الإشاعات عبر الإنترنت تلقى رواجاً في احتجاجات لبنان... وهذه طرق محاربتها

متظاهرون يحملون الأعلام اللبنانية في العاصمة بيروت (رويترز)
متظاهرون يحملون الأعلام اللبنانية في العاصمة بيروت (رويترز)
TT

الإشاعات عبر الإنترنت تلقى رواجاً في احتجاجات لبنان... وهذه طرق محاربتها

متظاهرون يحملون الأعلام اللبنانية في العاصمة بيروت (رويترز)
متظاهرون يحملون الأعلام اللبنانية في العاصمة بيروت (رويترز)

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، مؤخرا، موجة من الإشاعات والأخبار المضللة التي أطلقت مع اتساع الاحتجاجات الشعبية المناهضة للسلطة السياسية والتي انطلقت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لتدخل يومها الـ21، الأمر الذي أصبح يثير قلق الكثير من المتظاهرين خوفاً من زيادة التوتر على الأرض.
وكانت الكثير من الإشاعات قد انتشرت عبر الإنترنت في الأسابيع الثلاثة الماضية والتي ساهم الكثير من مستخدمي تطبيقات مثل «واتساب» و«فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» بنشرها بكثافة ومن دون التدقيق بصحتها.
ومن أبرز الإشاعات التي انتشرت مؤخرا، البيان المنسوب إلى الجيش اللبناني والذي تعلن فيه قيادته حالة الطوارئ. وعلى إثر هذه الإشاعة، صدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه في 30 أكتوبر بياناً ينفي فيه حالة الطوارئ وجاء فيه: «تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي بياناً يُزعم أنه صادر عن قيادة الجيش لإعلان حالة الطوارئ وحظر التجول في المناطق اللبنانية، يهمّ هذه القيادة أنّ تنفي صحة هذا البيان والمعلومات الواردة فيه، وتدعو المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الشائعات والتأكّد من صحّة المعلومات التي تصدر عن هذه القيادة على مواقعها الرسمية».
ومن بين الإشاعات الأخرى الكثيرة أيضاً خبر وفاة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون والذي بادرت الكثير من القنوات اللبنانية إلى نفيه بمجرد أن بدأ رواد مواقع التواصل تداوله. كما صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اللبنانية بيان جاء فيه: «لا صحة إطلاقاً للشائعات التي توزع حول صحة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون». ودعا مكتب الإعلام إلى التنبه من مثل هذه الأكاذيب التي «تروجها جهات معروفة بقصد إحداث بلبلة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد».
وفي هذا الصدد، علقت مديرة البرامج في منظمة «مهارات» التي تعنى بقضايا الإعلام وحرية الرأي والتعبير، ليال بهنام، على ظاهرة انتشار الإشاعات في أيام الاحتجاجات التي يشهدها لبنان ضد الفساد المستشري بالبلاد، وقالت: «هناك بعض الصحافيين الذين يساهمون للأسف في نشر الإشاعات التي من هدفها إحداث بلبلة داخل المجتمع، بهدف خلق (سكوب) أو حدث إعلامي من دون التحقق من صحة الخبر، وهو مبدأ واضح على كل الصحافيين والإعلاميين إتباعه خاصة في مرحلة دقيقة مثل تلك التي يمر بها لبنان».
وأعطت بهنام مثالا على الإشاعات بالتعليق على تلك التي انتشرت في بداية أيام الحراك، وبالتحديد قبل استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، والتي تناولت بيانا يضم استقالة وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن. ونقلت هذه الإشاعة قنوات عالمية مثل شبكة «سي إن إن» وصحافيين كثر، على حد قولها.
وأوضحت بهنام أن الصحافيين هم بين «الأشخاص الأكثر تأثيراً في الثورة التي يشهدها لبنان منذ نحو ثلاثة أسابيع»، وشددت على ضرورة أن يعي أهل الاختصاص لهذه الظاهرة وعدم المساهمة في نشر أي خبر قد لا يكون صحيحاً.
وأشارت بهنام إلى أن «واتساب» هو التطبيق الأكثر خطورة في لبنان فيما يتعلق بنشر الإشاعات، وقالت: «تنتشر المئات من الشائعات المضللة عبر (واتساب) ولا يمكننا تتبع أصل الخبر ومصدره، ويقوم المستخدمون بتناقل الإشاعة وتصديقها من دون التفكير بأبعادها أو الجهات التي قد تقف وراءها».
ودعت بهنام مستخدمي «واتساب» للتنبه من التسجيلات الصوتية المحرضة والتي تنتشر بشكل سريع أيضاً.
وفيما يتعلق بالطرق التي ينبغي على اللبنانيين اتباعها لعدم الانجرار وراء الإشاعات، أوصت بهنام بمحاولة التأكد من الأخبار التي يصادفها مستخدمو مواقع التواصل على المنصات من مصادر موثوقة، مثل وسائل الإعلام المعروفة، وعدم نشر أي خبر لا يعرف مصدره الحقيقي، وهي آلية تعرف بـ«التحقق من المعلومات».
أما بالنسبة للصور المزورة التي تُستخدم أيضاً ضمن حملة الإشاعات الأخيرة، أشارت بهنام إلى أنه يوجد وسيلة اسمها «غوغل ريفيرس إيماج» تمكن المستخدمين من التحقق من صحة الصور التي تصلهم عبر مواقع التواصل، وذلك قبل تصديق المشاهد والمساهمة بنشرها.
كما تؤكد بهنام أن الأمر الأساسي الذي يجب الإسراع باعتماده هو منهج مخصص للتربية الإعلامية الرقمية، هدفه تعزيز الوعي لدى الأطفال والطلاب وحتى الأهل حول أهمية استخدام المنطق في التعاطي مع الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحتى المواقع الإخبارية، خاصة أن الأخبار والمضللة والإشاعات «لا تستخدم لهدف بريء».
وستطلق منظمة «مهارات» قريباً حملة بعنوان «الثقافة الرقمية» بغية توعية أفراد المجتمع على كيفية دحض الشائعات والأخبار الكاذبة، خاصة في فترة الأزمات.
وفيما يتعلق بالقوانين التي قد تحاسب مروجي الإشاعات، قالت بهنام إن هناك قانونا في لبنان يجرّم الأخبار الكاذبة، ولكنه لا يشكل رادعا لرواد مواقع التواصل، خاصة أن تتبع أصل الإشاعة قد لا يكون دائماً عملية ناجحة نوعا ما. وتابعت: «إن أثر الإشاعات على المجتمع يعتبر سريعا جدا ويخلق ردود أفعال آنية، وبالنتيجة الانتظار لمحاسبة المروجين لا يمكن اعتماده كوسيلة وقائية خاصة أن هذا الأمر هو عابر للحدود، أي إنه قد لا يكون الأفراد المروجين للإشاعات لبنانيين أو موجودين في لبنان حتى». وأضافت: «ما يمكن للدولة فعله هو البدء باعتماد طرق لتوعية المواطنين على خطورة هذه الظاهرة وتضمين مادة جديدة للتربية الإعلامية والرقمية في المناهج التربوية بالمدارس والجامعات».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.