المتظاهرون ينتقلون إلى خطة جديدة للاعتصام أمام المدارس والمؤسسات الرسمية

مظاهرة للطلاب أمام مبنى وزارة التربية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة للطلاب أمام مبنى وزارة التربية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

المتظاهرون ينتقلون إلى خطة جديدة للاعتصام أمام المدارس والمؤسسات الرسمية

مظاهرة للطلاب أمام مبنى وزارة التربية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة للطلاب أمام مبنى وزارة التربية في بيروت أمس (إ.ب.أ)

بدأت الاحتجاجات الشعبية تأخذ مساراً جديداً في اليوم الـ21 لانطلاق المظاهرات في لبنان، حيث اختار المحتجون الاستعاضة عن قطع الطرقات بتنفيذ اعتصامات متنقلة على أبواب المؤسسات والإدارات الرسمية، فيما دخل التلامذة وطلاب الجامعات على خط المظاهرات من بابها الواسع، في ردٍّ على محاولات بعض المدارس تهديدهم بالطرد.
وبدا يوم أمس مختلفاً على الأرض عن كل الأيام السابقة التي اعتادت أن تشهد إقفالاً للطرقات منذ ساعات الصباح الأولى، وهو الذي بات في الأيام الأخيرة مصدر تذمر واستياء لدى بعض المواطنين ما أدى إلى اتخاذ الجيش اللبناني قراراً بفتح كل الطرقات. الاستراتيجية التي لجأ إليها الناشطون أمس، ارتكزت على إقفال أو الاعتصام أمام المؤسسات والإدارات الرسمية التي يصفونها بـ«بؤر الفساد»، وهي الدعوة التي لاقت تجاوباً من اللبنانيين في مختلف المناطق.
ومنذ الصباح، كانت هذه المؤسسات محطة لمجموعات من المتظاهرين في عدد من المناطق. ففي بيروت نُفّذ اعتصام أمام وزارة التربية لنحو ساعتين ووقفة احتجاجية أمام قصر العدل في بيروت، وسط تدابير أمنية مشددة من عناصر قوى الأمن الداخلي وانتشار لقوة من مكافحة الشغب حول المبنى، حسب «الوكالة الوطنية للإعلام».
والخطوة نفسها، نفّذها محتجون من تلاميذ المدارس أمام قصر العدل في جونية بعد جولة لهم على مدارس المنطقة، وعمدوا إلى إقفال المدخل مطلقين هتافات مؤيدة للحراك المدني.
ومن أمام فروع مصرف لبنان المركزي في بيروت وعدد من المناطق، طالب المعتصمون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بالرحيل. وهتفوا داعين إلى تحقيق مطالب الحراك.
والخطوة نفسها كانت أمام مكتب شركة «ألفا» المشغّلة لإحدى شركتَي الهاتف الجوال في ساحة جونية وأمام مؤسسة كهرباء لبنان في كورنيش النهر ومركز «الضريبة على القيمة المضافة» في بيروت.
في موازاة ذلك، توسّعت دائرة دعوات تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، إثر تداول معلومات عن محاولات إدارات المدارس منع طلابها من المشاركة في المظاهرات، ما أدى إلى إصدار وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب، بياناً تعهد فيه بتكليف مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية بإجراء التحقيقات اللازمة لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
ويرى الأستاذ الجامعي والناشط في الحراك باسل صالح، أن دخول الطلاب على خط التحركات الشعبية بهذا الزخم فتح الباب أمام مطالب أساسية خرجت في وجه المنظومة السياسية وأكّدت أن المجتمع اللبناني بكل فئاته ومفاهيمه الجديدة العابرة للطوائف والأحزاب هو في مكان بينما السلطة التي لا تزال تكابر في مكان آخر.
