بعد اجتماع مطول مع رئيسي البرلمان محمد الحلبوسي والقضاء فائق زيدان والقادة الأمنيين حصل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على تفويض بفرض الأمن والنظام بعد أكثر من شهر على احتجاجات رافقها أعمال عنف سقط خلالها مئات القتلى وآلاف الجرحى.
وقال بيان لرئاسة الوزراء إنه «تم تأكيد دعم السلطتين القضائية والتشريعية لجهود الحكومة في فرض الأمن والاستقرار في عموم البلاد». وأضاف البيان أن «ذلك يشمل حماية المتظاهرين والممتلكات الخاصة والعامة والمنشآت الاقتصادية وضمان انتظام العمل والدوام».
إلى ذلك، أعلن مجلس القضاء الأعلى في بيان له أمس أنه سيتم التعامل مع الخارجين على القانون والمندسين في المظاهرات وفق قانون مكافحة الإرهاب.
وأقدمت السلطات العراقية مرة أخرى أمس على قطع شبكة الإنترنت بالكامل في بغداد وجنوب البلاد، حيث دخلت الاحتجاجات الداعية إلى «إسقاط النظام» شهرها الثاني، بعد ساعات من مواجهات قرب مقار حكومية في العاصمة وسط تخوف من الدخول في دوامة عنف.
وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 270 شخصاً، بحسب إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية، في وقت تمتنع السلطات منذ نحو أسبوع عن نشر حصيلة رسمية.
اتسمت الموجة الأولى من الاحتجاجات بين الأول والسادس من أكتوبر بوجود قناصة على أسطح مبان استهدفوا المتظاهرين، لكن هويتهم لا تزال مجهولة بالنسبة إلى السلطة، التي أعادت إلى الأذهان تلك المرحلة بقطعها مجدداً الإنترنت في بغداد وجنوب البلاد ليلاً.
وبينما اتخذت الموجة الثانية من الاحتجاجات المطالبة بـ«إسقاط النظام» والتي استؤنفت في 24 أكتوبر، بعد استراحة 18 يوماً بسبب أربعينية الحسين، طابع العصيان المدني السلمي، فإن الاثنين اتسم بالعنف بشكل واضح. واندلعت ليل الأحد - الاثنين أعمال عنف في كربلاء المقدسة لدى الشيعة، أدت إلى مقتل أربعة متظاهرين برصاص قوات الأمن، لدى محاولتهم حرق مبنى القنصلية الإيرانية. ويتهم جزء كبير من الشارع العراقي إيران بالوقوف خلف النظام السياسي الذي يعتبرونه فاسداً ويطالبون بإسقاطه.
وفي بغداد، استخدمت القوات الأمنية الاثنين، الرصاص الحي ضد متظاهرين احتشدوا قرب مقر تلفزيون «العراقية» الحكومي في وسط بغداد. ودارت مواجهات مع المتظاهرين الذين رشقوا القوات الأمنية بالحجارة. وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على الطريق المؤدية إلى السفارة الإيرانية، ومقر وزارتي الخارجية والعدل في وسط العاصمة. وبحسب مصادر طبية وأمنية، قتل خلال الليلة قبل الماضية متظاهران في بغداد، وآخران في الناصرية، وقتيلان في البصرة.
وفي محافظة البصرة الغنية بالنفط، جنوب العراق، يواصل متظاهرون منذ أيام عدة غلق الطريق المؤدية إلى ميناء أم قصر، أحد المنافذ الحيوية لاستيراد المواد الغذائية والأدوية للبلاد. وغادرت غالبية السفن التجارية من دون أن تتمكن من تفريغ حمولتها، وفقا لمصدر في الميناء. وأغلقت المؤسسات الحكومية بالكامل أمس في مدن متفرقة بينها الناصرية والديوانية والكوت، جنوب البلاد.
وفي ظل انقطاع كامل للإنترنت في بغداد والجنوب، تواصل القوات الأمنية اتخاذ إجراءات لمنع وصول أو تفريق حشود المحتجين، الذين يواصلون التظاهر، خصوصا في ساحة التحرير الرمزية، وسط بغداد، فيما أعلنت مصادر طبية عن مقتل اثنين من المتظاهرين.
ويؤكد متظاهرون في ساحة التحرير أن العنف وقطع الإنترنت بهدف تقليص أعداد المحتجين ليلاً، لن يثمرا شيئا. وقال عمار (41 عاماً): «لقد قطعوا الإنترنت قبل ذلك، وهذه مرة أخرى، وسيكون من دون فائدة».
وكانت السلطات قطعت الإنترنت لمدة أسبوعين الشهر الماضي، وشددت الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي التي لا تزال محجوبة حتى الآن، إلا من خلال استخدام تطبيقات «في بي إن». وقالت منظمة «نيت بلوكس» للأمن الإلكتروني إن «هذا القطع الجديد هو أسوأ القيود التي فرضتها الحكومة العراقية منذ بداية المظاهرات» في الأول من أكتوبر.
وقال متظاهر آخر إن «القادة لا يخيفوننا، هم من يخافوننا لأننا مسالمون»، مضيفاً: «الطغاة يرحلون والناس يبقون».
المحتجون العراقيون يتحدون التصعيد الأمني وقطع الإنترنت
تفويض برلماني وقضائي لعبد المهدي لفرض الأمن والنظام
المحتجون العراقيون يتحدون التصعيد الأمني وقطع الإنترنت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة