المحاصصة تحشر الطبقة السياسية في زاوية حرجة

الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر وتدعو للحوار

TT

المحاصصة تحشر الطبقة السياسية في زاوية حرجة

وصفت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت الأوضاع في البلاد بأنها «مروعة» لتدق بذلك ناقوس الخطر. الممثلة الأممية وبخلاف كل القادة العراقيين ذهبت إلى المكان الرئيسي للاحتجاجات الذي يحظى برمزية عالية وهو ساحة التحرير وسط بغداد. ولم تقف بلاسخارت عند هذا الحد، ففي ساحة التحرير استقلت إحدى عربات الـ«توك توك» الصغيرة التي يستخدمها المتظاهرون للنقل والإسعاف داخل الساحة والتي تحولت إلى أيقونة الاحتجاجات.
لا أحد يعرف حتى الآن إذا ما كانت الرسالة وصلت إلى الطبقة السياسية في البلاد أم لا. المؤشرات تقول إن فرص الحلول بدأت تضيق مع ارتفاع سقوف مطالب المتظاهرين والتي باتت تتراوح بين إقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وحكومته كحل وسط قابل للتفاوض، أو إقالة الحكومة والبرلمان معاً، وهو ما يعني نزع الشرعية عن النظام السياسي الحالي الذي تسلم مهمة حكم العراق إثر سقوط نظام صدام حسين في أبريل (نيسان) 2003.
الخيار الأول والذي يقتصر على إقالة عبد المهدي مدعوم من جهات عديدة في البرلمان تقف في المقدمة منها كتلة «سائرون» التي يتزعمها مقتدى الصدر. لكن في مقابل ذلك هناك كتل أخرى أساسية داخل البرلمان ترفض حتى هذا الخيار وتقف في المقدمة، منها كتلة «الفتح» التي يتزعمها هادي العامري فضلاً عن الأحزاب الكردية وأطراف من القوى السنية. أما الخيار الثاني والذي يشمل الحكومة والبرلمان معاً، فإنه خيار مرفوض من كل الطبقة السياسية بأحزابها وقواها ومكوناتها. وفي موازاة ذلك فإن الحكومة والبرلمان لا يزالان يريان أن خيار المفاوضات هو الوحيد الممكن في سبيل الوصول إلى حلول للأزمة الحالية مع مواصلة إطلاق حزم الحلول. لكن حزم الحلول لم تعد تقنع كل المتظاهرين، لا سيما بعد أصوات الرافضين لأي حل هي التي بدأت ترتفع وتطغى على من يقبل بالحلول ذات الطابع الإصلاحي الخدمي.
الأمم المتحدة وعبر ممثلتها في العراق دخلت على الخط لكن ليس عبر «توك توك» ساحة التحرير وإنما عبر إمكانية توظيف الجهود الدولية للوصول إلى حلول مرضية للطرفين مع رفض مطلق لأعمال العنف التي تستخدم من قبل السلطات لمواجهة الاحتجاجات. الممثلة الأممية وفي بيان لها أمس الثلاثاء قالت: «يروّعنا استمرار سفك الدماء في العراق». وأضافت: «الإحباط الشديد لدى الشعب لا ينبغي الاستهانة به أو قراءته بشكل خاطئ». وأكدت أن «العنف لا يولد إلا العنف ويجب حماية المتظاهرين السلميين، لقد حان وقت الحوار الوطني».
الحوار الوطني الذي دعت إليه بلاسخارت تقول عنه عضو البرلمان العراقي آلا طالباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب ألا يكون عبر البيانات التي تحاول تهدئة الموقف أو تعترف بشرعية المظاهرات بل لا بد من اللجوء إلى حلول سياسية وليست أمنية للأزمة الراهنة». وتضم آلا طالباني صوتها إلى صوت ممثلة الأمم المتحدة بأن «العنف بالفعل لا يولد إلا العنف». وأوضحت أنه «في مقابل ذلك فإن غلق الطرق والعصيان في مؤسسة أو شركة لا يدخل في مفهوم حق التظاهر بل هو خرق لنظام الدولة». وعبرت النائبة عن استغرابها من «استمرار القيادات السياسية والكتل والأحزاب بعقد الاجتماعات وإصدار البيانات التي لم تعد تجدي في تهدئة غضب الشارع».
في مقابل ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الفتح محمد الغبان والقيادي البارز في منظمة بدر بزعامة هادي العامري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام البرلماني الحالي ومنذ عام 2003 يواجه صعوبات وتحديات في أداء دوره التشريعي والرقابي وذلك لتكريسها مصالحها الفئوية والحزبية والشخصية وسعيها إلى السيطرة والنفوذ والسلطة بدلا من بناء الدولة الوطنية». وأضاف الغبان أن «الخلل الحقيقي الذي أدى إلى هذا الأداء سواء على الصعيد البرلماني أو الحكومي هو الدستور الذي جيء به بعد التغيير حيث انتقلنا من نظام شمولي مركزي مطلق إلى نظام ديمقراطي لا مركزي منفلت دون التدرج في ذلك ودون تهيئة الأجواء والبيئة المناسبة». وأوضح الغبان أنه «من أجل معالجة تراكمات هذا النظام السياسي والأزمة الأخيرة التي أدت إلى المظاهرات والاحتجاجات الواسعة والفجوة الكبيرة بين الشعب والطبقة السياسية لا بد من معالجة حقيقية للأسباب وليس النتائج، بدءا من تعديل الدستور خاصة فيما يتعلق النظام السياسي المناسب لوضع العراق».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».