السويد تتهم رجلاً بالتجسس على ناشطين أحوازيين لصالح إيران

سيارات للشرطة الدنماركية خلال عملية أمنية على جسر قرب كوبنهاغن في 28 سبتمبر (أيلول) 2018 (إ.ب.أ)
سيارات للشرطة الدنماركية خلال عملية أمنية على جسر قرب كوبنهاغن في 28 سبتمبر (أيلول) 2018 (إ.ب.أ)
TT

السويد تتهم رجلاً بالتجسس على ناشطين أحوازيين لصالح إيران

سيارات للشرطة الدنماركية خلال عملية أمنية على جسر قرب كوبنهاغن في 28 سبتمبر (أيلول) 2018 (إ.ب.أ)
سيارات للشرطة الدنماركية خلال عملية أمنية على جسر قرب كوبنهاغن في 28 سبتمبر (أيلول) 2018 (إ.ب.أ)

اتهم الادعاء السويدي شخصا يحمل الجنسيتين العراقية والسويدية بالتجسس على لاجئين سياسيين أحوازيين في السويد، وبلجيكا، وهولندا ونقل المعلومات إلى السلطات الإيرانية.
وقال المدعي العام السويدي هانز يورغن هانستروم، أن الرجل العراقي، الذي لم يُعلن عن هويته، عمل على جمع المعلومات ذات الطبيعة الشخصية حول الإيرانيين العرب، المعروفين باسم الأحواز، وذلك لصالح إيران تحت غطاء العمل كصحافي لصالح إحدى الصحف العربية على الإنترنت.
وأفادت وكالة «أسوشيتد برس»، نقلا المدعي العام السويدي في بيانه: «يشتبه في أن الرجل قام بالتقاط الصور الفوتوغرافية مع تصوير فعاليات مؤتمر مندوبي الأحواز والمشاركين في المظاهرات في بلجيكا، وهولندا، والسويد».
وكان الرجل العراقي نشطاً في عمله خلال فترة امتدت لأربع سنوات انتهت في فبراير (شباط) من عام 2019 الجاري. وهناك مزاعم تفيد بأنه تمكن من اختراق منتديات الرأي على شبكة الإنترنت لمؤيدي المعارضة الإيرانية، وتمكن من جمع بيانات الدخول الخاصة بأجهزة التوجيه.
وأضاف المدعي العام السويدي أن الرجل يشتبه في اتصاله بعملاء الاستخبارات الإيرانية عبر شبكة الإنترنت أو من خلال اللقاءات الشخصية المباشرة، بما في ذلك في العاصمة الإيرانية طهران.
وتُتهم الحكومة الإيرانية، ذات الصبغة الفارسية الغالبة، بالتمييز العرقي ضد الأقليات العربية على أراضيها.
وأحبطت الدنمارك العام الماضي محاولة اغتيال لناشطين سياسيين أحوازيين في الدنمارك ما أدى إلى توتر العلاقات بين الدول الإسكندنافية وإيران.
وفي يناير (كانون الثاني) من العام الجاري، جمّد الاتحاد الأوروبي أصول وحدة مخابرات إيرانية بعدما اتهمت هولندا طهران بقتل شخصين على أراضيها وانضمت إلى فرنسا والدنمارك في اتهام إيران بتدبير هجمات أخرى في أوروبا.
هذا، ويحمل جزء من التحقيق المبدئي صفة السرية. والتحقيق المبدئي يتألف من 1700 صفحة، وأشرفت عليه وحدة الأمن القومي التابعة لهيئة الادعاء العام السويدية مع جهاز الاستخبارات السويدي المعروف باسم «سابو».
وكان الرجل، الذي يحمل الجنسيتين العراقية والسويدية، قد ألقي القبض عليه في 27 فبراير من العام الجاري، وأصدرت محكمة استوكهولم قرارها باحتجازه اعتبارا من 1 مارس (آذار)، وفق ما جاء في تقرير جهاز الاستخبارات السويدي.
وقال جهاز الاستخبارات السويدي في تقريره أن التجسس على اللاجئين يعتبر من الجرائم الخطيرة للغاية، مضيفا أن الأشخاص الضعفاء شأناً وحالاً لا تعتريهم الجرأة على ممارسة حرياتهم وحقوقهم المكفولة دستوريا في السويد.
ونقلت «رويترز» عن سلطة الادعاء السويدية اليوم (الأربعاء)، أن الرجل الذي يبلغ من العمر 46 عاما متهم بجمع معلومات شخصية عن أعضاء {حركة النضال العربي لتحرير الأحواز} زاعما أنه يعمل لصالح أحد الإصدارات الإلكترونية.
والأحواز أقلية عربية تنتشر في الأساس بالمحافظات الجنوبية الإيرانية، وتتعرض للاضطهاد والتمييز من السلطات هناك حسبما تقول منظمة العفو الدولية.
وذكر الادعاء في بيان أن بعض المعلومات نقلت إلى أعضاء في أجهزة الأمن الإيرانية. وينفي الرجل الاتهامات. وأوضح الادعاء أن أنشطة الرجل تشمل تصوير مقاطع لمبعوثين إلى مؤتمرات ومتظاهرين في أنشطة حركة النضال العربي لتحرير الأحواز في السويد وأنحاء متفرقة بأوروبا والتقاط صور للوحات المعدنية لسيارات والحصول على بيانات لدخول مواقع إلكترونية لعدد من الأحواز في فترة تمتد أربع سنوات من 2015 إلى 2019.
ويعود التوتر في الأحواز إلى مئة عام على الأقل عندما انتهى حكم الشيخ خزعل على يد رضاخان ميربنج وزير دفاع آخر ملوك القاجاريين والذي قاد الجيش الإيراني قبل أيام قليلة من إعلان نفسه ملكا على إيران وإقامة النظام البهلوي.
وكانت الأحواز منطقة نفوذ بريطاني بسبب ثروات النفط والغاز فيها بعدما انتهى حكم خزعل الذي ترشح ليكون ملكا على العراق، قبل نهاية حكمه.
وتصاعد التوتر مرات عديدة منذ ذلك الحين. وتفرض طهران على أغلب الأحزاب السياسية العربية الاعتراف بالوجود الإيراني وهي أحزاب غير مرخصة في إيران وتلاحق السلطات من ينخرطون في صفوفها بتهم أمنية تصل للإعدام.
وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بحالة حقوق الإنسان في إيران، جاويد رحمان، قد أشار في تقريره الصادر الشهر الماضي إلى تعرض الأحوازيين العرب «لانتهاك حقوقهم، بما في ذلك انتهاك الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والحق في حرية الرأي والتعبير» لافتا إلى عدد السكان العرب، بين شيعة وسنة وديانات أخرى، يصل إلى نحو خمسة ملايين نسمة في الأحواز.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».