نمو الاقتصاد الأميركي يخالف التوقعات... ويتماسك

الاحتياطي الفيدرالي قد يتراجع عن سياسة خفض الفائدة

معدل التوظيف في الولايات المتحدة ارتفع إلى مستويات قياسية الشهر الماضي مما يدعم نمو الاقتصاد (أ.ب)
معدل التوظيف في الولايات المتحدة ارتفع إلى مستويات قياسية الشهر الماضي مما يدعم نمو الاقتصاد (أ.ب)
TT

نمو الاقتصاد الأميركي يخالف التوقعات... ويتماسك

معدل التوظيف في الولايات المتحدة ارتفع إلى مستويات قياسية الشهر الماضي مما يدعم نمو الاقتصاد (أ.ب)
معدل التوظيف في الولايات المتحدة ارتفع إلى مستويات قياسية الشهر الماضي مما يدعم نمو الاقتصاد (أ.ب)

خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بنسبة 0.25 في المائة للمرة الثالثة هذا العام، سعياً للحفاظ على نمو الاقتصاد الأميركي. وقال تقرير لدائرة الأبحاث الاقتصادية العالمية في بنك الكويت الوطني إن تلك الخطوة كانت متوقعة على نطاق واسع نظراً لاستمرار المخاوف تجاه تباطؤ النمو الاقتصادي في ظل استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وفي حين قام الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة، إلا أنه تبنى نبرة متفائلة نسبياً عند ذكر قائمة مطولة بالأسباب التي تجعل الاقتصاد يعمل بشكل جيد في ظل الموقف الحالي للسياسة النقدية بما في ذلك قوة الإنفاق الاستهلاكي وتحسن مبيعات العقارات السكنية.
ويشير قرار الاحتياطي الفيدرالي والبيان الصادر عنه إلى إمكانية إيقاف خفض أسعار الفائدة بما يعرف باسم «تعديل منتصف الدورة» المطبق هذا العام. وكان التغيير الرئيسي الذي طرأ على البيان هو إسقاط إشارة سابقة في بيان سياسته بأنه «سيتحرك بالنحو الملائم».
وستقوم لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة في الوقت الحالي بمراقبة التطورات فقط بهدف «تقييم المسار المناسب» لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية. وصرح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأن المخاطر التي تهدد «النظرة الأولية» أصبحت «تتحرك الآن في اتجاه إيجابي»، إضافة إلى أن الوضع «سيتطلب ورود بيانات لإعادة تقييم مادي للتوقعات الأساسية للجنة».
وبعبارة أخرى، يجب أن تتدهور البيانات الاقتصادية بشكل ملحوظ قبل أن يتم خفض أسعار الفائدة مجدداً أو ارتفاع التضخم بنحو كبير ليتم رفع أسعار الفائدة مرة أخرى. ويستبعد كلا الاحتمالين على المدى القصير، لذا فقد يكون الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من تغيير سياساته في الوقت الحالي.
وأكد التقرير أن الدولار تراجع إلى أدنى مستوياته المسجلة خلال 10 أيام، مقابل العملات الرئيسية الأخرى بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، حيث أدى خفض أسعار الفائدة الأميركية إلى تعزيز جاذبية العملات الأجنبية. كما أنه نظراً لاقتراب مستوى الدولار من أعلى مستوياته التاريخية، فإن أي تحسن في البيانات العالمية له تأثير على الدولار في ظل مراهنات المستثمرين على تحسن معدلات النمو في أوروبا ومناطق أخرى. وفي واقع الأمر، بعد تقلص مخاطر انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاقية وظهور بيانات إيجابية من أوروبا، شهدت الأسواق تعافي الجنيه الإسترليني واليورو بشكل كبير مقابل الدولار الأميركي هذا الشهر.
وكان تباطأ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بمعدلات أقل مما كان متوقعاً في الربع الثالث، حيث ساهمت مرونة الإنفاق الاستهلاكي في تعويض انكماش الاستثمار التجاري بما حد من مخاوف دخول السوق في مرحلة الركود. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي بلغت نسبته 1.9 في المائة في الربع الثالث مقابل 2.0 في المائة في الفترة الممتدة ما بين أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) الماضيين.
وقالت الحكومة في تقديراتها للناتج المحلي الإجمالي إن الشركات تمكنت من الحفاظ على وتيرة ثابتة لتراكم المخزونات وارتفعت الصادرات وانتعشت سوق الإسكان بعد انكماش امتد على مدى ستة أرباع متتالية. ومن جهة أخرى، تباطأ نمو الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي، إلى مستوى 2.9 في المائة الذي لا يزال يعتبر جيداً خلال الربع الأخير، وذلك بعد ارتفاعه إلى 4.6 في المائة في الربع الثاني من العام.
على صعيد العمالة، ارتفعت الوظائف غير الزراعية بمقدار 128 ألف وظيفة في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، متخطية مشاكل إضراب موظفي مصانع السيارات ومتفوقة على التوقعات. حيث ارتفعت الوظائف في مجال الخدمات الغذائية والمساعدات الاجتماعية والأنشطة المالية. في المقابل، ارتفع معدل البطالة إلى 3.6 في المائة، فيما يتسق مع التقديرات، إلا أنه ما يزال قريباً من أدنى مستوياته المسجلة في 50 عاماً. وزاد متوسط الأجر في الساعة هامشياً، حيث ارتفع بنسبة 0.1 في المائة لتصل بذلك الزيادة السنوية للأجور إلى 3 في المائة تمشياً مع التوقعات.
وإلى جانب تحسن الأداء بوتيرة فاقت التوقعات في أكتوبر (تشرين الأول)، تم أيضاً تعديل بيانات الأشهر السابقة بمستويات أعلى. حيث تم رفع التقدير الأولي لشهر أغسطس (آب) والذي بلغ 168 ألف وظيفة إلى 219 ألف وظيفة، بينما قفزت بيانات شهر سبتمبر (أيلول) الماضي من 136 ألف إلى 180 ألف. وبالنسبة للعام الحالي، يبلغ متوسط عدد الوظائف الشهرية 167 ألف مقابل 223 ألف في عام 2018.
ويسهم التقرير في تهدئة المخاوف من اتجاه الاقتصاد الأميركي نحو الركود، كما يساعد في تعزيز سياسة الانتظار والتروي التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحاضر.
بشأن المفاوضات التجارية، صرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة والصين ستعلنان قريباً المكان الجديد للقائه مع الرئيس الصيني شي جينبينغ لتوقيع «المرحلة الأولى» من الاتفاق التجاري بعد أن ألغت تشيلي القمة المزمع عقدها في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني). ونشر ترمب على «تويتر» أن «الصين والولايات المتحدة تعملان على اختيار موقع جديد لتوقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري».
وأدى قرار تشيلي بإلغاء قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في الفترة من 16 إلى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) في تشيلي إلى تحطيم خطط ترمب وشي لتوقيع اتفاق على هامش القمة. ولم يقدم ترمب أي تفاصيل بشأن موعد عقد الاجتماع الجديد، إلا أن البيت الأبيض قال إنه يتوقع الانتهاء من الصفقة «في نفس الإطار الزمني».



ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

أعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ومرشح حزب «الخضر» لمنصب المستشار، عن اعتقاده بأن ألمانيا والاتحاد الأوروبي على استعداد جيد للتعامل مع رئاسة دونالد ترمب الجديدة، لكنه حذر ترمب من أن الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، وسيضر الاقتصاد الكلي.

وقال هابيك، نائب المستشار الألماني، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «أقول إنه يتعين علي وأريد أن أواصل العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. لكن إذا تصرفت الإدارة الأميركية الجديدة بطريقة قاسية، فسنرد بشكل جماعي وبثقة بوصفنا اتحاداً أوروبياً».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن السياسة التجارية للدول الأعضاء به والبالغ عددها 27 دولة.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع البضائع الصينية وما يتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من دول أخرى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، والتي ستشمل السيارات الألمانية الصنع، وهي صناعة رئيسية.

وقال هابيك إنه سيتم التوضيح للولايات المتحدة، من خلال الحوار البناء مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات التجارية الجيدة تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إظهار قوتهما.

وأضاف هابيك: «ردي على ترمب ليس بالخضوع، ولكن بالثقة بقوتنا. ألمانيا قوية وأوروبا قوية».

كانت دراسة أجرتها شركة «بي دبليو سي» لمراجعة الحسابات، قد أظهرت أن اختيار دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، يُشكل تحدياً لصناعة الشحن الألمانية.

وكشفت الدراسة عن أن 78 في المائة من ممثلي الصناعة يتوقعون تداعيات سلبية من رئاسة ترمب، بينما يتوقع 4 في المائة فقط نتائج إيجابية. واشتمل الاستطلاع على ردود من 124 من صنّاع القرارات في قطاع الشحن.

وتمحورت المخاوف حول احتمالية زيادة الحواجز التجارية، وتراجع حجم النقل تحت قيادة ترمب.

كما ألقت الدراسة الضوء على الأزمة الجارية في البحر الأحمر، حيث تهاجم جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران السفن التجارية بطائرات مسيّرة وصواريخ.

وبدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية، والمرتبطة بإسرائيل، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.

وتجنبت عدة شركات شحن قد شملها الاستطلاع، البحر الأحمر خلال فترة الاستطلاع الذي أجري من مايو (أيار) إلى يونيو (حزيران)، فيما لا تزال ثلاث شركات من أصل 72 شركة تبحر عبر المسار بشكل نموذجي، تعمل في المنطقة.

ووفقاً للدراسة، فإن 81 في المائة من الشركات لديها اعتقاد بأن الأسعار سوف تواجه ضغوطاً هبوطية في حال كانت مسارات النقل في البحر الأحمر تعمل بشكل سلس.