ويقول صالح لـ«الشرق الأوسط»: «دخول الطلاب على خط الاحتجاجات يؤكد أن التحركات الشعبية اليوم تقلّب كل الشارع في وجه السلطة وتستنهض الهمم والحركات الاجتماعية التي لطالما كانت موجودة في لبنان قبل الحرب الأهلية ولطالما فرضت نفسها على الواقع اللبناني».
كانت تحركات الطلاب، أمس، قد توزّعت في مناطق عدة. ففي بيروت أيضاً، تجمع عدد من طلاب جامعة بيروت العربية أمام حرم الكلية في وقفة احتجاجية دعماً للحراك الشعبي.
ورفع المعتصمون الأعلام اللبنانية واللافتات التي تدعو لتحقيق مطالب الحراك الشعبي، مشددين على رفضهم الالتحاق بصفوفهم وإصرارهم على إقفال جامعتهم أبوابها حتى تحقيق كامل مطالب الثورة.
وعمد عدد من الطلاب إلى إقفال المداخل الثلاثة لموقف الجامعة تأكيداً منهم على الإضراب ومنع الحافلات التي تقل التلامذة إلى حرم الجامعة من مغادرة الموقف، وعمدوا إلى إقفال بوابات الجامعة. وتميز الاعتصام بالهدوء والسلمية وسط وجود للقوى الأمنية التي حرص المتظاهرون على توجيه التحية إليها، حسب «الوكالة الوطنية للإعلام».
ولفتت إدارة الجامعة إلى أنها لم تفتح أبوابها للدراسة بل كان الأمر عبارة عن جس نبض فقط مع ترك الطلاب للتحرك بحرية ووفق قناعاتهم، وهي لم تتخذ أي قرار بشأن تحرك الحافلات نحو الدبية، وأن الأمر يعود للطلاب أنفسهم.
وشهدت صيدا حراكاً طلابياً وسط المدينة، حيث أقفله عدد من الطلاب وسار جزء آخر في مظاهرة حاشدة جابت الشوارع وحمل الطلاب خلالها الأعلام اللبنانية ولافتات وصوراً وهتفوا من أجل التغيير.
وأقفل الطلاب عدداً من المرافق في صيدا ومنها شركة الكهرباء و«أوجيرو» والمصارف، مطالبين إداراتها والعاملين فيها بالالتزام بالإضراب العام إلى حين تحقيق مطالبهم. كما توجهوا إلى عدد من المدارس والجامعات التي فتحت أبوابها اليوم وطالبوا تلامذتها بالتوقف عن الدراسة والالتحاق بهم.
وقد أكملت المسيرة طريقها باتجاه مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وصولاً إلى ساحة الشهداء وتوقفت لبعض الوقت أمام مصرف لبنان وسراي صيدا الحكومي. وقد توقف بعض المصارف والمرافق العامة عن العمل، فيما عمد آخرون إلى إقفال الأبواب والاستمرار في العمل في الداخل.
وفي النبطية، في الجنوب، نظم عدد من طلاب الجامعات والمدارس مسيرة جابت شوارع النبطية وصولاً إلى مصرف لبنان، حيث اعتصموا أمام الفرع مطالبين بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومحاسبته، واستعادة المال المنهوب، وهتفوا بشعارات مؤيدة للثورة الشعبية حاملين لافتات كُتب عليها «ثورة نحو مستقبل أفضل».
ولم يختلف المشهد في طرابلس وبعلبك، حيث انضم الطلاب إلى التحركات الشعبية، وجالوا في شوارع مدينة بعلبك ونظموا مسيرات جوالة طافت أنحاء المدينة حتى في منتصف النهار وأكدت بهتافاتها «سلمية التحرك».
وفي بعلبك، أقام طلاب ثانويات ومدارس قرى الجديدة والفاكهة والزيتون ورأس بعلبك، مظاهرة طلابية حاشدة دعماً للتحركات الشعبية، وتجمعات على الطريق الدولية في بلدة الزيتون حاملين الأعلام اللبنانية، مطالبين بمجانية التعليم وبدولة مدنية وقوية تقي مواطنيها شر الهجرة إلى الخارج. كما طالبوا الدولة بطمأنة هؤلاء الشباب على مستقبلهم واستعادة المال المنهوب ومحاسبة السارقين.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.