المالية الروسية: نمو قياسي لإيرادات «القيمة المضافة»

تدر 30 مليار دولار في 3 سنوات

روسيا تتوقع إيرادات تزيد على 30 مليار دولار خلال 3 سنوات نتيجة قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة منذ بداية العام الحالي (أ.ف.ب)
روسيا تتوقع إيرادات تزيد على 30 مليار دولار خلال 3 سنوات نتيجة قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة منذ بداية العام الحالي (أ.ف.ب)
TT

المالية الروسية: نمو قياسي لإيرادات «القيمة المضافة»

روسيا تتوقع إيرادات تزيد على 30 مليار دولار خلال 3 سنوات نتيجة قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة منذ بداية العام الحالي (أ.ف.ب)
روسيا تتوقع إيرادات تزيد على 30 مليار دولار خلال 3 سنوات نتيجة قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة منذ بداية العام الحالي (أ.ف.ب)

تتوقع وزارة المالية الروسية أن تحقق ضريبة القيمة المضافة إيرادات قياسية للميزانية خلال السنوات القادمة، تكون كافية لتمويل الإنفاق على مجالات عدة، بينها المعاشات التقاعدية للعسكريين، ومشروعات الإسكان والإعمار، وغيرها من المجالات. هذا ما جاء في النسخة المحدثة من توقعات الوزارة المرفقة بمشروع الميزانية الفيدرالية للسنوات الثلاث القادمة، وفق ما ذكرت صحيفة «آر بي كا» الروسية. ويعود الفضل في النمو القياسي لتلك الإيرادات إلى قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 2%، أي حتى 20%، اعتباراً من مطلع العام الجاري.
ووفق التوقعات المحدثة تقول الوزارة إن الميزانية قد تحصِّل خلال سنوات 2020 - 2022 إيرادات تزيد على تريليوني روبل (أكثر من 30 مليار دولار) نتيجة قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة. وتتوقع أن تصل تلك الإيرادات حتى 639 مليار روبل (نحو 10 مليارات دولار) عام 2020، ومن ثم حتى 686 مليار روبل في العام التالي، وأخيراً حتى 737 مليار روبل عام 2022، وانطلقت الوزارة في توقعاتها هذه من تحليل عاملي أجرته للعائدات المتوقعة من ضريبة القيمة المضافة، ركزت فيها على آثار توسيع القاعدة الضريبية في نتيجة نمو الناتج المحلي الاسمي، وتعزيز إدارة هذه الضريبة من قبل دائرة الضرائب الفيدرالية، وزيادة قيمتها بقدر 2%. وبالتالي تؤكد أن الإيرادات الإضافية التي سيتم تحصيلها حصراً من الزيادة على معدل الضريبة المضافة (تقدر بنحو 7% سنوياً)، ستتجاوز معدل التضخم (المعدل المستهدف 4% سنوياً)، أي أن إيراداتها ستنمو بالقيمة الفعلية. وستكون إيرادات الزيادة على ضريبة القيمة المضافة كافية لتمويل فقرات إنفاق في الميزانية، مثل «الإسكان والمرافق» أو «حماية البيئة»، كما ستكفي لتغطية المعاشات التقاعدية للعسكريين والعاملين في الأمن.
وتُعد ضريبة القيمة المضافة واحدة من أكثر الضرائب تحصيلاً في روسيا، وباستثناء عائدات النفط والغاز، تشكّل واحداً من مصادر الإيرادات الرئيسية للميزانية، وفّرت للدولة عام 2018 إيرادات بقيمة 6 تريليونات روبل، أو 31% من إجمالي الإيرادات. ومع أن هذه الضريبة تُفرض على قطاع الأعمال، إلا أن المستهلكين هم من يدفعونها، إذ يتم تضمينها في أسعار السلع والخدمات. وتشير بيانات وزارة المالية إلى أن إيرادات ضريبة القيمة المضافة المحلية ارتفعت خلال تسعة أشهر من عام 2019 بنسبة 16%، حتى 3.16 تريليون روبل، وبنسبة 14%، حتى تريليوني روبل بالنسبة إلى إيراداتها على البضائع والمنتجات المستوردة، مقارنةً بالإيرادات خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة كان واحداً من حزمة قرارات تبنتها الحكومة الروسية في إطار ما وصفته بـ«إصلاحات اقتصادية»، وأثار جدلاً واسعاً في الوسط الاقتصادي كما لدى الرأي العام المحلي. وعبّر كثيرون عن قلقهم إزاء ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة ذلك القرار، لا سيما في ظل تدني دخل المواطنين. ومنذ بدء العمل به مطلع العام الجاري، ارتفعت أسعار العقارات والسيارات والبنزين والألبسة، والمعدات المنزلية، وأسعار الخدمات.
في شأن آخر من الاقتصاد الروسي، أكد رئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف أهمية مواصلة دعم صادرات القطاعات غير النفطية، والتي لا تتصل بالطاقة، وقال خلال اجتماع أمس مع أندريه سليبنييف، مدير المركز الروسي للصادرات، إن «شركات كبرى وصغيرة تستفيد على نحو متزايد من خدمات المركز»، وأكد أن «دعم الصادرات توجه رئيسي لا بد الاستمرار به». من جانبه قال سليبنييف إن المركز قدم نحو 14.3 مليار دولار في إطار دعم الصادرات الروسية خلال تسعة أشهر من العام الحالي، شملت الدعم في مجالات التأمين والتمويل والترويج، وأشار إلى نمو صادرات القطاعات غير المتصلة بالخامات الطبيعية منذ بداية النصف الثاني من العام، بعد تعقيدات في النصف الأول نتيجة الظروف في أسواق المعادن والأخشاب.
كانت صحيفة «إزفستيا» قد ذكرت، نقلاً عن قسم الدراسات المرافقة لنشاط التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد، أن حجم صادرات القطاعات الروسية غير النفطية وغير المتصلة بالخامات والطاقة تراجعت في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 4.7%، لأول مرة منذ عام 2017، ولم تتجاوز قيمتها 671.1 مليار روبل. وتقلصت بشدة صادرات القمح ومنتجات الصلب والحديد والطائرات. بينما أظهرت صادرات البلاتين والألمنيوم والأسلحة والذخيرة نمواً. وأحالت الوزارة تلك الدينامية السلبية إلى انخفاض أسعار الصلب والبتروكيماويات، والمنتجات الخشبية. هذا فضلاً عن تدني محصول الحبوب في روسيا مقارنةً بحجم المحصول القياسي عام 2018.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.