والفنون إلى وزارة الثقافة، وتفعيل واستخدام وتشغيل مرافق وزارة التعليم كالمسارح المدرسية والجامعية.
يشار إلى أن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان نشر مقالاً في عدد الخميس بصحيفة «الشرق الأوسط»، أعلن فيه أن وزارة الثقافة ستستقبل طلبات لتأسيس الجمعيات والمؤسسات الثقافية غير الربحية في الربع الأول من عام 2020، لافتاً إلى استحداث وحدة إدارية في وزارة الثقافة ستتولى العمل على التأسيس والتطوير والإشراف الفني على القطاع غير الربحي في المجال الثقافي بالتنسيق مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
واستدل بمبادرة «مسك الكتب»، لمؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية، بنشر 100 عنوان في شتى حقول المعرفة بأسعار غير ربحية وبنسخ ورقية وإلكترونية، وعدّ ذلك «خير مثال للفاعلية النوعية في مساهمة القطاع غير الربحي في القطاع الثقافي، المليء بالفرص الكبيرة».
وأكد وزير الثقافة السعودي أنه «لدينا كثير من الأمثلة الباهرة، وهنا أستذكر مؤسستي الملك فيصل الخيرية والملك خالد وما لهما من دور كبير في خدمة الثقافة والفنون، والمبادرات الثقافية لعملاق النفط (أرامكو)، و(الفن جميل)، و(الوليد للإنسانية)، وغيرها من المؤسسات والمبادرات التي أعطت نماذج رائعة في المسؤولية المجتمعية تجاه الثقافة والفنون».
وأضاف: «ينتظر زملائي في وحدة (المؤسسات والجمعيات الأهلية الثقافية) في وزارة الثقافة، الراغبين في تأسيس جمعيات متخصصة ومهنية في المشهد الثقافي، وتكمن مهمتهم الأساسية في تسهيل الإجراءات والتمكين وتقديم المشورة والإشراف الفني»، مرحباً بـ«مزيد من الفاعلية في المشهد الثقافي».



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.